خطورة عدم تحمل المسؤولية ومساوئ العلوم التي تبعد الأمة عن القرآن

موقع أنصار الله | من هدي القرآن |

أنا أشعر من خلال تأملي للقرآن الكريم, ومن خلال تأملي للواقع – وقد أكون مخطئاً عند الكثير – أن الزيدية تعيش حالة من الذلة أسوأ من التي ضربت على بني إسرائيل، علماؤنا وطلاب علمنا, ومجتمعنا بكله، نعيش في حالة من المسكنة والذلة أشد مما ضربه الله سبحانه وتعالى على بني إسرائيل؛ لأننا أضعنا المسؤولية.

ومن أعظم المسؤولية التي نضيعها هو: أننا ونحن نطلب العلم, ونحن نحمل علماً لا نعمل على إحياء كتاب الله، ونتشبث بأشياء هي مما يضلنا, ويبعدنا عن كتاب الله، نتشبث بعلوم هي مما يضلنا ويبعدنا عن هدي الله, وعن حيوية كتابه؛ كلها قد تطلعك في الأخير بالشكل الذي لا يعرف الله معرفة قوية، وتطلع بها عالماً تبحث عن المبررات عن الحِيَل، فتعيش عمرك لا تقدم للإسلام خدمة، تعيش عمرك لا تقدم للإسلام أي شيء، اللهم إلا أن أراك متديناً فأنت حينئذ تقدم الدين على أنه تلك السلوكيات المعينة، فتكون أنت من يرسخ نظرة هي في واقعها إيمان ببعض القرآن وكفر ببعض.

إذا كنت أظهر نفسي مهتما بجوانب معينة، وأصور للمجتمع أن من كان على هذا النحو هو ولي الله، وهو العابد، وهو الولي، وهو التقي، والأشياء المهمة في الدين بما فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ووحدة الكلمة لا أهتم بها.. هل الزيدية كلمتهم واحدة؟ علماؤهم, متعلموهم, مجتمعهم, هل كلمتهم واحدة؟.لا. حتى طلاب المنتدى حتى العاملون في المنتدى ليسوا متوحدين، هل يستطيع الإنسان أن يحرك طلاب المنتدى, والعاملين فيه أن يخرجوا في يوم واحد مثلاً لمظاهرة؟ أو أن يرفعوا شعاراً في يوم واحد؟ أو أن يتخذوا موقفاً معيناً؟. لا, كلهم مربون تربية على أن كل شخص له قناعاته, وله وجهة نظره، ولا بد أن كذا، ولا بد أن يقتنع، ولا بد أن يتأمل, ولا بد أن يعرف, ولا أحد يرتبط بأحد.

نحن مفرقون واليهود يجتمعون، ونحن نتفرق وبين أيدينا القرآن الكريم الذي فيه الوسائل المهمة التي هيأها الله لتؤلف بين الناس, لتوحد كلمتهم، واليهود توحدوا على الرغم من أن الله قد ألقى بينهم العداوة والبغضاء.. أليس كذلك؟ ثم تمر السنين, ونحن لا نضع حداً لهذه الحالة.

نقول: نحن تفرقنا خلال الثلاثين سنة الماضية إذاً فلنتوحد، نحن كلنا مصرون على أن نسير على هذا الروتين الممل في هذه الحياة، نسير على هذه المسيرة، لم نلتفت إلى أنفسنا لفتة جادة أن نتوحد فيما بيننا، ثم لا نلتفت إلى أنفسنا ونحن نرى أنفسنا في أحط مستوى مقارنة بما عليه بنو إسرائيل, لا نلتفت إلى ما بين أيدينا ربما هناك خلل في ثقافتنا، ربما هناك خلل في نظرتنا للحياة.

أنا شخصياً أعتقد أن من أسوأ ما ضربنا وأبعدنا عن كتاب الله وأبعدنا عن دين الله، وعن النظرة الصحيحة للحياة وللدين، وأبعدنا عن الله سبحانه وتعالى هو [علم أصول الفقه]. بصراحة أقولها أن فن [أصول الفقه] هو من أسوأ الفنون، وأن [علم الكلام] الذي جاء به المعتزلة هو من أسوأ الأسباب التي أدت بنا إلى هذا الواقع السيئ، أبعدتنا عن الله، أبعدتنا عن رسوله، عن أنبيائه.

ألـم يُقدم الأنبياء في فن [علم الكلام] عند من يقرأ المقدمات المنطقية التي جاء بها المعتزلة في الاستدلال، ألم تصبح أنت تنظر إلى الأنبياء في منطقهم – الذي عرضه القرآن الكريم – منطق مرشدين مساكين موعِّظين؟! ألم يقل أولئك وهم يتناقشون: هل يصح الاستدلال بالقرآن الكريم في مجال معرفة الله أم لا؟. طائفة تتناقش, أو يحصل بينها خلاف حول هذه النقطة فترى الكثير منهم يقولون: لا.. [لا يصح الإستدلال على معرفة الله بالقرآن لأن ذلك يستلزم الدور].

