موجة غير مسبوقة من الإفلاس تضرب أوروبا

موقع أنصار الله – متابعات – 10 صفر 1446هـ

تشهد أوروبا منذ بداية العام الحالي موجة غير مسبوقة من الإفلاس، حيث ارتفعت حالات الإفلاس بنسبة 8% خلال الربع الثاني من 2024 فقط، مما يعكس حجم التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تواجهها القارة.

تشير الأرقام الرسمية إلى أن حالات الإفلاس في أوروبا وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2015، وهو ما يبرز عمق الأزمة التي تعصف بالعديد من القطاعات الحيوية في الاقتصاد الأوروبي. فقد ارتفع متوسط عدد حالات الإفلاس العام الماضي بنسبة 24% مقارنة بالعام 2022، بعد زيادة بلغت 30% بين عامي 2021 و2022. ورغم تجاوز معدلات الإفلاس في بعض الدول الأوروبية مستويات ما قبل الجائحة، إلا أنها لا تزال أقل من ذروتها خلال الأزمة المالية العالمية في عام 2008 وأزمة منطقة اليورو بين 2011 و2015.

في تصريحات لـ “الاقتصادية”، أوضحت كريستي فرينانديز، أستاذة الاقتصاد الأوروبي، أن الارتفاع في معدلات الإفلاس لا يعكس صورة موحدة عبر جميع الدول الأوروبية. ففي بريطانيا والسويد، بدأت معدلات الإفلاس في الارتفاع بشكل حاد منذ عام 2022، وتجاوزت مستويات ما قبل الجائحة، مع زيادة بلغت 13% و29% على التوالي في عام 2023. على النقيض من ذلك، شهدت ألمانيا وإيطاليا وهولندا معدلات إفلاس أقل بكثير من مستويات ما قبل الجائحة، مما يعكس الأداء الاقتصادي الأكثر استقراراً في تلك الدول. فقد استفاد السوق العقاري في إيطاليا من استقرار نسبي في السنوات التي تلت أزمة منطقة اليورو، مما جعل تأثير ارتفاع أسعار الفائدة أقل حدة مقارنة بدول أخرى.

وتخشى الأوساط الاقتصادية من أن تؤثر الزيادات المستمرة في معدلات الإفلاس بشكل سلبي على سوق العمل والاقتصاد بشكل عام، خاصة في ظل النمو الاقتصادي الأوروبي الضعيف. في هذا السياق، أكدت لورين فيليب، الباحثة السابقة في المكتب الإحصائي للاتحاد الأوروبي، أن قطاعات التجارة والبناء هي الأكثر تأثراً بالارتفاعات الأخيرة في معدلات الإفلاس، حيث تعرضت لصدمات كبيرة نتيجة التضخم وارتفاع تكاليف البناء وأسعار الفائدة. وأضافت أن حالات الإفلاس في تلك القطاعات وصلت في بعض البلدان الأوروبية، مثل السويد وألمانيا، إلى مستويات غير مسبوقة، بينما في فرنسا وهولندا، رغم زيادة معدلات الإفلاس، إلا أنها لم تصل إلى الذروة التي شهدتها في الماضي.

شهد القطاع العقاري في معظم الدول الأوروبية تدهوراً ملحوظاً خلال الأشهر الستة الماضية، نتيجة انخفاض مبيعات المساكن. كما تأثرت قطاعات المعلومات والاتصالات بشكل كبير، إضافة إلى خدمات الإقامة والمطاعم، التي سجلت حالات إفلاس بنسبة 24% خلال الربع الثاني مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، بالإضافة إلى قطاع النقل والتخزين.

تأتي هذه التطورات في وقت تواجه فيه الشركات الأوروبية صعوبات مالية متزايدة بسبب ارتفاع معدلات الفائدة والشروط التمويلية الأكثر صرامة. وتشير التقديرات إلى أن حالات الإفلاس ستواصل الارتفاع حتى أواخر 2024، مع توقعات بعدم استقرار الوضع حتى النصف الأول من العام المقبل.

وفي هذا السياق، علق الخبير المصرفي كليفرلي جيمس قائلاً: “ارتفاع أسعار الفائدة جعل الشركات الأوروبية تضيف 8.2 مليار يورو إلى تكاليف الفائدة نتيجة ارتفاع معدلات الإقراض”. ويتوقع جيمس زيادة التكاليف مرة أخرى في 2025 و2026، مما يزيد من الضغوط المالية على الشركات. كما يرفع التضخم تكاليف الإنتاج ويضغط على هامش الأرباح، مما يدفع الشركات إلى الإفلاس.

ويحذر الخبراء من أن هذه الأزمة ليست مجرد أزمة اقتصادية عابرة، بل تكشف عن مشاكل هيكلية عميقة في الاقتصاد الأوروبي، مما يتطلب تدخل الحكومات لتقديم حزم دعم جديدة والعمل على تحسين بيئة الأعمال من خلال تقليل البيروقراطية وتعزيز حوافز الاستثمار.

 

قد يعجبك ايضا