200 يوم من الإبادة على غزة .. حصيلة ضحايا مفزعة
موقع أنصار الله – متابعات – 14 شوال 1445هـ
بعد 200 يوم من العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع عزة، تبدو عواقب الحرب مفزعة من حيث ضخامتها واستهدافها المباشر والمتعمد للمدنيين الفلسطينيين.
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان استعرض في بيان له -الثلاثاء- بالأرقام العواقب الكارثية لجريمة الإبادة الجماعية المستمرة في غزة، مشيرًا إلى أن “إسرائيل” تواصل هجومها بذات الوتيرة والممارسات المروعة، متجاهلة المطالبات المتصاعدة بوقف إطلاق النار؛ ومتسلحة بحماية أمريكية وأوروبية ومواقف دولية لا تتجاوز في أحسن الأحوال بيانات الإدانة.
ويدفع المدنيون الفلسطينيون ثمنًا باهظًا وغير مسبوق بفعل استهداف قوات العدو الإسرائيلي لهم بشكل ممنهج ومتعمد في إطار عملية عقاب جماعي، تهدف فيما يبدو إلى إنهاء الوجود الفلسطيني بالقتل والتشريد، مستخدمة شتى أنواع الذخائر والصواريخ والقنابل، بما فيها ذخائر أمريكية وصلت تباعًا لمخازن جيش العدو الإسرائيلي ، وفق المرصد.
حصيلة مرعبة
ووفق البيان؛ قتلت قوات العدو الإسرائيلي خلال 200 يوم من الهجوم 42,510 فلسطينيين، منهم 38,621 مدنيًا، بينهم 15,780 طفلًا، و10,091 امرأة. وما يزال هناك عدة آلاف من الشهداء تحت الأنقاض، فيما هناك آلاف من المفقودين غير معروف مصيرهم.
وأبرز المرصد أن معدل القتل اليومي بلغ 212 فلسطينيًّا، فيما تقتل إسرائيل يوميًّا 79 طفلًا و50 امرأة، وهي أرقام مرعبة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وفي سياق الحروب المعاصرة.
وأشار إلى أن طواقمه وثقت آلاف الجرائم المحددة التي استهدف فيها جيش العدو الإسرائيلي مدنيين فلسطينيين دون ضرورة أو تناسب، أي أنها حولت المدنيين إلى أهداف مشروعة، بما في ذلك قصف منازل ومراكز إيواء على رؤوس قاطنيها، وإعدام خارج نطاق القانون، وقصف عشوائي بهدف الترهيب، فضلا عن أن من بين الشهداء 140 صحفيًّا، و485 من الطواقم الطبية، و66 من طواقم الدفاع المدني.
كما أدى عدوان الكيان الإسرائيلي إلى إصابة 79,240 فلسطينيًّا، غالبيتهم العظمى من المدنيين، و70% منهم من الأطفال والنساء، ومنهم لا يقل عن 11,000 حالة خطيرة تتطلب السفر لتلقي العلاج المنقذ للحياة، فيما تعرض أكثر من 1,200 لحالات بتر أو إعاقات دائمة.
المقابر الجماعية
وأشار الأورومتوسطي إلى بروز ظاهرة المقابر الجماعية لأول مرة في تاريخ الصراع بهذا الحجم والشكل، بحيث وثق أكثر من 140 مقبرة جماعية أو عشوائية أو مؤقتة في مناطق متفرقة من قطاع غزة، وفي حالات عديدة تم توثيق حالات دفن نفذتها القوات الإسرائيلية لأشخاص أعدمتهم ميدانيًّا.
وذكر أن المقابر الجماعية المكتشفة في المستشفيات، خاصة في مجمع الشفاء الطبي في غزة ومجمع ناصر الطبي في خانيونس، تثير شبهات بأن جيش العدو الإسرائيلي نفذ إعدامات خارج نطاق القانون بحق أشخاص معتقلين ومحتجزين ثم أقدم على دفنهم.
وبهذا الصدد أشار إلى العثور على أشخاص مقيدين وأشخاص يبدو أنهم كانوا يتلقون علاجات، وهو ما يستوجب فتح تحقيق دولي في هذه الجرائم غير المسبوقة، علمًا أن هذه الحالات تختلف عن المقابر المؤقتة التي أقامها الأهالي والطواقم الطبية لدفن ضحايا خلال فترة حصار المستشفيات ومحيطها، وهو أمر تكرر في المستشفى الإندونيسي ومستشفى كمال عدوان شمال غزة، ومستشفى الأمل في خانيونس.
كما أشار إلى أن قوات العدو الإسرائيلي نبش عشرات المقابر وانتشل مئات القتلى وأخضعتهم لتحليل DNA وأخفى جثامين وسلمت أخرى دون تقديم أي معلومات عن الضحايا، وسط مخاوف من تعرضهم للتشويه.
غزة غير قابلة للحياة
وأبرز الأورومتوسطي أن قطاع غزة أصبح فعليًّا غير قابل للحياة نتيجة حجم التدمير الهائل الذي نفذه العدو الإسرائيلي في المنازل والبنى التحتية، والذي طال أكثر من 60% من مباني قطاع غزة، ونُفذ أغلب التدمير بالقصف الجوي أو من خلال نسف المربعات السكنية.
وتشير التقديرات -وفق البيان- إلى أن “إسرائيل” أسقطت أكثر من 70 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة، إلى جانب عمليات التجريف، بما في ذلك عمليات التدمير التي طالت جميع المباني بعمق يصل إلى كيلومتر واحد شرقي وشمالي القطاع بهدف إقامة منطقة عازلة، وكذلك التدمير الواسع الذي رافق شق العدو الإسرائيلي طريقًا يربط شرق القطاع بغربه جنوبي مدينة غزة، والذي يأتي في إطار خطة إسرائيل لفصل مدينة غزة وشمالها عن وسط القطاع وجنوبه.
