أسلحة اليمن توصل البحرية الأمريكية إلى حافة الهاوية

 

يستمر العدو الأمريكي في الرهان على قطعه البحرية في حماية الكيان الصهيوني، بالرغم من التجارب المريرة لتلك القطع مع الأسلحة اليمنية، التي فاقتها في التكنولوجيا ودقة الإصابة.

وبالتزامن مع إرسال واشنطن لقطع بحرية جديدة إلى المنطقة قبل أيام، خرج المسؤولون الأمريكيون والصحافة في واشنطن بتصريحات فشل كل الأسلحة أمام اليمن، وأن التعزيزات الأمريكية لن تمثل سوى مزيد من الخسائر المعنوية والمادية، فالتجارب أثبتت عجز الدفاعات الجوية في إسقاط التهديدات اليمنية حتى أسلحة الليزر لن تجدي فالمهمة محفوفة بالمخاطر.

وخلال الأسبوع المنصرم تناولت الصحافة الغربية الهزيمة الأمريكية في البحر الأحمر من زوايا متعددة، خاصة مع فشل أوراق الضغط الأمريكية والعجز الغربي عن إيقاف أو الحد من العمليات العسكرية اليمنية المساندة لغزة.

حاملات الطائرات خارج الخدمة

 

وصفت مجلة “ناشيونال إنترست” استمرار اعتماد الولايات المتحدة على حاملات الطائرات كاستراتيجية بحرية رئيسية في أي صراع بالهوس، مؤكدة أن ذلك يجعلها معرضة لخسارة كارثية في المستقبل، لأن القوى العالمية المنافسة الكبرى والمتوسطة قد نجحت بالفعل في تطوير أسلحة وأنظمة قادرة على الحد من فعالية هذه الحاملات، خصوصاً أن استخدام البحرية الأمريكية لحاملات الطائرات هو أمر متوقع ويمكن التنبؤ به والاستعداد له.

وفي إشارة منها إلى ما فرضته انتصارات القوات المسلحة اليمنية في ميدان المواجهة مع ترسانة القوات البحرية الأمريكية من معادلة جديدة في ميزان القوى الدولية، وتحت عنوان “عصر حاملات الطائرات قد ينتهي بكارثة بالنسبة للبحرية الأمريكية”، نشرت المجلة، تقريراً جاء فيه أن “الولايات المتحدة اعتمدت منذ فترة طويلة على حاملات الطائرات باعتبارها المحور الرئيسي لاستراتيجيتها البحرية، وهو التكتيك الذي خدمها بشكل جيد منذ الحرب العالمية الثانية، ولكن في البيئة العالمية المعادية بشكل متزايد، اليوم، قد يشكل هذا الاعتماد عبئاً استراتيجياً.

وقالت في التقرير إن ما تحتاج إليه أمريكا اليوم هو إعادة النظر بشكل كامل في الطريقة التي تخوض بها حروبها، معتبرة تمسك أمريكا بحاملات الطائرات الباهظة الثمن والثقيلة يرجع إلى حد كبير للهوس الذي ينتابها.

وأوضحت أن “هذا الهوس بحاملات الطائرات باعتبارها أكثر من مجرد منصة أسلحة، وباعتبارها رمزاً ثقافياً، هو على وجه التحديد ما يجعلها سلاحاً رهيباً لا يمكن الاعتماد عليه”.

كابوس البحرية الأمريكية

 

وبالإشارة إلى أن وجود القوة الصاروخية للجيش اليمني أصبح كافية لإبعاد البحرية الأمريكية من باب المندب، كررت مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية في تقرير آخر نشرته بعنوان “كابوس حقيقي للبحرية: عصر حاملات الطائرات يغرق”: تأكيدها بأن حاملات الطائرات، والتي كانت في الماضي رمزاً للقوة العسكرية، أصبحت تمثل عبئاً كبيراً يجب تجاوزه. وأنها أصبحت قديمة وعرضة للضعف في الحروب الحديثة، ومع تقدم تكنولوجيا الصواريخ المضادة للسفن، وخاصة في الصين وفي اليمن، تواجه حاملات الطائرات خطر التحول إلى أعباء غير فعالة ومكلفة.

