غزة.. مجازر مستمرة بغطاء غربي وتواطئ عربي

 

 

منذ أن بدأت الأطماع الاستعمارية الصهيونية تتجسد في أرض فلسطين، ومنذ قيام الاحتلال الإسرائيلي عام 1948بدعم بريطاني وغربي يعاني الشعب الفلسطيني من مظلومية مستمرة، وجاءت علميات التهجير اليهودي إلى فلسطين على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، مما أدى إلى نكبة فلسطينية المستمرة منذ عقود، تخللتها حملات تهجير قسري، ومجازر وحشية، وسياسات تمييز عنصري طالت الأرض والشعب.

 هذا التاريخ الطويل من المعاناة الطويلة التي تجاهلها العالم ومنظماته الدولية والحقوقية شجعت العدو الإسرائيلي على مواصلة الايغال في سفك الدماء الفلسطينية و ما يجري اليوم من قمع وإبادة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي وما ترافق مع ذلك من تنفيذ عمليات عدوانية و استهداف لقادة المقاومة وبأسلوب همجي متحديا الاعراف الدولية و النواميس الإنسانية كذلك هو استمرار للنهج الصهيوني العدواني.

 

طوفان الأقصى: عملية فرضتها مؤامرة تصفية القضية الفلسطينية

 

كانت عملية طوفان الأقصى الاستباقية التالي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية حتمية فرضتها حقائق لا تقبل الشك عن تعرض القضية الفلسطينية لخطر وجودي يتمثل في اجندات صهيونية وأمريكية وعربية لتصفية فصائل المقاومة تحت عناوين وشعارات براقة منها التطبيع والمصالح الاقتصادية والناتو العربي ولذلك فقد جاءت “طوفان الأقصى” كعملية دفاعية ضرورية لحماية المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني. هذا التصعيد لم يكن مجرد رد فعل على استفزازات الاحتلال، بل كان خطوة استراتيجية لحماية القدس والمسجد الأقصى من محاولات التهويد المستمرة، وللتأكيد على أن المقاومة ما زالت حية وتعمل على الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة..

 

رد انتقامي مجنون

لم يتأخر العدو الاسرائيلي في التعبير عن وحشيته وعمل على مهاجمة غزة بشكل جنوني واستخدام القوة المفرطة والوحشية في قصفه لغزة، مستهدفا المناطق السكنية والبنى التحتية والمستشفيات والمدارس والمخيمات و الأحياء و الأموات وبشكل متعمد، في محاولة لشل حركة المقاومة وكسر إرادة الشعب الفلسطيني. هذه الممارسات كشفت مرة أخرى عن الوجه الحقيقي للاحتلال الذي لا يتورع عن استخدام أقسى أنواع العنف لتحقيق أهدافه، كما كشفت عن وجهه الإجرامي الشيطاني وأنه كيان خطير يهدد الوجود البشري بكله..

 

عدد المجازر وحجم الضحايا

 

الحرب الأخيرة على غزة أسفرت عن سقوط آلاف الضحايا من المدنيين، بينهم نساء وأطفال. المجازر التي ارتكبها العدو الإسرائيلي لم تقتصر على استهداف المواقع العسكرية، بل شملت المدارس والمستشفيات والمنازل، ما أدى إلى مئات الآلاف وتشريد قرابة مليوني فلسطيني. هذه الجرائم تؤكد على أن الاحتلال لا يميز بين مدني ومقاوم، وأنه يسعى لتدمير البنية الاجتماعية والنفسية للشعب الفلسطيني.

وبحسب مكتب الإعلام الحكومي في غزة  الفلسطينية في قطاع غزة فقد بلغت حصيلة المجازر الصهيونية منذ السابع من أكتوبر 2023 ولغاية 6 أغسطس 2024م:

