“خميس الدوحة”.. أي أوراق بيد المقاومة وكيان العدو الصهيوني؟
|| صحافة ||
يحلّ يوم الخميس المقبل موعدًا للمفاوضات بين المقاومة الفلسطينية وكيان العدو برعاية ثلاثية الوساطة القطرية والمصرية والأمريكية، والذي يأتي في الشهر الحادي عشر من العدوان والمجازر الوحشية، وبعد فشل عدة جولات سابقة في القاهرة والدوحة، ولكنها هذه المرة تبدو مختلفة لعدة أسباب:
الأول: هي تأتي بعد عمليات الاغتيال الجبانة لقادة المقاومة في فلسطين ولبنان، باغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هنيّة في العاصمة الإيرانية طهران والسيد فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت.
الثاني: هو زيارة رئيس وزراء العدو “الإسرائيلي” إلى واشنطن وحديثه أمام الكونغرس وحفلة التصفيق الصاخبة التي رافقته، بالرغم من هول الجرائم والفظائع التي يرتكبها جيشه في غزة، والتي حصدت حتى الآن أكثر من 155 ألفًا بين شهيد وجريح ومفقود، ودمارًا هائلًا في البنية التحتية لغزة تصل إلى 80 بالمئة من المرافق والمساكن، فضلًا عن التجويع والحصار الخانق والمتوحش.
الثالث: هو توسيع جبهات الإسناد لغزة، من اليمن إلى لبنان والعراق، فقد دخلت اليمن المرحلة الخامسة من التصعيد ووصلت طائراتها المسيّرة إلى عمق الكيان الصهيوني. فقد عمل حزب الله على توسيع شعاع النار وأدخل مستوطنات جديدة ضمنها، وكثّف من العمليات الصاروخية والمسيّرة على قواعد ومناطق عدة في شمال فلسطين المحتلة.
الرابع: هو الجهوزية الكبيرة عند جبهات الإسناد، من طهران إلى صنعاء وبيروت، لشن ضربة عقابية على الكيان. وتحيّن الفرص التكيتيكة لاختيار أهداف عملية ومؤلمة ورادعة للكيان المجرم، بعد عدوانه على طهران والضاحية والحديدة. هذه الجهوزية يقابلها القلق والترقب والاستنفار التي يعيشها الكيان الغاصب وداعمه الأمريكي الذي يحشد المزيد من قواته الى المنطقة، سواء حاملات الطائرات أم الغواصات الصاروخية وغيرها.
كل هذ المعطيات تلقي بظلالها، بشكل أو بآخر، على جولة المفاوضات القادمة التي تراها واشنطن مهمة لمنع أي تصعيد قادم، وتعني به منع أي ضربة انتقامية من إيران وحزب الله لاغتيال هنية في طهران وشكر في الضاحية.
عندما صدر البيان الثلاثي المصري والقطري والأمريكي، والداعي إلى جولة الدوحة، شاعت أجواء التفاؤل ووصفت عبارات البيان بأنها أكثر جدية هذه المرة. تفاؤل قضت عليه مجرزة صهيونية عن سبق إصرار وترصد بالفلسطينين المصلين في مدرسة التابعين في حي الدرج، وعلى المفاوضات المرتقبة في الدوحة على حد سواء.
تلك الجريمة رأت فيها بيانات خارجية عدد من الدول، وعلى رأسها مصر, عدم جدية الكيان للذهاب نحو وقف إطلاق النار. وحتى هذه اللحظة لا يبدو أن هناك أي مؤشرات على نجاح هذه الجولة. إذ إنّ نتنياهو ما يزال عند موقفه المطالب بتسليم السرى وعدم الانسحاب من قطاع غزة. كما ظهرت تصريحات في وسائل إعلام العدو لعدد من الوزراء في حكومته تطالب باحتلال غزة، بشكل طويل الأمد، وأقل ما يطرحه الكيان هو البقاء في محور “نتساريم” و”فيلاديلفيا”.
البيان الثلاثي قال إن مفاوضات الدوحة ستبحث في سد الثغرات بين الطرفين. إلّا أن بيان حماس قد جدد موقف الحركة الذي سلمته للوسطاء بالموافقة على عرضها بتاريخ، 2-7-2024، وطالبتهم بتقديم خطة لتنفيذ العرض استنادًا إلى رؤية بايدن وقرار مجلس الأمن.
بناء على هذه المعطيات والوقائع على الأرض، المقاومة لا تتوقع الكثير من مفاوضات الدوحة بخصوص وقف إطلاق النار بظل تعنت نتنياهو. وهي لديها أوراق قوة إلى جانب قوة الحق والقضية العادلة والمظلومية التي لا نزاع فيها. وهي تحمل صمود المقاومة وشعبها وحاضنتها في غزة، كما تحمل مزايا توسيع جبهة الإسناد والترقب الدولي والعالمي للرد الإيراني، والذي يبدو أنه سيكون ضاغطًا على العدو “الإسرائيلي”، ومن خلفه على الولايات المتحدة الأمريكية، في حال فعلاً كانت جادة في عدم رغبتها بتوسيع الحرب الإقليمية.
أما كيان العدو، فهو ذاهب بأثقال عظيمة على كتفه، ليس أولها الفشل والخيبة طوال عشرة أشهر من الحرب الفاشلة في غزة، لآلة حرب تعدّ الأكثر تقدمًا في المنطقة وجيش مدرّب ومسلّح بأعلى المستويات أمام مقاومة محاصرة في قطاع ضيق، وليس آخرها الوحشية المفرطة والجرائم المروعة وجرائم الإبادة التي ليست في مصلحته بأي حال من الأحوال، باعتراف الإعلام “الإسرائيلي” نفسه.
في مقال في “يديعوت أحرنوت”، أكد الكاتب “مايكل مليستين” أن المقاومة لن ترفع الراية البيضاء باغتيال قادتها، ومن المرجح – بحسب “مليستين” – أنّ القيادات البديلة ستحمل الايديولوجية ذاتها للقادة الشهداء، مستدلاً بصعود السنوار على رأس الحركة، وأن الكيان لا يستطيع تحويل الاغتيالات ليصرفها مكاسب على طاولة المفاوضات. واستخلص في المقال أن “إسرائيل في النقطة نفسها التي كانت فيها عشية اغتيال هنية”.
آخيرًا.. جاءت حادثة مقتل واصابة أسرى صهاينة بنيران الحراسة المكلفة، بحسب بيان الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة: “في حادثتين منفصلتين؛ قام مجندان من المكلفين بحراسة الأسرى بإطلاق النار على أسير إسرائيلي وقتله على الفور، بالإضافة إلى إصابة أسيرتين بجراح خطيرة، وتجري محاولات لإنقاذ حياتهن”. هذه الحادثة التي لم تقبل بها حماس، إلا إنّها مؤشر على السخط والامتعاض عند عناصر في الحراسة، والتي يمكن أن تتكرر، تحت ضغط الجرائم المتوحشة لكيان العدو بحق النساء والأطفال بكل وحشية. وعلى سبيل المثال، في “مجزرة الفجر” في مدرسة التابعين، استخدم العدو “الإسرائيلي” قنبلة أمريكية فتاكة وكبيرة الحجم، يصل وزنها قرابة الطن، وحرارة انفجارها تصل 7 آلاف درجة، وهذه الحال من ردّ الفعل هي التي أشار إليها بيان القسام الذي حمّل “الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن هذه المجازر، وما يترتب عليها من ردّ الفعل التي تؤثر في أرواح الأسرى”.
العهد الاخباري: علي الدرواني