غزة صمودٌ رغم المعاناة
موقع أنصار الله ||مقالات || مرتضى الجرموزي
غزة 200 يوم من الصمود رغم الجراح والمعاناة، ورغم الصعاب والمواجع ورغم المتاعب والفقد والأحزان إلّا وبفضل الله سبحانه وتعالى، وبفضل المجاهدين الثابتين والشعب الصابر كانت قد ولا تزال تسجل ملاحم بطولية في وجه آلة الحرب الصهيونية الأمريكية.
حرب ضروس وشرسة تُشن عليهم لم يخنعوا، تُرتكب بحقهم أبشع وأفظع الجرائم لم ينكسروا، تحالف عليهم عالم النفاق والعربدة والبغي والاستكبار لم يهنوا ولم يذلوا.
خذلتهم أنظمة وشعوب عربية وإسلامية فلم ييأسوا، فلا زالوا شعباً جبّاراً يوقد في الماء نار الانتقام ضد قطعان الصهيونية العالمية، من تحت الانقاض ومن على الركام تنهض الرجال، ومن تحت سطح الأرض بأمتار تبتلع الرجال ما جمع وحشد له العدوّ من عُدة وعتاد وقوى بشرية قتلاً وتنكيلاً بضربات حيدرية وكمائن موت تنقض على قطعانه المتقدمة ضرباً بالرقاب وثخناً.
إنها غزة يا سادة، غزة هاشم غزة الجهاد والاستشهاد غزة الإسلام والمقاومة، لا تلد إلّا مجاهداً صواماً قائماً ساجداً آناء الليل واثباً مرابطاً على متارس القتال يذود وفي مواقع الرباط وثكنات الجهاد يذود بكل بسالة وصبر وتحد.
إن تحدثت عنها فتلك هي ولّادة الأسود الكاسرة والأشبال المفترسة من دخلها غازياً أكرمته بالنار والبارود وبالهاون حمماً تتساقط على رأس كُـلّ متكبر وفاجر وعربيد وطأها بقدميه.
ففي 200 يوم والعدوّ بكامل قواه العسكرية واللوجستية والاستخبارية يستفحل بشره وإجرامه بعبثية ضد نساء وأطفال، لم ينل من عزيمتهم، لم يكسر ثباتهم، ولم يحقّق شيئاً من سراب أحلامه؛ فكيف له ليحقّق أهدافه ضد رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى شهيداً في سبيل الله بعد أن أثخن في أوساط العدوّ القتل والتنكيل، ومنهم من ينتظر في موقعه مرابطاً وفي مترسه يرصد يتقرب خطوة قدم صهيونية ليرسلها إلى جنهم ملعونة مطرودة شبعت من لحمها الكلاب.
200 يوم وشعوب وأنظمة عربية خليجية تحيط بالعمالة والتطبيع، تمني نفسها السقوط السريع للمجاهدين وفصائل المقاومة ولشعب غزة أكثر مما يسعى له العدوّ الصهيوني، ولسان حال هذه الأنظمة تصرخ، تستنجد، تتوسل، تناشد، تطالب بسرعة القضاء على المقاومة وطي صفحة حركات الجهاد وتخليص المنطقة من مشروع التحرّر والسيادة والاستقلال الذي تتبناه غزة شعباً ومقاومة.
ومع الفشل الذريع الذي مُني به العدوّ وعجزه من تحقيق الأهداف المعلنة والسريّة فقد كان ومنذُ البداية يحمل المشروع التدميري والإجرامي بحق من يقف بطريقه، وها نحن رأينا عبثيتَه وإسرافَه بالجرائم والقتل والتدمير الشيطاني لتصل إحصائية جرائمه وعدوانه بحق المدنيين إلى أرقام خيالية، حَيثُ بلغ عدد الشهداء ما يزيد عن 35 ألف شهيد وبلغ عدد الجرحى الـ75 ألفًا، بينما بلغ إجمالي المفقودين ومن هم تحت الأنقاض أكثر من 10 آلاف معظمهم نساء وأطفال كجرائم حرب إبادة جماعية سُجلّت بالشراكة بين العدوّ الصهيوني وأنظمة عربية وعالمية ومن خلفهم أمريكا الشيطان الأكبر.
وعلى مرأى ومسمع ومباركة وتأييد العالم خيره وشره، فقد ارتكب العدوّ عشرات الآلاف من المجازر الجماعية وحوّل غزة إلى كومة من خراب دمّـر فيها كُـلّ شيء.
دمّـر المنازل على رؤوس الأهالي، دمّـر المؤسّسات العامة والخَاصَّة، استهدف دور العبادة ومدارس التعليم ومراكز الإيواء ومخيمات النزوح.
عاث الفساد والتدمير بحق المؤسّسة الصحية والخدمية وحوّل المراكز الصحية والمستشفيات إلى مقابر جماعية، فتك بالجثث والأحياء.
قتل الأطفال، قتل النساء، قتل الرجال، استقوى على المدنيين والعزّل والأسرى.
قتل الطفل، قتل الكبير والصغير، قتل الأبناء والأُمهات والآباء، قتل الأجنة في بطون أُمهاتهم، قتل التلميذ والمعلم، قتل المريض والطبيب، قتل الجريح والمسعف، قتل البشر والدواب، جرف الطرق وعبث بالمقابر، قطع وأحرق الشجر والحجر!
ورغم ما ارتكبه وفداحة جرائمه إلّا أنه فشل عسكريًّا وخسر أخلاقياً وتعرض لهزائم مذلة لم يسبق أن خسرها منذُ مجيئه لقيطاً إلى فلسطين مستوطناً محتلّاً بمساعدة أمريكية بريطانية وبتواطؤ عربي.
ستبقى غزة منتصرة عامرة صامدة رغم المعاناة، مجاهدة بأبنائها بمقاومتها الباسلة الشجاعة.
ستبقى فلسطين عربية إسلامية بمقدساتها بأبنائها بمقاومتها بمجاهديها الأبطال.
وستخرج منها الصهيونية مهزومة ذليلة ولن تقوم للخونة والمطبعين قائمة.
وما النصر إلّا من عند الله العزيز الحكيم..