  • ارتكب العدو الإسرائيلي (3,486) مجزرة خلفت (49,897) شهيداً ومفقوداً، بينهم (10,000) مفقودٍ ، (39,897) من الشهداء وصلوا إلى المستشفيات.
  • استشهد (16,456) طفلا بينهم (36) طفلا نتيجة المجاعة، كما استشهدت (11,088) امرأة.
  • استشهد (885) من الطواقم الطبية و (79) شهيداً من الدفاع المدني و (168) شهيداً من الصحفيين، وأقام العدو الإسرائيلي (7) مقابر جماعية داخل المستشفيات انتشل منها (520) شهيداً.
  • جرح (92,152) مواطنا ، (69%) منهم من الأطفال والنساء، واستهدف العدو (175) مركزاً للإيواء.
  • هناك (17,000) طفل يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما و (3,500) طفل معرّضون للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء و (12,000) جريح بحاجة للسفر للعلاج في الخارج و (10,000) مريض سرطان يواجهون الموت وبحاجة للعلاج و (3,000) مريض بأمراض مختلفة يحتاجون للعلاج في الخارج و (1,737,524) مصاباً بأمراض معدية نتيجة النزوح و (71,338) حالة عدوى التهابات كبد وبائي بسبب النزوح.
  • هناك (1,300,000) جرعة لقاح يمنع العدو الإسرائيلي إدخالها إلى قطاع غزة و (60,000) سيدة حامل تقريبا مُعرَّضة للخطر لانعدام الرعاية الصحية و (350,000) مريض مزمن في خطر بسبب منع إدخال الأدوية.
  • هناك  (5,000) معتقل من قطاع غزة خلال حرب الإبادة الجماعية و (310) حالات اعتقال من الكوادر الصحية و (36) حالة اعتقال صحفيين ممن عُرفت أسماؤهم.
  • دمر العدو الإسرائيلي (150,000) وحدة سكنية كلياً و (80,000) وحدة سكنية غير صالحة للسكن و (200,000) وحدة سكنية دمرها العدو الإسرائيلي جزئياً، كما أن هناك (2) مليون نازح في قطاع غزة.
  • دمر العدو الإسرائيلي (198) مقراً حكومياً و (121) مدرسة وجامعة بشكل كلي و (333) مدرسة وجامعة بشكل جزئي، كما أعدم العدو الإسرائيلي (110) علماء وأساتذة جامعات وباحثين.
  • دمر العدو الإسرائيلي (610) مساجد بشكل كلي و (214) مسجدٍ بشكل جزئي و (3) كنائس.
  • ألقى العدو الإسرائيلي (82,000) طن من المتفجرات على قطاع غزة.
  • أخرج العدو الإسرائيلي (34) مستشفى عن الخدمة و (80) مركزاً صحياً ، واستهدف العدو (162) مؤسسة صحية و (131) سيارة إسعاف و (206) مواقع أثرية وتراثية و (3,030) كيلو متر أطوال شبكات الكهرباء ، كما دمر (34) منشأة وملعباً وصالة رياضية و (700) بئر مياه.
  • الخسائر الأولية المباشرة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بلغت أكثر من  (33) مليار دولار..

 

الغطاء الغربي والتواطؤ العربي تجاه جرائم العدو الإسرائيلي

 

في خضم هذه الأزمة الإنسانية، قدمت الدول الغربية بقيادة أمريكا غطاء سياسيا وعسكريا لعملية الإبادة التي يشنها العدو الإسرائيلي وبشكل صارخ وتحديا لكل القوانين والأعراف الدولية وكشفت الأنظمة الغربية عن أنها لا تختلف عن مجرمي الحرب في “تل أبيب” وأنهم صهاينة مجرمون، فلم تتأخر هذه الأنظمة في تقديم الدعم السياسي والعسكري لإسرائيل، ووقفت حاجزًا أمام أي محاولات دولية لوقف العدوان أو محاسبة “إسرائيل” على جرائمها.

 هذه المواقف تكشف عن ازدواجية المعايير التي يتعامل بها الغرب مع قضايا حقوق الإنسان، وتؤكد على أن المصالح السياسية والاقتصادية تتفوق على المبادئ الأخلاقية والإنسانية، كما ساهمت بعض الأنظمة العربية المتواطئة في إتاحة الوقت للعدو الصهيوني لمواصلة مجازره بحق الأطفال والنساء حيث تشهد الساحة العربية والإسلامية تراجع غير مسبوق وخذلان لأبناء فلسطين لا سابق له ومن الغريب أن بعض الأنظمة العربية تجاوزت كل الخطوط في مساندتها للكيان الصهيوني تارة بالتصدي للعمليات العسكرية التي تستهدفه من محور المقاومة وتارة بتقدم جسور برية من خلالها استطاع العدو الالتفاف على الحصار البحري الذي يفرضه اليمن، كما تمادت بعض الأنظمة العربية بتوظيف وسائلها الإعلامية للتحدث بنفس الخطاب الصهيوني واتهام وتشويه المقاومة الفلسطينية ورموزها وقادتها وتقديم من خلال ذلك دعم معنوي للعدو هذا عوضا عن الدسائس والمؤامرات التي تجري في الغرف المغلقة..

 

 

اغتيال القيادات الفلسطينية في الخارج: انتهاك للقانون الدولي

لم يوقف العدو الإسرائيلي عند حدود فلسطين في عملياتها العدوانية، بل امتدت يده الإجرامية لتطال القيادات الفلسطينية في الخارج. اغتيال العدو لقادة المقاومة مثل إسماعيل هنية وفؤاد شكر في بلدان خارج فلسطين يشكل جريمة واضحة وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي. هذه الاغتيالات لا تعكس فقط همجية الاحتلال، بل تشير أيضًا إلى مدى التواطؤ الدولي مع إسرائيل، حيث لم تواجه أي عقوبات أو مساءلة على هذه الجرائم.

