مع انقضاء 2016.. هُـــزِمَ العدوان وانتصر اليمن
موقع أنصار الله || صحافة محلية || إبراهيم السراجي / صدى المسيرة
مع انطلاقِ العام الميلادي الجديد 2017، يمكنُ القولُ إنَّ الحربَ الإعلامية المرافِقة للعدوان السعودي الأمريكي، مرت بعدة مراحلَ، بينها ثلاث مراحلَ رئيسيةٍ، انعكست الهزيمةُ العسكريةُ التي تعرض لها العدوان، على الأداء الإعلامي والصحفي الغربي، وكذلك ترهَّلت معها الآلة الإعلامية التابعة للنظام السعودي والموالين له.
يقفُ النظامُ السعودي وقوى العدوان، اليوم، عاجزين عن كبح جماح التقارير الصادرة عن المُؤسّسات الإعلامية والسياسية والعسكرية الدولية، فهذا النظام ومن معه، لم يعد بالإمكان منحهم أكثر مما منحوا في الفترة الماضية، فالحرب التي كان يراد حسمها في أيام امتدت منذ الربع الأول للعام 2015 وها هي اليوم تعانق العام 2017 فكيف بإمكان صحيفة بريطانية أَوْ أمريكية، مهما حصلت على الأموال، أن تردد الاسطوانة الإعلامية السعودية وتقول على مدى 366 يوماً أن قوات على بعد 70 كيلو متر من العاصمة صنعاء تتقدم كُلّ يوم باتجاهها؟ مثل هذه المجاراة والمكابرة التي يعيشها الإعلام السعودي لا يمكن أن تنطبقَ على الإعلام الدولي.
ورغم أهميّة الإعلام في الحروب، إلا أنه يأخذ أهميّة خَاصَّة بالنسبة لقوى العدوان، فالنظام السعودي على سبيل المثال، لديه الاستعداد للقبول بالخسائر المادية والبشرية اليومية، لكنه لا يريد بأي حالٍ أن تصل للناس تلك المشاهد التي يبثها الإعلام الحربي اليمني، وقد كشفت بعض المعلومات عن سعي ذلك النظام للوصول إلى تسوية، لا توقف ما يتعرض له من هزائم من جيزان ونجران وعسير، ولكن توقف عرضها في الشاشات وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وفشلت في ذلك بطبيعة الحال.
عندما لا تحقق النصر “المتوقع” فعليك أن تنتظر الكثير من الأحاديث والكلام عن الهزيمة، ولذلك وفي الربع الأخير من العام 2016، بدأت وسائل الإعلام ومراكز الدراسات العالمية، تسهب في الهزيمة التي تعرض لها النظام السعودي وقوى العدوان على اليمن، فقد انتهى الوقت والحديث عن نصر محتمل أصبح خارج مجال المنطق، وليس بوسع مُؤسّسة مثل “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى” أن تمهل 10 دول ومعها الولايات المتحدة وبريطانيا، في مواجهة جيش ولجان شعبية تحت حصار عامين، للتحدث عن نصر، فوجود الجيش واللجان لحد اللحظة وحده هزيمة كبيرة ناهيك عن أنهما ما يزالان يقتحمان العمق السعودي، ولذلك وفيما لم يكن محبباً للنظام السعودي أن يسمعَ ذلك ولم يكن بوِسْـع “معهد واشنطن إلا أن يقول إن الجيش السعودي الذي يمتلكُ أقوى ترسانة عسكرية في الشرق الأوسط ومنافسة على مستوى العالم، ما هو إلا “نمر من ورق” خيّب آمال الولايات المتحدة.
في الصحافة الفرنسية، حيث حَظِي النظام السعودي بمجاملة مدفوعة الأجر، ولكن مع نهاية العام 2016 هل ما زال بإمكان الصحافة هناك أن تقنعَ الفرنسيين أن “عصر الحزم” ما يزال متعثراً في مأرب؟ وهل بإمكانها أن تقنعهم أن صاحبَ الطائرات والبارجات والابرامز وهو يجدُ نفسَه يدافع في منطقة سقام عن آخر أسوار مدينة نجران، ما يزال “حازماً” فعلاً؟، بالتأكيد هذا لا يمر سوى على قلة من السعوديين عندما تخاطبهم صحيفة “عكاظ” السعودية، أما الصحافة الفرنسية كما يقول موقع “ديكريبت” اكتشفت أن السياسة الخارجية العدوانية للنظام السعودي (يقصد عهد سلمان) ما هي إلا تعبير واضح عن “الضعف”.
