في اليمن وعلى رأس الأُمَّـة.. قائدٌ بحجمِ أُمَّـة

موقع أنصار الله || مقالات || العلامة موسى المعافى*

أتانا من عُمق الآية 81 من سورة الإسراء (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا).

لقد شاء ربكم بمثله قائداً أن يشهدَ العالم لمطلع الفجر شروقاً، وسد الله به في أمتنا ثغرات الجهل ورمم به في صروح عقيدتها شقوقاً..

فعلى طول شبه الجزيرة العربية وعرضها، من كان قبله يستطيع أن يرفع صوته صارخاً بالموت على اليهود والأمريكان!؟

من كان قبله يستطيع أن يحرض الشعوب وعلانيةً على الجهاد في سبيل الله، لتكون الكلمة لله وحده الملك الكريم المنان!؟

ومنذ استأسدت قوى الطاغوت الأكبر على أمتنا من ذا سواه كان لسفينة محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- خير ربان!؟

من سواه آمن يوم كفر معظم الملوك والزعماء!؟

أمن سواه زمجر في وجوه الظالمين يوم تحول إلى فئران سلاطين أمتنا والرؤساء!؟

وَمن سواه أعلن كفره بكل قوة على وجه البسيطة قد يخشاها غير قوة الملك القوي الديان!؟

من سواه -بربكم- قام يوم جبن وقعد الناس!؟

من سواه جعل -بفضل الله- أعتى إمبراطوريات هذه الدنيا تضرب الأخماس في الأسداس!؟

من سواه صار رقماً صعباً يشكل خطراً حقيقيًّا على أنذال هذا العالم والأرجاس!؟

من سواه بعصرنا مرغ أنوف المستكبرين وفراعنة العصر في التراب، وجرعهم الهزائم ولا يزال وسيظل وأفقدهم الصواب، وضرب بينهم وبين السكينة والأمن ألف حجاب!؟

من سوى هذا القائد الأُسطورة سرت في كُـلّ ذرات كيانه (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا….) “52 الشورى”، فغدا جسداً على هذه الأرض للقرآن، وسياطاً مسمومة على ظهور اليهود والأمريكان، وحمماً بركانية تصهر أكباد الاستكبار والطغيان!؟

من سوى هذا القائد المعجزة الذي صنع من عجز أمته إعجازاً إلهياً أصاب تقنيات الغرب بالذهول، وأورث تفتح ورود الشرور الزائفة بالذبول، وحبس مارد تنميتهم واقتصادهم في قنينة الملل والكسل واليأس والخمول!!

لقد مكثنا زمناً طويلاً نقف على شطآن بحار المستحيلات ونحلم بعبورها إلى يابسة استقامة وصمود ورباطة جأش وثبات، وعزم وتصميم للملمة تشرذمنا والشتات، ولإخلاص لربنا العظيم وصدق في النيات، لكننا للأسف الشديد لم نحرك ساكناً فقد أحكمت قبضتها على إرادتنا الأهواء، وأعمت عيون بصائرنا زخارف الدنيا والأضواء، فمن سوى هذا القائد العلم صدع بالحق وَخاطب كُـلّ أحرار الأُمَّــة والشرفاء!!

وقال يا أمتي: لا يمكنكم عبور البحار فقط عن طريق الوقوف وَإطالة التحديق في الماء، وتقدم الصفوف وضرب بعصا موسى بيمناه -عليه السلام- البحار فحطم في نفسياتنا كُـلّ الحواجز والسدود، وحرك بأفعاله قبل أقواله فينا السكون والجمود، وَبدد بصدق كلماته ظلمات الركود.

إنه أسد الله المغوار.. وصواعق الملك الحق العدل على سائر الطغاة في زماننا وَالأشرار.. وهو حيدرة عصرنا الكرار.. إنه قائد أُمَّـة بحجم أمَّة أطل علينا من مسك ختام الآية “2” من سورة الطلاق، فجعل الله على يديه فرجاً ومخرجاً لأمَّة تائهة من وطأة أعتى وأشرس غمة..

ومن مطلع الآية “41” من سورة الحج تجلى ابن البدر بدراً فأبصر بأنواره كُـلّ مستضعفي الدنيا ومضطهديها طريقهم نحو المعالي ليبلغوا من المجد قمة..

لا تستغربوا يا -سادتي القراء الكرام- لا تستغربوا فرغم كُـلّ ما أسلفت ما أنصفته، ولا بعشر معشار حقيقته، ومهما حاولت سرد شمائله فسأبقى مقصراً معترفاً بأنني أنقصته وظلمته..

