يوم القدس العالمي.. يوم لإعادة الروح إلى جسد الأمة
يوم القدس يوم لتسليط الضوء على القضية الفلسطينية وإعادتها إلى دائرة اهتمام الأمة ووجدانها وأولويات همومها وهو يوم أُعاد فيه الإمام الخميني رضوان الله عليه ضبط البوصلة باتجاه القدس ، وباتجاه القضية الفلسطينية التي أُريدَ لها أن تضيع في دهاليز التطبيع ووهم السلام وكذبة المفاوضات …
ومنذ حوالي أربعة وثلاثين عاماً خرجت المسيرات الملبية لنداء الواجب المقدس ولم تتوقف مسيرة الأحرار والمستضعفين معلنة أن تحرير القدس مسؤولية الشعوب ، وأن القدر وإرادة الشعوب توأمان لا ينفصلان ، ولأن الشعوب هي وحدها الضحية وهي وحدها من تدفع الثمن – كان لزاماً عليها أن تواجه هذا الخطر من خلال التأكيد على محورية قضية فلسطين والمسجد الأقصى المبارك ومواجهة كل محاولات التغييب المتعمّدة لقضية فلسطين ومن أجل ترسيخها في ضمير ووجدان الأمة من منطلق أنها الحق الذي يجب علينا استعادته والمسؤولية التي سنسأل عنها ، يقول السيد حسين – رضوان الله عليه – بهذا الخصوص : يقول السيد حسين – رضوان الله عليه – (( قضية العدو الصهيوني ليست قضية تخص الفلسطينيين ، إنها قضية المسلمين جميعاً ، حتى لو اعترف الفلسطينيون أنفسهم بإسرائيل ، حتى لو رضوا بأن يكونوا عبارة عن مواطنين داخل دولة إسرائيل فإنه لا يجوز للمسلمين أن يقرُّوهم على ذلك ، ولايجوز أن يتخلوا عن جهادهم في سبيل إزالة هذه الغُدة السرطانية كما أطلق عليها الإمام الخميني رحمة الله عليه … ))
وعلى أي حال فالقدس أضحت رمزاً لقضية ذات أبعاد مختلفة ، فهي قضية الإسلام ، وقضية العروبة ، وقضية فلسطين ؛ وكلُ منتمٍ إلى أحد هذه الأبعاد مسؤولٌ عنها ومكلف بالدفاع عنها وإحياء يوم القدس العالمي في هذه المرحلة الخطيرة التي تحياها الأمة الإسلامية يمثل فرصة كبيرة لخدمة القضية وفي نفس الوقت لتوحيد كلمة المسلمين الذين وصلوا إلى مستوى لا يُحسدون عليه من شتات وفرقة وصراع داخلي كاد أن يحرف بوصلة العداء ويخرج القضية من دائرة الاهتمام ، ليأتي هذا اليوم كرمزية تشير إلى الحضور القوي لهذه القضية في أذهان الأمة وحضور الأمة أيضاً في ساحات الدفاع عن كرامة الأمة لا بل و استعدادها المتزايد للقيام بما تنصلت عن القيام به الحكومات وهنا أيضاً تبرز حجم الهوّة الكبيرة التي تفصل بين طموح الشعوب والواقع الهابط للحكومات .
إن إحياء يوم القدس العالمي سنوياً وبحضور شعبي كبير ويكبر عاماً بعد آخر يجعلنا نسأل :على بُعد كم نحن نقترب من تحرير فلسطين واستعادة الأقصى الشريف ؟ السيد عبدالملك كان واضحاً في خطابه الجماهيري في المناسبة إلى نقطة هامة جداً حين تحدّث عن ضرورة أن تربط قضية إحياء يوم القدس العالمي بمسـار عـمـلـي كبير وشـامل حتى نضمن خلق توجه ينخرط فيه الجميع وعليه تبنى السياسات وتوضع الخطط .. مشيراً إلى أن وجود تحدي كبير بهذا المستوى الذي يواجه الأمة يمثل فرصة وحافزاً لبناء الأمة .
في يوم القدس العالمي تتحرك المسيرات ملبية للنداء ومعلنة أن في الأمة من الشرفاء والرجال الأوفياء من لا ينسى القضية ولم تخرج يوماً عن دائرة اهتمامه وإن تعددت الخطوب والمؤامرات ، إلا أن القدس تبقى هي القضية الأولى والحق الواجب علينا الحفاظ عليه والدَين الذي لا يكتملُ الدِين إلا بتأديته.
كما أن إحياء يوم القدس العالمي هذا العام بالشكل الاستثنائي الذي شهدناه عكس حالة من إيمان الشعوب الإسلامية بالمقاومة ومراهنتها عليها كخيار لا بديل عنه ، ولو ذهبت السلطة الفلسطينية إلى مفاوضات ضرت بالقضية الفلسطينية أكثر مما نفعتها وهو إمعان في تجريب مجرب وسلوك طريق هم حكموا عليه مسبقاً بانسداده ، لكن الوعي الذي يخلقه يوم القدس العالمي لدى شعوب الأمة الإسلامية يُرجح الكفة باتجاه الشعوب ويعيد رسم خارطة المنطقة كما تريد الشعوب لا كما تشاء أمريكا ..