أما الضعف فقد كان بإمكان سلمان أن يبقيَه سراً، لكن الموقع الفرنسي يعتقد أن السر هذا أصبح ذائع الصيت؛ لأن رجلاً كسلمان أطلق على نفسه صفة “الحزم” تلقّى هزيمة مدوية في اليمن عندما حاول أن يثبت جدارته بتلك الصفة.
خلال العام الماضي اتضحت الكثير من المفارقات التي تمكن اليمنيون من لعب دور البطولة فيها، ففي الوقت الذي كان غزو اليمن والسيطرة عليه خلال أشهر قليلة أحدَ أهداف العدوان، إلا أن النتيجة وعلى عكس المنطق والمألوف، شاهد العالَمُ أن اليمنيين (بالمعنى المباشر) هم مَن يغزون الأراضي السعودية ويتوغلون في جيزان ونجران وعسير، وإذا كان المدافعون عن أراضيهم في وجه الغزاة ينتصرون انْتصَاراً صريحاً وكاملاً إذا تمكنوا من إفشال الغزو، فإن ما فعله اليمنيون قد تجاوز مفهوم النصر بكثير إذ كانوا من توغل في عمق الغزاة.
مفارقة أخرى، تنبهت لها معظمُ مراكز الدراسات الغربية والصحف أيضاً، وتتمثل في أنه وبينما كان يريد محمد بن سلمان أن يصلَ إلى عرش المملكة من بوابة الحرب على اليمن، كما كان واضحاً للجميع، إلا أن الهزيمة التي تعرض لها دفعت مجلة “وول ستريبت جورنال الأمريكية” لنشر تقريرٍ بعنوان “محمد بن نايف يعودُ للواجهة على وقع فشل محمد بن سلمان في اليمن”. وكانت هناك الكثير من التقارير المشابهة والتي تقول إن بن سلمان بات يركز على الملف الاقتصادي وينأى بنفسه عن الحرب على اليمن، التي بات فشله فيها يهدد طموحه بالوصول إلى العرش.
إذن هي المفارقة التي صنعها اليمنيون وضربت عمق النظام السعودي، فاليمن الذي أريد له أن يكون سُلّماً للوصول إلى العرش، تحوّل إلى منحدر يبعد الطامحين عنه.
مع اقتراب العام 2016 من نهايته كان العالم يدرك، أن الوقتَ بالنسبة للعدوان قد انتهى، ولم يعد هناك ما يمكن فعلُه لنيل “الشرف” الذي فقده العدوان، ولذلك لم تكن التقارير تتحدث عن واقع اللحظة ولكنها كانت تضعُ أحكامَها النهائية التي ربطت قوى العدوان بالفشل والهزيمة؛ ولأنها، أي التقارير، تتحدث عن النهاية، فهي لم تجهد نفسَها حتى في وضع فرضيات لحدوثها، فقد هزم العدوان وانتهى الأمر، وما بعد ذلك سوى أن العدوان ينتقم من اليمن من الهزيمة التي تعرض لها.
وبالرغم من أن الحرب وإن انتصر فيها طرفٌ معيّن، إلا أن السمة الغالبة التي تشكل صورة تلك الأطراف هو أنها ستبدو منهكةً وضعيفةً؛ نظراً للوقت الطويل الذي خاضته في المعارك، ولكن هل هذا ينطبقُ على الجيش واللجان الشعبية؟
أحدُ الإجابات يوردُها موقع “ذا ترومبيت” الأمريكي في تقرير مطول قبلَ أيام كان عنوانه الرئيسي “الحربُ المنسية في الشرق الأوسط” ويعني بها الحرب على اليمن، ومن بين عناوينه الفرعية عنوان يقول إن الجيش واللجان الشعبية باتوا “أكثرَ قوةً وجرأة”.