فداك روحي يا أبا جبريل، فمن سواك بعصرنا لبني الإنسان إلى مرافئ عزتهم صرت الهادي والدليل، ومن سواك من بين كُـلّ زعامات هذا العالم اليوم -إلا من حذا حذوك- أصدق سيد وقائد مبجل جليل.

تبارك ربنا الله المبدع المنعم الذي قسم لسماحتكم أعذب لسان، فأظهرتم به أبلغ بيان، وجعلكم -جل شأنه- شاهداً يعبر عن صحوة ضمير قائد إنسان، وَجوهر حاكم يفصل الخطاب وهو لكل عبارة مضيئة عنوان، وأكرم بسماحتكم من قرآن ناطق يُرد به الجواب، وتفتح به إلى الخيرات الأبواب، وَعز ربنا وجل؛ إذ اصطفاكم شافعاً تُدرَكُ به الحاجات، ومشخصاً للعلل وَواصفاً لكل ترياق تبرئ به الآهات، وواعظاً ينهى عن القبيح ويحرّر القلوب من سجون الغي والظلم والظلمات.

أين كنا قبل تجلي أنوار سماحتكم!؟ وأين صرنا بحكمة قيادتكم!؟

أما كنا سراباً وأصبحنا حقيقةً!؟ أما كان وطننا دولةً نامية تخضع سيادته لكم من دولة شقيقة وصديقة!؟ أما كان يحكمنا الأمريكي من داخل سفارته بصنعاء وكنا نظن أن وجوده بيننا آية على علاقة بلدينا الوثيقة!؟

وحين جاء وعد الله.. ولد خير مشروع عظيم وتجلت بسموات ضمائر أُمَّـة الحكمة والإيمان مصاديق القرآن، وَفقهنا ما نسمعه من هدى الله على لسان سماحتكم يا علم الهدى وَحفيد النبي العدنان عليه وآله أفضل الصلاة وأزكى السلام، وصرنا نعي معنى قول ربنا عز وجل في الآية “179” من سورة آل عمران (مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْـمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآَمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ)، وترى أمتنا مثل ما رأى كُـلّ أبناء هذا الوجود.

نعم رأت كيف صنع -لوصولك- بقدرته سبحانه وتعالى المتغيرات، وقدم الأسباب والمسببات، وَبدماء خلفك أيها القائد الشجاع، بدماء خلفك القائد المؤسّس السيد الشهيد حسين بن بدر الدين الحوثي، ودماء من معه من النفوس الأبيات عليه وعليهم أزكى رضوان الله والرحمات.

وشاء الله بكل ذلك أن تأتي، فأتيت أنت -عليك السلام-، لا من راح -أتيت- وريحان، ولا من رفاهية قصور محاطة بأشجار ذات أفنان، ولا من حياة أبهة وزخارف ولمعان، بل أتيت من حياة ملؤها التضحيات، وأيام تزدحم بها من حولك المآسي وَالنكبات، وليال من معاني الفرح مجدبات، أتيت من سويداء مشاهد الأسى بكربلاء، من صرخة جدك الحسين -عليه السلام- بهيهات منا الذلة بوجوه الأدعياء.

أتيت من لوعات السيدة زينب وبنات المصطفى خاتم رسل الله والأنبياء عليه وعليهم أفضل صلوات الله وأزكى التسليم، أتيت وعداً من العظيم الذي لا يخلف الميعاد في الآية “69” من سورة العنكبوت، أتيت من كُـلّ ذلك حتى يظل النبض في قلب إسلامنا ولا يموت..

وحتى يتم الله نوره ويعلي كلمته، نعم أتيت أنت..

أتيت بلسم هدى تبرد به الأحزان، ونور قرآن دعت به أقذار الغفلة والأدران، ودعوة رشد توحد به الأوطان..

أتيت -عليك السلام- اعتذاراً رفعت به الضغائن، وَكنزاً ثميناً حرّرت به من أسر ضلالها الرهائن، ويد حب وإخلاص نحرت بها الثارات والعداوات والملاعن..

أتيت بإذنِ الله صوتاً امتلك جمالةَ الأسماع، وَقوةَ حجّـةٍ أحسنت لذوي الألباب الإركاع، وهمة زارع للمودة حرث أُلفةً فخطف إبداع عمله المقتدين به من الزراع، وحاصداً أتيت تستأصل العداوة والغل وحب التملك والجشع والأطماع..

وأتيت يا ابن بدر الدين شاكراً يستوجب من ربه المزيد والمزيد..

وَمؤمناً تقياً ورعاً يلين بين يديه فولاذ المستحيل والحديد، وناصحاً أميناً يستحق الألفة قسمةً ونصيباً من الله في قلوب العبيد، ومؤنساً يذهب الوحشة بأُسلُـوب فريد، وسيداً لفصل الخطاب والقول السديد..