وأفادت أن البارجة الحربية مثلت نتاجاً ثانوياً لعصر مضى عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية في المحيط الهادئ، وأن حاملة الطائرات الحديثة هي الأخرى رمزت لعصر مضى منذ زمن بعيد، وفي ذلك إشارة إلى أن ثمة ترسانات هائلة من الصواريخ طويلة ومتوسطة المدى أصبحت تطغى على دفاعات حاملات الطائرات وغيرها من السفن الحربية التابعة للبحرية الأمريكية، خاصة وأن الصين قد أصبحت بارعة في بناء قدراتها المضادة للسفن إلى الحد الذي جعل العديد من المتخصصين في الحرب البحرية يخشون أن تصبح حاملة الطائرات غير فعالة في القتال، إذا اندلعت حرب صينية أمريكية حول تايوان.

وأضافت أن الأمر لا يقتصر على القوى العظمى الصاعدة، مثل جمهورية الصين الشعبية، التي أنشأت ترسانة ضخمة من الصواريخ المضادة للسفن الرخيصة (مقارنة بتكلفة حاملات الطائرات الأمريكية) والتي يمكن أن تقلب سياسة الدفاع الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ رأساً على عقب، فقد أثبتت القوة الصاروخية في اليمن، المزايا غير المتكافئة التي توفرها الصواريخ المضادة للسفن لأعداء الولايات المتحدة، ففي مقابل جزء بسيط من تكلفة حاملات الطائرات الأمريكية، أثبت الحوثيون في أواخر عام 2023 أنهم قادرون على إبعاد البحرية الأمريكية بأكملها بمثل هذه الصواريخ.

وفي تأكيد منها أن الصواريخ المضادة للسفن والتي تمتلكها اليمن كان لها الدور الكافي في إبعاد الجزء الأكبر من البحرية الأمريكية عن التدخل في البحر الأحمر، خلصت المجلة في تقريرها أن على البنتاغون بدلاً من إهدار ميزانية هائلة على أنظمة قديمة لن تكون مفيدة، الاستثمار في أسلحة أكثر فعالية على مواجهة التدهور المريع أمام التهديدات الصاعدة.

وبحسب التقرير فإن “متوسط تكلفة بناء حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية، مثل حاملة الطائرات الأمريكية الجديدة من فئة جيرالد فورد، يبلغ أكثر من 13.3 مليار دولار. وتكلف صيانتها مئات الملايين من الدولارات، ولكن تعقيد هذه الطائرات وتكلفتها الباهظة لا تجعلها أهدافاً مغرية للمنافسين فحسب، بل إن تدميرها أو إلحاق أضرار جسيمة بها أثناء القتال من شأنه أن يجعلها في واقع الأمر أصولاً ضائعة، وسوف تضيع مليارات الدولارات وسوف تتدهور قدرات البحرية الأمريكية على إظهار قوتها بشكل خطير“.

القوة البحرية الأميركية على حافة الهاوية

 

وفي تحليل كتبه الدكتور سيدهارث كوشال ونشر على موقع “RUSI“، يتناول كيف أن الصراعات الحديثة تبرز ضعف القوات البحرية الكبرى في فرض سيطرتها على البحار.

وتشير الدروس المستخلصة من البحر الأحمر إلى أن القوات المسلحة اليمنية التي أشار إليها الكاتب باسم “قوات الحوثيين”، رغم الهجمات المستمرة ضدهم، لا يزالون قادرين على تجديد قدراتهم البحرية، مما يضعف فعالية القوة الأميركية وحلفائها في تحقيق أهدافهم. وفي البحر الأسود، تمكن الأوكرانيون من فتح ممر للحبوب رغم الحصار الروسي، مما يبرز قدرة الدول الأضعف على التهرب من سيطرة القوى البحرية الكبرى.

هذه التطورات تكشف عن ضعف الاستراتيجية البحرية الأميركية في التعامل مع التهديدات الحديثة. فقد أصبح واضحًا أن السفن الضخمة والمكلفة لم تعد قادرة على فرض سيطرتها في المناطق الساحلية كما كانت في الماضي، مما يضع البحرية الأميركية في موقف حرج أمام التهديدات المتزايدة من القوى الصاعدة.

