في ميادين المواجهة مع أعداء الله يصبح الرجل المهم له قيمته العالية
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
فالمهم في هذا الموقف أن فيها دروس، وفيها خسارة كبيرة هي خسارة حمزة، ورسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) تألم جداً على حمزة؛ لأنه كان في ظرف أحوج ما يكون إلى شخص كحمزة، رجل شجاع، ورجل مخلص، ورجل مؤمن، ورجل قوي في ذات الله، وأي قائد يدخل في مواجهة مع آخرين يعرف قيمة الرجل المهم.
الآن لأننا لسنا في مواجهة مع أعداء الله لا قيمة لبعضنا عند بعض إن مات هذا، أو قتل أو راح هذا ليست مشكلة, لكن في ميادين المواجهة مع أعداء الله يصبح الرجل المهم له قيمته العالية، ويعرف الناس الحاجة الماسة إليه، رسول الله تألم جداً على حمزة، على قتله، ثم على قتلته على تلك الطريقة والتمثيل الذي حصل له من قبل أم معاوية هند بنت عتبة.
ومما عبر عن تألمه الكثير هو أنه صلى عليه مع بقية الشهداء فكبر عليه – كما يقال – سبعين تكبيرة، وصلى عليه مع الكل، أيضاً في المدينة عندما عاد إلى المدينة والنساء في المدينة يبكين على القتلى، وضجة في المدينة، قال: إلا حمزة فلا بواكي عليه! تألم جداً، فنساء المدينة كلهن بكين على حمزة، وأصبحت سنة عند أهل المدينة – لا أدري إلى الآن – كما يقال: سنة جيل بعد جيل، أنهم إذا مات فيهم ميت، أو قتل قتيل يبكون على حمزة أولاً، ثم على ميتهم، مواساة لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).
فعندما نزور أحد، ونزور سيد الشهداء حمزة مواساة لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أولاً، وتذكيراً بجهود ذلك البطل، وتقديراً لروحيته العالية لأنه كان إنساناً متوثباً في ميادين القتال في سبيل الله، وطاعة رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) فسماه رسول الله سيد الشهداء.
هنا لاحظوا الفوارق كبيرة تأتي داخل النفسيات، يخرج المئات من الناس مجاهدون في سبيل الله، وأبطال مقاتلون في سبيل الله، لكن عمق الإخلاص، الإخلاص درجات متفاوتة، الوعي درجات متفاوتة، الإيمان درجات متفاوتة.
فرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) سمّى حمزة سيد الشهداء، مع أنه قتل شهداء آخرون، ولهم مكانتهم، ولهم فضلهم، ولهم درجتهم العالية، فالمسألة هكذا، ليس هناك خط يرتقي إليه الناس جميعاً في مقامات الإيمان، في مقامات الإخلاص، في مقامات الإستبسال، تفاوت كبير، ألسنا مؤمنون بالآخرة كعناوين، كما يؤمن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) نؤمن بالآخرة كعناوين، لكن هل إيماننا كإيمان علي بن أبي طالب؟ يختلف اختلافاً كبيراً، هل إيماننا كإيمان رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)؟ لا، يختلف اختلافاً كبيراً.
فعندما يقول رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) لحمزة، يسميه: سيد الشهداء، لا يعني ذلك هضماً للآخرين أبداً؛ لأنه أن يعطى الإنسان ما يستحقه، وفوق ما يستحقه هذه هي الدرجة العالية، لا يهضم أبداً، أن يعطى الإنسان ما يستحقه. إذا أنت تريد أن تستحق أكثر أخلص أكثر، وتفانى أكثر، واستبسل أكثر.
حمزة عندما سماه رسول الله سيد الشهداء لم يكن لاعتبار أنه من أقاربه، عمه أبو لهب ألم يلعنه القرآن، وينزل سورة فيه خاصة {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} (المسد:1)؟ ليست قضية قرابة، قضية تقدير، تقدير لروحية حمزة، واستبساله، لما يعلمه عن الله عن واقع حمزة في نفسه فسماه سيد الشهداء، لم تكن الألقاب عند رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) مثلما هي الآن عند الملوك والرؤساء، رتبة لواء، أو عميد، أو من هذه الألقاب يسبر فيها وساطة! لا، تأتي من قبل الله الذي يعلم بخصائص النفوس، والذي يعلم بذات الصدور.
فنحن عندما نزور حمزة ندعو الله سبحانه وتعالى أن يرحمه، وأن يجزيه عن رسول الله، وعن الإسلام خير الجزاء، ونقرأ [الفاتحة، والإخلاص] إلى روحه.
أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام
دروس من هدي القرآن الكريم
من ملزمة دروس من غزوة أحد
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: ذو الحجة 1422هـ
جبل الرماة – المدينة المنورة