أتيت من سورة الضحى غنياً عن كُـلّ من سوى الكريم المتعال، ومن سورة الأحزاب من المؤمنين أُمَّـة كلها أصدق رجال، وأتيت من سورة الفرقان (وعباد الرحمن..) فاختزلت في أعماقك أسمى وأرقى الصفات وَالخصال..

أتيت وحين أتيت كشف الله بكم الحقائق، واستبان المناضل الوطني الغيور مُجَـرّد حقير خائن عميل مرتزِق منافق..

وسقطت الأقنعة لترى عيون بصائرنا أن قوي الأمس الأمين لم يكن سوى مُجَـرّد ضعيف أمام أهوائه وَسارق حاذق..

غربلت جموعنا بنهر طالوت، وَتبخرت المفاسد، ولم يبقَ في أرضنا وعليها سوى أسود الحق الذين بأظافر غيرتهم على دينهم وشرفهم ووطنهم سيقطعون -بعون الله- امتداد جالوت، وكيف لا يكون ذلك كذلك وقد أتيت من أجزاء القرآن وسوره وآياته لمسيرة الحق المبين بعصرنا خير باهوت.

وأيقن الطاغوت الأكبر أن فجر مسيرتكم النوراني سيطال بيته الأسود، وسيبدل طغيانه وكفره بالإيمان بالله الواحد الأوحد، وأن زحف عدالتكم لن يوقف تقدمه سد؛ لأَنَّه سيظل آسرَ قلوب المضطهدين الأحمد.

لقد علم الطاغوت أن ذلك لكائن ولا ريب فحرك في منطقتنا العربية خنازيره والأذناب، وَصنع من دولهم تحالفاً لإبادة أمتنا بدعوى تطهير اليمن من الكفرة والمجوس والروافض وَمليشيات الإرهاب، لقد كادوا لوأد نور الله في مهده فجعل الله كيدهم كسابقه في تباب..

وَانتصرت.. انتصرت أُخرى يا قائد ثورة القرآن، وأذهلت انتصاراتك أحفاد القردة والخنازير من اليهود والأمريكان، وَظل عزمك وَعلى طول وعرض تسع سنوات متوقداً لم يصبه وهناً ولا استكان..

لقد كانت هذه الفترة كافية لإبادة الأُمَّــة بمعية سماحتكم لكن…!!

هذا في حسابات المقصرين أمثالي!!

أما في حسابات (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)، في حسابات (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)، في حسابات (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ)، في تلك الحسابات يعطل الكيف وتذوب الماديات، وتذعن الإمْكَانات، وتركع بين يدي أولياء الله الصادقين المستحيلات..

ومن الصفر بدأت يا مولانا لتنتهي خلال فترة وجيزة إلى قوة يذل بها المستكبرون، ويعز بها الإيمان والمؤمنون، ويفهم كُـلّ ذي بلادة وغباء معنى قول خير الناصرين عز من قائل كريم (وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)، وَها أنتم يا ابن بدر الدين لمنامات قوى الشر تؤرقون، وللكيان الغاصب بكل أراضي أمتنا الفلسطينية المحتلّة بنيران نصرتكم للمستضعفين هنالك تستهدفون، وبينه وبين مؤنه وإمدَاداته القادمة من البحرين الأحمر والعربي تحولون، وَها هي يمنُكم التي لم تكن تعرف في معظم دول العالم صارت حديث فخر عذب لكل سكان المعمورة ومنه لا يملون ولا يكلون..

دياركم اليمانية يا قائد الثورة المباركة ودياركم لا سواها من بين كُـلّ الدول العربية والإسلامية هي التي في كُـلّ يوم تمتلئ بشعبها بها الميادين والساحات، وَتكتظ بشبابها وَأسودها مراكز التدريب والمعسكرات (الوفاء ما تغير.. عهد الأحرار باقي..) تردّدها سيول جماهير شعب اليمن الهادرة بوقفاتها المُستمرّة والمسيرات، في أُمَّـة قائدها أبو جبريل في كُـلّ يوم تضطرم نيران الغضب وَتتواصل ليوم المواجهة الكبرى مع قوى الطاغوت الأكبر الاستعدادات.

وهنا لتسمحوا لي يا سادتي القراء الكرام أن أجزم فأقول لقد بت على يقين لا يخالطه شك بأن زوال أمريكا سيكون أقرب مما قد تتخيلون وعلى أيادينا نحن اليمانيين.

وما كُـلّ ذلك بل وأكثر من ذلك إلا لأَنَّ (على رأس خير أُمَّـة قائد بحجم أمَّة).

 

* عضو رابطة علماء اليمن

قد يعجبك ايضا