مليار و600 مليون دولار خسائر أولية لموجة الإضراب في “إسرائيل”
موقع أنصار الله – متابعات – 30 صفر 1446هـ
خيم الإغلاق على الاقتصاد الإسرائيلي، مع مشاركة قطاعات فاعلة في إضراب عام دعا إليه اتحاد نقابات العمال (الهستدروت) الذي يمثل مئات الآلاف من العاملين في عدة قطاعات اقتصادية، للضغط على رئيس حكومة الاحتلال “بنيامين نتنياهو” للموافقة على اتفاق مع المقاومة الفلسطينية، لاستعادة المحتجزين وإنهاء الحرب على قطاع غزة المستمرة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وتعطلت الكثير من الخدمات العامة في مناطق عدة، ما تسبب في خسائر قدرتها صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية 5.8 مليارات شيكل (نحو 1.6 مليار دولار)، وهو ما أثار فزع وزراء في حكومة الاحتلال حذروا قبل الإضراب من تداعيات كبيرة على الاقتصاد الذي يعاني بالأساس من كلفة الحرب الباهظة.
وشاركت مجموعات أعمال في الإضراب، منها رابطة المصنعين الإسرائيليين وقطاع التكنولوجيا المتقدمة، وهو من أهم القطاعات الاقتصادية في “إسرائيل”، وتوقفت بعض الخدمات في مطار بن غوريون، وتعطلت خدمات الحافلات والقطار الخفيف في العديد من المناطق، وأضرب العاملون في ميناء حيفا الرئيسي، وأضربت البنوك كلياً، كما دخلت المستشفيات في إضراب جزئي.
جاء الإضراب ليكشف عن مأزق الاقتصاد الإسرائيلي الذي يعاني من عجز قياسي، وتضرر موارد الكيان وسط تراجع الكثير من الأنشطة الاقتصادية وتهاوي الاستثمارات بنسبة 17% على أساس سنوي في الربع الثاني من العام الجاري مقارنة بالربع المقابل من العام الماضي.
والإضراب الذي دعا إليه اتحاد نقابات العمال (الهستدروت) الذي يمثل مئات الآلاف من العاملين، هو أول إجراء عمالي واسع النطاق، ويمثل أحد أكبر تعبيرات الغضب العام إزاء مماطلة “نتنياهو” في التوصل إلى صفقة مع المقاومة الفلسطينية لإنهاء الحرب واستعادة المحتجزين.
ولدى المقاومة حالياً 101 محتجز من 253 احتجزتهم خلال عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها في السابع من أكتوبر 2023، على بلدات ومعسكرات محتلة متاخمة للحدود مع قطاع غزة، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص بحسب إحصاءات إسرائيلية، فيما شن جيش الاحتلال عدواناً مدمراً على غزة أسفر عن استشهاد أكثر من 40600 فلسطيني بحسب وزارة الصحة في غزة.
ولجأت حكومة الاحتلال إلى المحكمة من أجل إلغاء الإضراب، لكن شركات كبرى وقطاعات حيوية تفاعلت مع دعوة اتحاد نقابات العمال، متجاهلة تحذيرات وزير المالية المتطرف “بتسلئيل سموتريتش” من عواقب اقتصادية كبيرة من شأنها أن تسبب أضراراً اقتصادية في زمن الحرب، كما تجاهل المشاركون تهديده بعدم صرف أجر العمال المتجاوبين مع الإضراب.
وقال سموتريتش، أول أمس: “أمرت مشرف الرواتب بتمرير توجيه واضح تم نشره بالفعل، بأنه لن يتم دفع أجر الموظف الذي لا يأتي للعمل.
وأضاف: “لن يُسمح لرؤساء الهستدروت بقلب (البلاد) الكيان رأساً على عقب واستخدام العمال سلاحا لتعزيز رأيهم السياسي”.
وتابع وفق ما نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت”: “بدلاً من مد يد العون لتعزيز الاقتصاد ودعم الشركات وجنود الاحتياط، يحقق (اتحاد نقابات العمال) حلم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار”.
وانضم إلى الإضراب، بحسب صحيفة “غلوبس” الاقتصادية الإسرائيلية، كل من جمعية المصنعين، جمعية المزارعين، جمعية بناة الأرض (المقاولين)، التجار وصناع الألماس والفنادق والسينما وشركات التأمين وشركات الأمن وشركات التنظيف والجمعية الوطنية للتجارة وشركات النقل والمنظمات المستقلة ورابطة الغرف التجارية.
كما انضم إلى الإضراب منتدى الأعمال، الذي يوظف معظم العمال غير المنتمين إلى النقابات. يضم المنتدى حوالي 200 من أكبر الشركات في “إسرائيل”، بما في ذلك بعض كبار الأسماء في القطاع الخاص.
واكتسب المنتدى شعبية في السنوات الأخيرة، وأصبح محط اهتمام الجمهور خلال الاحتجاج على الإصلاح القانوني في عام 2023، عندما تم إغلاق الاقتصاد جزئياً مع اتحاد نقابات العمال، وكان خلالها أحد العوامل في عرقلة التشريع في ذلك الوقت.
ويأتي الإضراب بعد أشهر من احتجاجات عائلات تمثل بعض المحتجزين ليؤكد وجود انقسامات عميقة في “إسرائيل” حول النهج الذي يتبناه نتنياهو في مفاوضات وقف إطلاق النار.
يأتي الإضراب وسط مؤشرات سلبية للاقتصاد الإسرائيلي بفعل التكاليف الباهظة لاستمرار الحرب وتداعياتها على مختلف القطاعات، كما أنه يكسر حالة التعايش الذي بدأت فيه بعض القطاعات مع ظروف الحرب وهو ما يقلق حكومة نتنياهو ويزعج صناع السياسات المالية والنقدية.
فقد استمر العجز في “إسرائيل” في الاتساع في يوليو الماضي، حيث بلغ 8.1% من الناتج المحلي الإجمالي على مدى الأشهر الاثني عشر الماضية، أو 155.2 مليار شيكل، وفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة المالية في أغسطس الماضي، وذلك ارتفاعاً من 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية يونيو الماضي، و7.2% في نهاية مايو.
ومنذ بداية عام 2024، بلغ إجمالي العجز في “إسرائيل” 72 مليار شيكل مقارنة بفائض قدره ستة مليارات شيكل في الأشهر السبعة الأولى من عام 2023.
وبلغ الإنفاق الحكومي منذ بداية العام أكثر من 352 مليار شيكل حتى نهاية يوليو الماضي، بزيادة قدرها 32.8% مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي.
ويعود السبب الرئيسي للزيادة في العجز إلى الإنفاق المرتفع على الدفاع والوزارات المدنية بسبب الحرب. ومع ذلك، حتى مع استبعاد نفقات الحرب، فإنّ الزيادة في الإنفاق الحكومي تبلغ حوالي 8.7%. وذلك على النقيض من ارتفاع بنحو 3.1% فقط في إيرادات الكيان، والتي بلغت منذ بداية العام نحو 278 مليار شيكل، مقارنة بـ269 مليار شيكل في الأشهر السبعة الأولى من عام 2023.
وانكمش اقتصاد “إسرائيل” في الربع الثاني من العام الحالي، وفق بيانات مكتب الإحصاء المركزي. فقد تباطأ النمو في الربع الثاني من العام إلى 1.2% على أساس سنوي مقارنة بالربع السابق. أما على أساس نصيب الفرد (مع الأخذ في الاعتبار الزيادة السكانية)، انخفض الناتج المحلي الإجمالي في الواقع بمعدل سنوي بلغ 0.4%.
وتحاول حكومة نتنياهو “التهرب من المسؤولية عن الاقتصاد وتعطيل تقدم موازنة 2025″، وهو ما قد يؤدي إلى “أزمة اقتصادية طويلة الأمد”، وفق تقرير لصحيفة “هآرتس”.