وذكر الأورومتوسطي أن الحصيلة الأولية غير النهائية تشير إلى تدمير 131,200 وحدة سكنية كليًّا على الأقل في قطاع غزة، وإلحاق دمار جزئي بـ 281,000 وحدة أخرى، فيما دمرت قوات العدو الإسرائيلي آلاف الكيلومترات من شوارع قطاع غزة وحولتها إلى طرق ترابية مليئة بالركام، من دون وجود ضرورة عسكرية.
ولتحقيق ذلك؛ دمرت “إسرائيل” غالبية المباني العامة في قطاع غزة، بما في ذلك مئات المعالم الحضارية والمباني الخدماتية وآبار المياه، و103 مدارس ومؤسسات تعليمية بين كلي وجزئي، وجميع جامعات غزة تقريبًا، و241 مسجدًا بشكل كلي و318 مسجدًا بشكل جزئي إلى جانب 3 كنائس.
التهجير القسري
بموازاة ذلك نفذت “إسرائيل” أكبر وأوسع عملية تهجير قسري في التاريخ الحديث، حين أجبرت بأوامر إخلاء عسكرية وتحت وطأة القصف والقتل مليوني فلسطيني على النزوح والعيش في مراكز إيواء وخيام، حيث يتركز أكثر من نصفهم في مدينة رفح الحدودية التي تتعرض في الأيام الأخيرة لعمليات قصف مكثفة وتهديدات متصاعدة باجتياحها، لاستكمال الهجوم العسكري فيها على غرار ما حدث في باقي مناطق القطاع.
وأكد الأورومتوسطي أن “إسرائيل” لجأت منذ اليوم الأول للهجوم إلى استخدام التجويع كسلاح في حربها الدامية، من خلال إغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات ومن ثم عرقة إدخالها، وتحديد الأنواع المسموح بدخولها، بما في ذلك قتل مئات الجياع خلال انتظار قوافل المساعدات.
واستهدفت هذه السياسة بشكل خاص سكان محافظة غزة وشمالها، حيث ما يزال يوجد 300 ألف فلسطيني عانوا وما يزالون من مجاعة حقيقية تسببت بوفاة 30 منهم، أغلبهم من الأطفال، إضافة إلى فقدان جميع السكان آلاف الأرطال من أوزانهم نتيجة عدم توفر الغذاء، مع انعكاسات ذلك الخطيرة على صحتهم العامة.
وتسببت حالة النزوح الجماعي في أماكن جغرافية محدودة مع غياب الرعاية الصحية بتفشي خطير للأمراض، حيث وثقت وزارة الصحة 1,090,000 مصاب بالأمراض المعدية نتيجة النزوح، و8,000 حالة عدوى التهابات الكبد الوبائي الفيروسي بسبب النزوح، وهناك 350,000 شخصًا مصابين بأمراض مزمنة معرضين للخطر بسبب عدم إدخال الأدوية. فيما تبقى نحو 60,000 سيدة حامل مُعرَّضة للخطر لعدم توفر الرعاية الصحية.
استهداف مراكز الإيواء
واستشهد ما لا يقل عن 408 نازحين وأُصيب 1,406 آخرين في 349 حادثًة أطلقت فيها الذخائر تجاه مراكز إيواء، وفقًا لتقرير صدر عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، في 16 نيسان/أبريل. وشهدت أكثر من 85% من هذه الأحداث إطلاق الذخائر، حيث أسفر ما لا يقل عن 160 حادثة عن إصابات مباشرة. فضلًا عن ذلك، استشهد 178 موظفًا من موظفي الأونروا في قطاع غزة جراء الهجمات الإسرائيلية.
وبشكل ممنهج، عملت “إسرائيل” على تدمير النظام الصحي، فأخرجت 32 مستشفى من أصل 36 عن الخدمة، بما فيها أكبر مستشفيين؛ مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة ومجمع ناصر الطبي في خانيونس، وأخرجت 53 مركزًا صحيًّا عن الخدمة، فيما استهدفت 159 مؤسسة صحية.
الاعتقالات والتعذيب
من جهة أخرى أبرز الأورومتوسطي اعتقال القوات الإسرائيلية أكثر من 5 آلاف فلسطيني بينهم مئات النساء، من منازل ومراكز إيواء وأثناء التنقل على الطرق خلال عملية النزوح القسري، وتواصل إخفاء جميع هؤلاء قسرًا، وتعرضهم لأصناف قاسية من التعذيب وصل إلى حد القتل.
وتلقى المرصد عشرات الإفادات من معتقلين مفرج عنهم عن تعرض المعتقلين، بمن فيهم أطفال ونساء، لأصناف غير مسبوقة من الانتهاكات والضرب بما في ذلك التعذيب المفضي إلى الموت والحرمان من العلاج وترك ندوب فارقة، والتعرية الجسدية والتحرش والعنف الجنسي.
ونبه الأورومتوسطي إلى أنه بعد مرور 200 يوم تستعد قوات الاحتلال لتنفيذ هجوم آخر واسع في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، دون إيلاء اهتمام لنحو 1.2 مليون إنسان من السكان والنازحين الذين لجؤوا إليها منذ إعلانها منطقة آمنة من جيش العدو الإسرائيلي. وينذر اقتحام المدينة بالنظر لأعداد النازحين بمذبحة كبرى، فيما تثار مخاوف جدية من سيناريو النزوح القسري والتهجير إلى خارج القطاع ودفع سكانه للمصير المجهول.