 

مأساة الشعب الفلسطيني داخل مخيمات النزوح

 

مع تصاعد العدوان، زادت مأساة الشعب الفلسطيني داخل مخيمات النزوح. القصف المستمر، ونقص الغذاء والدواء، وظروف الحياة القاسية جعلت من هذه المخيمات بؤرًا للمعاناة الإنسانية. الأطفال والنساء يعانون من الجوع والمرض، والمخيمات تحولت إلى مراكز للعذاب والحرمان، مما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليات أخلاقية وإنسانية لإنهاء هذا الوضع المأساوي.

 

موقف عالمي مساند لغزة

على عكس موقف الأنظمة الغربية المنحاز إلى جانب الصهاينة فقد شهدت العديد من المدن الغربية في الأشهر الأخيرة مظاهرات حاشدة تعبيرًا عن التضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة. هذه الاحتجاجات جاءت كرد فعل على الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث قوبلت الاعتداءات العسكرية على غزة بإدانة واسعة النطاق من قِبل المجتمعات المدنية في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا.

في لندن، برلين، باريس، ونيويورك، خرج عشرات الآلاف إلى الشوارع حاملين الأعلام الفلسطينية واللافتات التي تدعو إلى إنهاء الحرب والاحتلال. هذه التظاهرات لم تكن مجرد تعبير عن الغضب، بل كانت أيضًا إشارة إلى الوعي المتزايد بالقضية الفلسطينية في الغرب، حيث بدأت الأصوات المطالبة بحقوق الإنسان والعدالة تتعالى وتطالب باتخاذ مواقف حازمة ضد الانتهاكات الصهيونية.

اللافت في هذه الاحتجاجات هو تنوع المشاركين، فقد جمعت المظاهرات بين النشطاء الشباب، والمنظمات الحقوقية، والجاليات المسلمة، بالإضافة إلى فئات واسعة من المجتمع الغربي التي لم تكن معروفة تاريخياً بمواقفها المؤيدة لفلسطين. هذا التحول يعكس تصاعد الوعي العام بقضايا العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان على المستوى العالمي.

كما أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورًا حيويًا في تنظيم هذه الاحتجاجات ونشرها، حيث تم استخدام منصات مثل منصة اكس وفيسبوك للتنسيق بين النشطاء وحشد الدعم الجماهيري. وقد ساهم هذا الانتشار الرقمي في تحويل القضايا التي كانت تُعتبر سابقًا محلية أو إقليمية إلى قضايا ذات بعد عالمي.

إن هذه المظاهرات تعد دليلًا على أن القضية الفلسطينية لم تعد مقتصرة على حدود الجغرافيا، بل أصبحت رمزًا عالميًا للنضال ضد الظلم والقمع. فالمواقف الصريحة والتضامن الواسع من الشارع الغربي تشكل ضغطًا متزايدًا على الحكومات الغربية لإعادة النظر في سياساتها تجاه النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

وقد وثق المركز الأوروبي الفلسطيني للإعلام (إيبال) أكثر من 22 ألف مظاهرة وفعالية في أكثر من 600 مدينة تمتد على نحو 20 دولة أوروبية، وذلك بعد مرور 10 أشهر على بدء عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وأرجع المدير التنفيذي للمركز الأوروبي للإعلام (إيبال) رائد الصلاحات أسباب قوة المظاهرات في أوروبا إلى استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة من دون رقيب أو حساب من قبل المجتمع الدولي، وأن مشاهد الدماء النازفة والأشلاء المبعثرة وسياسة التجويع حركت المناصرين لحقوق الفلسطينيين من مختلف شرائح المجتمع الأوروبي.

 

نداء لإنقاذ غزة

في ظل هذه الظروف المأساوية التي يعيشها أبناء فلسطين تحت حمم القنابل والقذائف الصهيونية والأمريكية والحصار المفروض على القطاع، تقع على الشعوب العربية والإسلامية مسؤولية كبيرة لدعم الشعب الفلسطيني وإنقاذ ما تبقى من أبناء غزة. التضامن العربي والإسلامي يجب أن يتجاوز الخطابات والشعارات إلى العمل الفعلي، سواء من خلال الدعم الإنساني والمادي، أو من خلال الضغط السياسي على الحكومات لاتخاذ مواقف حازمة ضد العدوان الإسرائيلي، أو من خلال الاسناد العسكري مثلما ما يقوم به اليمن ولبنان والعراق.

 إن بقاء القضية الفلسطينية حية في وجدان الشعوب العربية والإسلامية يشكل سدًا منيعًا أمام محاولات تصفية هذه القضية العادلة، وأمام أطماع العدو الصهيوني في احتلال المنطقة كلها وهو مايسعى إليه وما ينادي به من أن (أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل) وإذا لم تستيقظ الشعوب العربية النائمة فسترى نفسها في يوم من الأيام تلاقي نفس ما يلقاه أبناء غزة ..

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا