الردع اليمني يضعف قبضة أمريكا ويجبرها على اللعب بالقفازات

|| تقرير || 

على العكس مما يراه القادة في الولايات المتحدة في أنه يتعين على الزعماء السياسيين أن يكونوا صريحين بشأن إرسال قوة بحرية غير مجهزة بشكل جيد في مهمة غير محددة المعالم، وأن يتحملوا المسؤولية عن ذلك”. وما يرادف ذلك الرأي من صورة مغايرة تنبأها قائد “آيزنهاور”، في تصريحات له على منصة يوتيوب أنه “تم اقتراح استراتيجيات أكثر عدوانية لكن القيادة رفضتها” حسب زعمه.

في الجهة الأخرى يؤكد الصهاينة  أن على “تل أبيب” أخذ التصريحات اليمنية بشأن الانتقام  على محمل الجد، والعمل مع الدول الغربية للحد من تطور قدرات الجيش اليمني “.

وبالتزامن مع تجاهل مجمل ما تراه القيادات الأمريكية والإسرائيلية من تهديدات أمنية، ركزت تقارير أوروبية على تأثير عمليات الجيش اليمني في المجال الاقتصادي بعد تحويل مسار السفن حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا، مما أضاف أكثر من 11000 ميل، وأسبوع إلى أسبوعين لكل رحلة، ومليون دولار إضافية من الوقود لكل رحلة، كما ارتفعت أقساط التأمين بنسبة 1000%، والحاوية التي كانت تكلف 1500 دولار للشحن أصبحت تكلف الآن 6000 دولار”.

جهود واشنطن تذهب سدى

 

الرد اليمني يأتي صريحا ومستمرا في التمحور حول تأكيدات أن الأعداء سيفاجئون في البر كما فوجئوا في البحر بتقنيات جديدة غير مسبوقة في التاريخ، تساعد على التنكيل بهم” مع التأكيد أن مسار الرد مستمر وكذلك العمليات العسكرية في كل منطقة تطالها قواتنا المسلحة”.

التأكيد بأن  ” المسار مستمر” يؤكده تصريحات القادة الأمريكيون وغيرهم من السياسيين على المستوى العالمين أن وقف إطلاق النار الدائم في قطاع غزة هو وحده الذي يمكن أن يوقف العمليات البحرية شبه اليومية للقوات المسلحة اليمنية”، وأن “الولايات المتحدة وحلفاءَها يرتكبون خطأً مكلفاً في العدوان على اليمن”.

يعزز ذلك تصريحات واشنطن الأخيرة في أنها قد فعلت كل ما يمكنها القيام به في إطار محاولة ردع الجيش اليمني ، لكنها فشلت، وهذا ما يراه موقع “أنهيرد” البريطاني الذي نشر قبل أيام تقريراً  جاء فيه إنه “على عكس قول الكثيرين أن الولايات المتحدة تلعب بالقفازات وتفتقر للإرادة، فإن هذا ليس هو الحال حقاً، إذ حاولت الولايات المتحدة، بأفضل ما في وسعها، تحديد واستهداف أسلحة الحوثيين ومواقع الإطلاق داخل اليمن بدقة، ولكن هناك مشكلة واحدة فقط: إنها لا تستطيع ذلك”.

وتنسجم هذه القراءة مع العديد من تصريحات قادة وضباط البحرية الأمريكية التي أكدت أن المشكلة ليست في الافتقار إلى نهج أكثر عدوانية، فقد صرح قائد الأسطول الأمريكي الخامس جورج ويكوف الشهر الماضي بأنه “لا يمكن تطبيق سياسات الردع الكلاسيكية” ضد الجيش اليمني، وقد تكررت التصريحات الواضحة بأن ما حدث في البحر الأحمر هو “المعركة الأشد كثافة منذ الحرب العالمية الثانية”.

وقال قائد المدمرة “يو إس إس لابون” إريك، لوكالة أسوشيتد برس، في وقت سابق: “لا أعتقد أن الناس يدركون حقاً مدى خطورة ما نقوم به ومدى التهديد الذي لا تزال تتعرض له السفن”.

ومن المعلوم أن الولايات المتحدة قد حاولت أيضاً ممارسة ضغوطا سياسية واقتصادية على الحكومة في صنعاء، بالتوازي مع الجهود العسكرية، من أجل وقف العمليات البحرية دون جدوى، وقد كشفت وكالة “بلومبرغ” في يونيو الماضي أن الولايات المتحدة قامت بتعليق اتفاقات خارطة الطريق بين صنعاء والرياض حتى وقف هجمات البحر الأحمر، كما دعمت قرارات البنك المركزي في عدن لنقل البنوك التجارية من صنعاء، والتي كانت تهدف للضغط على صنعاء من أجل وقف تلك الهجمات البحرية، قبل أن يتم إلغاء تلك القرارات لاحقاً بفعل تهديدات خطيرة وجهها قائد “أنصار الله” للمملكة.

ووفقاً لذلك فإن الحديث عن الحاجة إلى نهج شامل وأكثر عدوانية لا يبدو أكثر من تلاعب بالكلمات ومحاولة لتبرير العجز عن تحقيق الردع الأمريكي في البحر الأحمر، وصرف الانتباه نحو أسباب لا تنطوي على اعتراف بواقع نجاح الجيش اليمني في مواصلة وتصعيد عملياته المساندة لغزة، وفشل الحشد الكبير من السفن الحربية الأمريكية والبريطانية والأوروبية في وضع حدا لذلك.

خيبة الأمل وغياب التفاؤل

 

وفي تطور نسبة مخاوفها، قالت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية إن “وضع التهديد المباشر الذي تشكله قوات الجيش اليمني لإسرائيل لا يدعو للتفاؤل، وإنه ينبغي على “تل أبيب” أخذ التصريحات اليمنية بشأن الانتقام من إسرائيل على محمل الجد، والعمل مع الدول الغربية للحد من تطور قدرات قوات صنعاء”.

ونشرت الصحيفة، الثلاثاء، تقريراً جاء فيه أنه “فيما يتعلق بالتهديد المباشر لإسرائيل [من اليمن]، لا يبدو أن هناك ما يدعو للتفاؤل، فوفقاً لتصريحات زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، فإن الحوثيين يستعدون الآن للمرحلة الخامسة من مواجهتهم لإسرائيل، والتي تتضمن مبادرات غير متوقعة وبنك أهداف موسع، ويهدد الحوثيون بالرد بقوة على الأهداف العسكرية والموانئ ومواقع الطاقة، وتعطيل إمدادات النفط الإسرائيلية”.

وأضافت أن “تصريحات كبار قادة الحوثيين التي يقولون فيها إن الانتقام من إسرائيل أمر مؤكد ينبغي أن تؤخذ على محمل الجد”.وتابعت: “لا ينبغي لنا أن نستنتج أن الحوثيين قد تراجعوا بعد الضربة الكبيرة التي وجهت إلى ميناء الحديدة”.

واعتبرت أنه “بناءً على الدافع القوي الذي يظهرونه لإلحاق الأذى بإسرائيل والهجمات المتجددة في البحر الأحمر، يبدو من المرجح أن الحوثيين أعادوا تجميع صفوفهم”.

وبحسب ما يرى التقرير فإن “الحوثيين ربما يزدادون قوة على مر السنين، سواء من حيث كمية أو نوعية الأسلحة التي يمتلكونها، بل وربما يقربون نطاق التهديد”. وأضاف إنه “على الرغم من تركيزها على التهديدات الأكثر إلحاحاً التي تشكلها غزة ولبنان، يتعين على إسرائيل أن تكون مستعدة لاتخاذ تدابير ضد الحوثيين في المستقبل القريب”.

وتابع قائلا: “ينبغي لإسرائيل أن تعمل على رفع مستوى الوعي بين صناع السياسات في الولايات المتحدة وأوروبا والمنتديات الدولية بشأن التهديد الذي تشكله الجماعة اليمنية، بما في ذلك طموحات الحوثيين في تطوير أسلحة متقدمة يمكن أن تهدد الولايات المتحدة وأوروبا بشكل مباشر”.

لا زالت مرشحة للزيادة

 

وفي تركيز منها على جانب الأثر الاقتصادي، وما تسببه عمليات اليمن البحرية من آثار تُجبر التجار البريطانيين على تخزين السلع وترفع أسعار الشحن 3 أضعاف، نظرا لحجم الخسائر الجديدة التي يتعرض لها الاقتصاد البريطاني جراء مشاركتها في التحالف الأمريكي ضد اليمن ودعمها للعدو الصهيوني في حربه على غزة، أكّـدت صحيفةُ الـ The Times and The Sunday Times  البريطانية استمرارَ اضطراباتِ سلسلةِ التوريد البريطانية؛ نتيجةَ العمليات البحرية اليمنية التي منعت عبور السفن البريطانية من البحر الأحمر؛ إسنادًا لغزةَ ورَدًّا على الغارات العدوانية ضد اليمن، مؤكّـدة أن أسعار الشحن ارتفعت بأكثر من ثلاثة أضعاف ولا زالت مرشحة للزيادة.

وقالت الصحيفة في تقرير نشرته، الاثنين الماضي: إن ما وصفته بأزمة البحر الأحمر “أجبرت تجار التجزئة البريطانيين على تخزين البضائع مبكراً استعداداً لعيد الميلاد، وهذا يعني بالفعل أن صناعة الشحن اضطرت إلى العمل طوال فترة الهدوء الصيفي التقليدية لنقل البضائع من الصين وجنوب شرق آسيا إلى المملكة المتحدة وأُورُوبا”.

وأوضحت أنه “في العادة، يتوقع تجار التجزئة الحصول على سلع لفترة الكريسماس بعد سبتمبر، ولكن هذا العام طلبوا شحنات من الموردين اعتبارًا من يوليو فصاعدًا”.

وأضافت أن “تكاليفَ الشحن ارتفعت بأكثر من ثلاثة أضعاف وقد ترتفع مرة أُخرى؛ بسَببِ تعطل الطرق البحرية خلال الأشهر القليلة المقبلة”؛ وذلكَ بسَببِ تحويل مسار السفن المعرَّضة للاستهداف وإجبارها على الإبحار حول جنوب إفريقيا.

وأشَارَت إلى أن “القيود المفروضة في قناة بنما ومؤشرات التصعيد في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين أَدَّت إلى ارتفاع الأسعار بشكل أكبر”.

وذكر التقرير أنه “بحسب مؤشر دروري العالمي للحاويات، فَــإنَّ تكلفة شحن حاوية قياسية بطول 40 قدمًا عبر طرق التجارة الرئيسية تبلغ حَـاليًّا 4775 دولارًا أمريكيًّا، مقارنة بـ 1389.5 دولارًا أمريكيًّا في أُكتوبر من العام الماضي”.

وَأَضَـافَ أن “المحللين حذروا من ارتفاع الأسعار بشكل أكبر وتوقعوا أن يظل الطلب على الشحن مرتفعًا حتى فبراير من العام المقبل على الأقل، كما حذروا من أن النزاعات العُمالية المحتملة على السواحل الشرقية والخليجية لأمريكا قد تؤدي إلى مزيد من تعطيل سلاسل التوريد وزيادة أسعار الشحن”.

ارتفاع التضخم وأسعار الشحن والتأمين

 

ونقلت صحيفة الـ The Times and The Sunday Times  عن باتريك ليبيرهوف، مدير شركة إنفيرتو الاستشارية لإدارة سلسلة التوريد، قوله: “إن الانقطاعَ المطوَّلَ للإمدَادات في البحر الأحمر له آثارٌ سلبيةٌ على سلاسل التوريد، ولا تزال سلاسل التوريد هشة للغاية”.

وقالت: إن “تجار التجزئة يخشون أن تبدأ أسعار الشحن المتقلبة في الارتفاع فجأة مرة أُخرى، وَفْـقًا لشركة إنفرتو”.

وَأَضَـافَ ليبيرهوف: “لقد فرض هذا ضغوطًا على تجار التجزئة أنفسهم، حَيثُ يقومون بجمع المزيد من المخزون في وقت مبكر والذي قد لا تكون لديهم مساحة تخزين كافية له. وبدلاً عن ذلك، سيحتاج تجار التجزئة إلى البحث عن مساحة احتياطية للتخزين على المدى القصير، وهو ما قد يكون مكلفًا للغاية”.

وفي وقت سابق كانت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية قالت إن العمليات اليمنية تتسبب في ارتفاع أسعار الشحن وتهدد بزيادة التضخم وتعرقل خفض أسعار الفائدة في بريطانيا وأوروبا

وأشارت إلى تحذير خبراء اقتصاديون من أن المستثمرين يقللون من تقدير خطر ارتفاع تكاليف الشحن والذي من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع التضخم وإبطاء وتيرة خفض أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا.

وأوضحت أن تكلفة نقل حاوية بطول 40 قدمًا بين آسيا وشمال أوروبا ارتفعت في وقت قصير إلى أكثر من الضعف منذ أبريل من 3223 دولارًا إلى 8461 دولارًا، وفقًا لمتخصصي بيانات الشحن Xeneta، بعد تكثيف هجمات المتمردين الحوثيين على السفن التي تسافر عبر البحر الأحمر إلى قناة السويس.

 

نكسة وجودية

“ذا هيل”، صحيفة أمريكية، سجلت حضورها في المشهد على الجانب الاقتصادي بالتأكيد: أن الفشل في ردع الجيش اليمني واستعادة السيطرة على البحر الأحمر يمثل أكبر انتكاسة وجودية للبحرية الأمريكية منذ خمسين عاماً، وإنها تهدد التجارة البحرية الأمريكية التي تقدر بالتريليونات، معتبرة أنه يجب على السياسيين الأمريكيين أن يتحملوا مسؤولية إرسال القوات الأمريكية بدون معدات مناسبة إلى مهمة غير واضحة المعالم.

ونشرت الصحيفة، الإثنين الماضي، تقريراً، جاء فيه أنه “على مدى الأشهر القليلة الماضية، عانت البحرية الأمريكية من أكبر انتكاسة لها منذ خمسين عاماً، وهي كارثة أكثر تدميراً من غرق السفينة (بون هوم ريتشارد) على الرصيف أو فقدان 17 بحاراً في تصادم مدمرتين”.

وأضاف: “إنها نكسة وجودية، وتثير تساؤلات حول سبب أساسي لوجود البحرية نفسها، إذ يبدو أن البحرية تتخلى عن مهمة أساسية وهي: إبقاء الممرات البحرية الحيوية مفتوحة للتجارة، فبعد انتشار دام تسعة أشهر لاستعادة السيطرة على البحر الأحمر من الحوثيين في اليمن، عادت مجموعة حاملة الطائرات (دوايت د. أيزنهاور) إلى الولايات المتحدة، بدون إزاحة الحوثيين”.

وأشار التقرير إلى أن “النقل البحري يمثل 5.4 تريليون دولار من التجارة الأمريكية السنوية، ويدعم 31 مليون وظيفة أمريكية”، قائلا: إنه “تم تحويل مسار السفن حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا، مما أضاف أكثر من 11000 ميل، وأسبوع إلى أسبوعين لكل رحلة، ومليون دولار إضافية من الوقود لكل رحلة، كما ارتفعت أقساط التأمين بنسبة 1000%، والحاوية التي كانت تكلف 1500 دولار للشحن أصبحت تكلف الآن 6000 دولار”.

وتابع “إن الحفاظ على الممرات البحرية مفتوحة كان جزءاً أساسياً من مبرر وجود البحرية منذ تأسيس الجمهورية، وقد تم إنشاء البحرية إلى حد كبير لحماية الشحن التجاري، وقد استمر هذا الدور حتى الوقت الحاضر، وكما قال جون كينيدي ذات يوم: (يتعين على الولايات المتحدة السيطرة على البحر إذا كانت راغبة في حماية أمننا)”.

التبرير بفشل الأدوات

 

ولكن بحسب التقرير “عندما عادت مجموعة (أيزنهاور) القتالية إلى نورفولك الشهر الماضي، لم ترفع لافتة تعلن أن المهمة أنجزت، بل على العكس من ذلك، أصدرت البحرية رسالة كانت، في أحسن الأحوال، أقل من ملهمة، حيث تفاخرت بأن هذا الانتشار كان غير مسبوق، فلم يكن طويلاً بشكل غير عادي فحسب، بل كان أيضاً أول مرة منذ الحرب العالمية الثانية تتعرض فيها حاملة طائرات أمريكية لتهديد مباشر مستمر من عدو”.

وأضاف أن السفن الأمريكية “أطلقت 155 صاروخاً من طراز ستاندرد-2 ضد طائرات الحوثيين بدون طيار، و135 صاروخاً من طراز توماهوك على أهداف برية، وأطلقت الطائرات البحرية ما يقرب من 60 صاروخاً جو-جو و420 سلاحاً جو-أرض”.

ولكن “المهمة فشلت” بحسب التقرير الذي أكد أن “الحوثيين ما زالوا يسيطرون على البحر الأحمر، ورغم كل الجهود والتفاني والمهارة التي أظهرها البحارة وأطقم الطائرات، فإن كل هذا كان أقل من أن يؤدي إلى إنجاز المهمة”.

واعتبر التقرير أن هناك “سببين محتملين: الأول أن البحرية الأمريكية تفتقر إما إلى الوسائل والخبرة اللازمة للقيام بأي شيء حيال ذلك، والثاني أن إدارة بايدن خلصت إلى أن التكلفة أو المخاطر أو القيمة الاستراتيجية المترتبة على تحقيق مثل هذه المهمة لا تستحق الجهد السياسي المبذول، ولكن أياً كان السبب، فإن الفشل قوض أحد الأسباب الرئيسية للحفاظ على بحرية باهظة التكاليف”.

وقال: “إن هناك ثلاث طرق لمعالجة مشكلة سيطرة الحوثيين المستمرة، الأولى هي الاعتراف بأن الأدوات التي تستخدمها البحرية كانت غير مناسبة إلى حد كبير للمشكلة، حيث بلغت تكلفة كل صاروخ (توماهوك) و(ستاندرد 2) مليوني دولار على الأقل، من أجل استهداف طائرة بدون طيار بقيمة 2000 دولار، وحتى في مواجهة كل ما نتعلمه من الحرب بين روسيا وأوكرانيا حول استخدام الطائرات بدون طيار، فإننا لا نتكيف بالسرعة الكافية لتجهيز سفننا لهذا الواقع الجديد غير المتماثل”.

والطريقة الثانية بحسب التقرير هي “عدم الميل إلى قياس المدخلات- الذخائر التي يتم إطلاقها- بدلاً من النتائج، وهذا هو التفكير الذي كان سائداً في حقبة حرب فيتنام، وبدلاً من ذلك، يتعين على البحرية أن تقيس نجاحها بالنتائج التي تحققها”.

وثالثاً، اعتبر التقرير أنه “يتعين على الزعماء السياسيين أن يكونوا صريحين بشأن إرسال قوة بحرية غير مجهزة بشكل جيد في مهمة غير محددة المعالم، وأن يتحملوا المسؤولية عن ذلك”.

واختتم بالقول: “نحن الآن في خضم منافسة انتخابية متقاربة، ومن غير المرجح أن يعترف أي مرشح بأننا لا نملك الموارد (أو الإرادة السياسية) اللازمة لاستعادة السيطرة على هذا الممر البحري الحيوي، ولكن حتى ذلك الحين، لا ينبغي لنا أن نرسل شبابنا وشاباتنا إلى الخطر بدون تزويدهم بالمعدات المناسبة للقيام بهذه المهمة وإنجاز مهمة محددة المعالم”.

 

اللعب بالقفازات

ومع انسحاب السفن الحربية الأمريكية والبريطانية وحاملات الطائرات الأمريكية (أيزنهاور) تصاعد الحديث عن “هزيمة” واشنطن في البحر الأحمر بحسب توصيف صحيفة “تلغراف” ووكالة “بلومبرغ”، وفيما يزعم محللون وضباط أمريكيون أن السبب في العجز عن ردع الجيش اليمني هو التردد وعدم ممارسة الضغوط والأساليب العدوانية الكافية فإن تصريحات مسؤولين وضباط أمريكيين ومحللين آخرين تؤكد أن هذه ليست القضية.

في تقرير جديد نشرته قبل أيام، شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية عن محللين قولهم إن إدارة بايدن- هاريس بحاجة إلى “نهج أكثر عدوانية” في عملياتها ضد قوات صنعاء.

وذكّر التقرير بأن قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال مايكل كوريللا، كان قد وجه في وقت سابق رسالة إلى وزير الدفاع لويد أوستن قال فيها إن “السياسات الحالية فشلت في تحقيق التأثير المطلوب على هجمات الحوثيين في البحر الأحمر”، كما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال، داعياً إلى “اتباع نهج حكومي كامل في التعامل مع هذه القضية، والذي يشمل الضغط الاقتصادي والدبلوماسي بالإضافة إلى الضغط العسكري الأقوى لثني الحوثيين عن حملتهم ضد السفن الشحن في المنطقة”.

وأشار التقرير إلى أن أحد المسؤولين قال لوول ستريت جورنال إن “نبرة الرسالة صدمت بعض أعضاء وزارة الدفاع، وخاصة إصرار كوريللا على أن “أعضاء الخدمة الأمريكية سيموتون إذا استمررنا في السير على هذا النحو”.

وكانت مسألة “اتخاذ نهج أكثر عدوانية” قد ترددت كثيراً في حديث العديد من المحللين الأمريكيين وفي تصريحات ضباط في البحرية الأمريكية، منهم مارك ميجيز القائد السابق لمجموعة حاملة الطائرات (أيزنهاور) والذي قال في تصريحات على منصة يوتيوب إنه “تم اقتراح استراتيجيات أكثر عدوانية لكن القيادة رفضتها”.

ومع ذلك، فإن المسألة في نظر مسؤولين وضباط ومحللين آخرين لا تبدو مسألة “تقصير” أو قصور في الاستراتيجيات، كما ترى هذه التصريحات والتحليلات، بل ببساطة مسألة انعدام للحلول أمام الإصرار اليمني على الانتصار.

هذا ما يؤكده تصريح نقلته شبكة “فوكس نيوز” عن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي شون سافيت، جاء فيه: “الولايات المتحدة قد استخدمت بشكل عدواني نهجاً حكومياً كاملاً رداً على الحوثيين، بما في ذلك العقوبات، وإدراج المجموعة كمنظمة إرهابية عالمية محددة بشكل خاص، وتعطيل خطوط إمداد المجموعة”، حسب تعبيره.

ويعني هذا التصريح أن الولايات المتحدة قد فعلت كل ما يمكنها القيام به في إطار محاولة ردع الجيش اليمني، لكنها فشلت.

 

مرتبطة بالحرب في غزة ولن تنتهي إلا بانتهائها

ومن المنظور العدلي لخلفيات المواجهة، نقلت مجلة الشحن البريطانية “لويدز ليست ”عن دبلوماسي في الأمم المتحدة قوله: إن عمليات قوات صنعاء في البحر الأحمر مرتبطة بالحرب في غزة ولن تنتهي إلا بانتهائها.

وأكد الدبلوماسي الأممي “ديفيد غريسلي – David Gressly“ في تصريحات له نقلتها “مجلة الشحن البريطانية– لويد ليست -Lloyd’s List “ إن “أزمة البحر الأحمر لن تنتهي إلا بانقضاء حرب غزة”.

وأضاف أن “الآمال في جعل البحر الأحمر أكثر أماناً تعتمد على تغييرات أكبر”، بحسب ما ذكر التقرير.

وفي نفس السياق، أكد المندوب الروسي في مجلس الأمن الدولي ووزيرُ الخارجية العماني، بدر البوسعيدي، أن العمليات اليمنية في البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن، مرتبطة باستمرار العدوان الإسرائيلي والحصار على قطاع غزة، وأن وقف إطلاق النار في غزة سينهي كُـلّ التوترات في المنطقة؛ الأمر الذي يعكس مجدّدًا فشل الولايات المتحدة في ترويج روايتها حول حقيقة الموقف اليمني.

وفي فبراير الماضي أكّـد رئيس وزراء ماليزيا أن المشكلة في البحر الأحمر بدأت من العدوّ الإسرائيلي ولم تبدأ من القوات المسلحة اليمنية، وأكّـد أنه “يجب إيقاف العدوان الإسرائيلي على غزة وبعد ذلك كُـلّ شيء سيتوقف”.

 

انخفاض شحنات الزيت

وأخيرا، نقلت، رويترز، عن شركة فورتيكسا لأبحاث الطاقة أن العملياتُ اليمنية في البحر الأحمر أثَّرت على واردات أمريكا من زيت الوقود.

وقالت الوكالة نقلا عن الشركة أن انخفاض شحنات زيت الوقود من شرق السويس إلى ساحل خليج الولايات المتحدة، كان نتيجة استمرار الهجمات على السفن التي تعبر البحر الأحمر، وتجنب السفن طريق قناة السويس الأسرع

ونقلت، رويترز، عن روهيت راثود محلل السوق في شركة فورتيكسا لأبحاث الطاقة: سفينتين تحملان زيت الوقود، غادرتا الشرق الأوسط قبل نحو شهرين إلى أمريكا وأبحرتا حول رأس الرجاء الصالح لتجنب البحر الأحمر، مشيرا إلى أن تجنب سفن زيت الوقود الإبحار إلى أمريكا عبر البحر الأحمر، وإبحارها بعيدًا حول رأس الرجاء الصالح، ساهم في انخفاض واردات ساحل خليج الولايات المتحدة.

وأكّـدت وكالة “رويترز” في تقرير، انخفاض شحنات زيت الوقود من شرق السويس إلى ساحل خليج الولايات المتحدة؛ نتيجة استمرار العمليات العسكرية اليمنية على السفن المتجهة إلى “إسرائيل” أَو المرتبطة بالكيان الصهيوني التي تعبُرُ البحرَ الأحمر، وتجنب السفن طريق قناة السويس الأسرع.

ونقلت “رويترز” عن محلل السوق في شركة فورتيكسا لأبحاث الطاقة “روهيت راثود”   قوله: إن سفينتين تحملان زيت الوقود، غادرتا الشرق الأوسط قبل نحو شهرَين إلى أمريكا وأبحرتا حول رأس الرجاء الصالح لتجنب عمليات القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر.

وَأَضَـافَ “راثود” أن سفن زيت الوقود تتجنب الإبحار إلى أمريكا عبر البحر الأحمر، حَيثُ وإبحارها بعيدًا حول رأس الرجاء الصالح، ساهم في انخفاض واردات ساحل خليج الولايات المتحدة.

وبيّن محلل السوق في شركة فورتيكسا، أن عمليات اليمنيين في البحر الأحمر أثَّرت بالتأكيد على واردات زيت الوقود إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

 هجمات اليمن أجبرت القوة البحرية الأبرز في العالم على مغادرة البحر الأحمر وقارة أسيا خالية من أي قطع بحرية لواشنطن للمرة الأولى منذ عام 2001م

وفي وقت سابق كشفت وكالة رويترز خلو قارة أسيا خالية من أي قطع بحرية لواشنطن للمرة الأولى منذ عام 2001م

وقالت الوكالة إن هجمات اليمن أجبرت القوة البحرية الأبرز في العالم على مغادرة البحر الأحمر وقارة أسيا خالية من أي قطع بحرية لواشنطن للمرة الأولى منذ عام 2001م

وأكّـدت وكالةُ “رويترز” انسحابَ السفن الحربية الأمريكية من البحر الأحمر، واعتبرت أن “تخلي الولايات المتحدة عن مهمتها هناك لم يكن متوقعاً، بالنظر إلى السُّمعة التي حاولت بناءَها على مدى عقود بشأن قوتها البحرية”، مشيرة إلى أن ذلك يعكسُ تغيُّرَ الموازين، ومواجهة زمن مختلف.

 

قد يعجبك ايضا