ويضيف التحليل إن استمرار الولايات المتحدة في الاعتماد على استراتيجيات بحرية قديمة يجعلها عرضة للهزيمة في أي مواجهة بحرية مستقبلية. القوة البحرية الأميركية، التي كانت يومًا ما رمزًا للهيمنة العالمية، قد تجد نفسها عاجزة عن التحكم في تدفق السلع والموارد البحرية، مما يعكس فشلًا استراتيجيًا يمكن أن يقود إلى كارثة بحرية في المستقبل القريب.

واشنطن تستجدي الحلفاء لإصلاح سفنها

 

وقال السفير الأمريكي لدى اليابان في مقال له نشرته صحيفة “الواشنطن بوست” أبرز الصحف الأمريكية أن الولايات المتحدة بحاجة إلى اللجوء إلى حلفائها في المحيط الهادئ ليكونوا شركاء كاملين في إصلاح وصيانة أساطيلها”.

وكشف (رام إيمانويل) سفير واشنطن لدى طوكيو، قائلاً “في الآونة الأخيرة، أمضت السفينة الهجومية البرمائية يو إس إس بوكسر عامين خارج الخدمة لإجراء إصلاحات بتكلفة 200 مليون دولار، فقط لتواجه بعد ذلك مشاكل هندسية مستمرة (ومكلفة). لقد جعلت الإصلاحات الضرورية السفينة بوكسر و1200 من مشاة البحرية غير قادرين على مساعدة سفينة شقيقة، يو إس إس باتان، التي كانت تحمي الشحن من هجمات الصواريخ والطائرات بدون طيار الحوثية قبالة سواحل اليمن، لقد دفع الانتشار الموسع لسفينة باتان وطاقمها إلى أقصى حدود طاقتهم. فقد أمضت باتان وطاقمها الذي يزيد عدده على 1200 فرد ثمانية أشهر في البحر، سواء في مضيق هرمز أو في وقت لاحق في البحر الأحمر”.

ويكشف طول الفترة التي بقيت فيها السفينة الحربية الأمريكية باتان وطاقمها المكون من 1200 فرداً بمدة 8 أشهر متواصلة في البحر الأحمر وخليج عدن حجم الأزمة التي تعانيها البحرية الأمريكية من نقص في قطعها البحرية الكافية لتولي مهام ما تقوم به السفن التي كان يفترض ألا يتم تمديد بقاءها في البحر أكثر من شهرين متتاليين، كما يعكس اضطرار واشنطن إبقاء باتان 8 أشهر متواصلة في البحر حجم وكثافة الهجمات اليمنية التي كانت تشنها طوال الفترة الماضية في عملياتها الإسنادية العسكرية للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عبر فرض الحصار البحري على الملاحة الإسرائيلية من البحر الاحمر.

وكشف السفير الأمريكي أزمة فشل أحواض بناء السفن وصيانتها الأمريكية، في الالتزام بإنجاز مهام تجهيز السفن الحربية بسرعة أو إنتاج سفن جديدة، وهو ما يجعل من البحرية الأمريكية تعيش مرحلة انحدار وتهاوي تتشكل منذ سنوات لكن لم يشعر بها أحد إلا حين عجزت البحرية الأمريكية عن مواجهتها مع القوات اليمنية، ولهذا يقترح السفير الأمريكي أن تستعين واشنطن بحلفائها كاليابان وكوريا الجنوبية في استخدام أحواض بناء السفن لديها لصيانة سفن الحربية الأمريكية.

 وقال إيمانويل “إن سفننا تحتاج إلى إصلاح شامل أينما أبحرت. ففي هذا العصر، لا نستطيع أن نتحمل أن تقطع السفن آلاف الأميال عبر المحيط الهادئ لتظل راكدة لسنوات في أحواض بناء السفن الأميركية المتراكمة. وكلما أسرعنا في إصلاح سفننا، كلما كانت عودتها إلى القتال أو ردع أي عدوان أقرب. وبما أن الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية تتدرب وتخطط معا، فمن المنطقي أن نعمل معا أيضا على الصيانة والإصلاح”.

لا يمكن التعامل مع صواريخ اليمن

 

بعد إبحارها لمسافة 44 ألف ميل تقريباً وقضاء 151 يوماً في البحر، منذ وصولها إلى البحر الأحمر في ديسمبر الماضي، عادت السفينة الحربية البريطانية (إتش إم إس دايموند) إلى بلادها لإجراء عملية صيانة، حيث تعرضت لأضرار كبيرة نتيجة استهدافها بصواريخ باليستية مضادة للسفن أطلقها الجيش اليمني، ورغم أن الجانب البريطاني لم يعترف بذلك رسمياً إلا أن تصريحات قائد السفينة كانت كفيلة بتفسير ما حدث.

و أعرب قائد السفينة الحربية “HMS Diamond البريطانية ، عن انبهاره بالصواريخ الباليستية التابعة للقوات المسلحة اليمنية التي تم استخدامها في المعارك البحرية لإسناد الشعب الفلسطيني.

وأكد قائد السفينة الحربية البريطانية “HMS Diamond”  بيت إيفانز ، في مقابلة أجرتها معه قناة “BFBS Forces News” ، امتلاك الجيش اليمني صواريخ باليستية سريعة جداً تكون عملية اعتراضها وإسقاطها أمراً صعباً، وأضاف: ” إسقاط الصاروخ الباليستي الحدث الأبرز خلال مهمتي “، مضيفاً: ” أعني أن هذا النوع من الصواريخ سريع بشكل لا يصدق، ويصعب للغاية التعامل معه بنجاح “.

وكانت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” بثت تقريراً في مارس الماضي، تحدثت خلاله عن الصعوبات التي واجهتها سفينة دايموند البريطانية، حيث نقلت عن قائد السفينة، بيت إيفانز، قوله إن “الحوثيين يستخدمون أسلحة أكثر تقدماً وأكثر فتكاً”، وأن السفينة عندما دخلت البحر الأحمر لأول مرة في ديسمبر، كانت الطائرات المسيّرة الهجومية ذات الاتجاه الواحد، هي التهديد الرئيسي، مضيفاً أن الحوثيين توجهوا أكثر بكثير نحو الصواريخ التقليدية والبالستية التي تحدث الكثير من الضرر ويصعب صدها.

 

كما أكدت “بي بي سي” أن صواريخ (سي فايبر) التي تستخدمها السفينة البريطانية دايموند للدفاع بشكل رئيسي، تبلغ تكلفة الواحد منها أكثر من مليون جنيه إسترليني (1.3 مليون دولار).

تقويض قوة واشنطن و”تل أبيب” دفاعياً واستخباراتياً

وأكد موقع “ant war” الأمريكي، أن الجيش اليمني قوض قوة الردع الأمريكية والإسرائيلية بعد فشل الأخيرة دفاعياً واستخبارتياً في مواجهة الصواريخ والطائرات اليمنية .

وقال الموقع في تقرير إنه” منذ السابع من أكتوبر، هاجم “الحوثيون” ، “إسرائيل” 53 مرة ؛ وكان الهجوم الأكثر أهمية في 19 يوليو عندما قطعت طائرة بدون طيار أطلقت من اليمن مسافة 1600 ميل، مما أدى إلى تقويض الدفاعات الجوية الإسرائيلية قبل أن تصطدم ببرج شاهق في “تل أبيب”.

وأضاف التقرير ” إن السؤال الذي ينبغي للولايات المتحدة وإسرائيل أن تطرحاه على نفسيهما هو كيف سمحتا لمثل هذا الفشل الاستخباراتي الفادح”، مشيراً إلى أن أمريكا و”إسرائيل” جلستا مكتوفتي الأيدي بينما قامت مجموعة شبابية سابقة لا تتمتع بأي خبرة في الحكم بأداء مهمة جيوسياسية صعبة، فأغلقت أحد أكثر الممرات المائية حيوية في العالم”.

وتابع ” كثيراً ما تتفاخر الولايات المتحدة وإسرائيل بكونهما من القادة العالميين في مجال الاستخبارات العسكرية والوعي الاستراتيجي، لكنهما فشلتا تماماً في تحقيق ذلك عندما طورت اليمن أسطولاً من الطائرات بدون طيار قادر على تعطيل التجارة العالمية، والسفر لمسافة تزيد عن 1500 ميل دون أن يتم اكتشافها، واختراق أحد أكثر المجالات الجوية حماية في العالم”.

قد يعجبك ايضا