أليس كلنا يعتقد أن هذا يؤدي إلى الدور؟. يقولون لنا: الاستدلال بالقرآن الكريم على معرفة الله يستلزم منه الدور، أولاً يجب أن تعرف الله بطرق منطقية عقلية, مقدمات عقلية هناك، ثم متى عرفت الله؛ لأن صحة القرآن متوقفة على معرفة الله، هكذا يقولون؟!. فيبدو هذا الاستدلال منطقياً – هو استدلال مغلوط من أساسه – فيبدو الأنبياء في القرآن الكريم في منطقهم وهم يتحدثون مع أممهم، وهم يتحركون في إبلاغ رسالات الله في أوساط أممهم يبدون أناساً لا حكمة لديهم ولا حنكة, ويبدون أناساً ضعافاً مرشدين موعِّظين! فنحن من لا نعرف أنبياء الله، ونحن من لا نعرف كتاب الله بالشكل المطلوب.

 

بصراحة أقول هذه: أن الزيدية لا يُتوقع أن تنهض إلا إذا ما نظرنا نظرة موضوعية لنصحح ثقافتنا، فما كان قد وصل إلينا عن طريق السنية، وما كان في الواقع هو من تراث السنية، أصول الفقه هو سني، ليس صحيحاً أنه من علم أهل البيت، دخل إلى أهل البيت، ودخل إلى الزيدية وتلقّفوه.

علم الكلام جاء من عند المعتزلة، والمعتزلة سنية، [كتب الترغيب والترهيب] كثير منها, ومنطق الترغيب والترهيب كثير منه هو من عند السنية، هذه علوم جاءتنا من عند فئة ضالة فأضلتنا.. أضلتنا فعلاً، ونحن نشهد على أنفسنا بالضلال، هل نستطيع أن نشهد على واقعنا أنه واقع صحيح؟ وعلى أننا بالشكل المطلوب في أننا نؤدي ما أوجب الله علينا, وما طلب منا, وما يريد منا؟. لا. ما السبب في ذلك؟. هل أن الدنيا هكذا؟. أم أن ثقافتنا فيها أخطاء؟. ثقافتنا فيها أخطاء ولو أُتَيح لنا إن شاء الله في المستقبل أن ندْرُس كتاباً في علم الكلام، وندْرُس كتاباً في [أصول الفقه] لنبَّهناكم على الكثير، الكثير من الأخطاء التي أثرت تأثيراً سيئاً علينا، أبعدتنا عن القرآن، عن الاهتداء بالقرآن.

فإذا كنا لا نزال نتشبث بهذين الفنين فسنطلع ولو طلع فينا آلاف العلماء كل واحد منهم سيتحرك لحاله لا تجتمع لنا كلمة، ولا تتوحد لنا نظرة، ولا موقف، ولا صف، ولا شيء، ونظل غثاء كغثاء السيل.

لماذا كان في الماضي واحد من أهل البيت يحرك أمة بأكملها؟ عندما كانوا يتحركون بروحية القرآن، لكننا الآن مجاميع لا نحرك شيئاً، مجاميع لا نصنع شيئاً، مجاميع لا نعمل شيئاً، مجاميع قد نكون في يوم من الأيام لقمة سائغة لليهود، وقد نتعرض لأسوأ المواقف وأخطر الحالات من جانب اليهود، ونحن لا نستطيع أن نصنع شيئاً.

أختم كلمتي هذه بالتنبيه على أنه يجب أن يكون غايتنا كطلاب علم هي قول الله تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ}. وأن تكون مسيرتنا ونحن نطلب العلم هي مسيرة أولئك الذين قال عنهم: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (القصص:14).

وأن نعتمد على القرآن الكريم اعتمادا كبيراً نتأمله نتدبر آياته حتى نستطيع أن ننقذ أنفسنا، حتى نستطيع أن نحظى برضوان الله سبحانه وتعالى فيرضى عنا.

وأن نتوب إلى الله من هذا الواقع الذي نحن فيه، في أكثر من مجلس أطلب من الناس جميعاً, ومن نفسي أن نتوب إلى الله، وقد يكون البعض يستغربها، أنا أستطيع أن أقسم – على حسب ما أفهم من القرآن الكريم – أننا في حالة خزي في الدنيا وأن المتوقع هو العذاب العظيم في الآخرة – من خلال القرآن الكريم – أن الحالة التي نحن عليها هي خزي في الدنيا, وضياع لكتاب الله, ولا يتوقع بعدها إلا عذاب في الآخرة. ما أدري إذا كان أحد يرى أن هناك مبررات لنفسه، من الذي يستطيع أن يصنع مبررات لنفسه؟ لا أحد يستطيع.

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا إلى ما فيه رضاه، ونقول: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}(البقرة: من الآية250)، ونسأله الهداية سبحانه وتعالى, أن يهدينا سواء السبيل، وأن يرزقنا ذلك النور الذي قال عنه: {قدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ}(المائدة: من الآية 15 – 1) وأسأله أن يرزقنا العلم, العلم به سبحانه وتعالى, فنعرفه معرفة كافية، العلم بعظمة كتابه, بعظمة رسوله، بعظمة دينه، بعظمة المسؤولية الملقاة على كواهلنا إنه على كل شيء قدير.

 

أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام

دروس من هدي القرآن الكريم

مسؤولية طلاب العلوم الدينية

‏ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي

بتاريخ 09/03/2002

اليمن – صعدة

قد يعجبك ايضا