عمليات المرحلة الخامسة ومنطلقاتها في الثقافة اليمنية

 

 

لا يألو اليمن جهدا في عمليات إسناد غزة، وفتح الباب على مصراعيه في معركة لا سقف يحدد أفقها، فكل الخيارات مطروحة وكل الأهداف في الكيان الصهيوني تحت مرمى النيران اليمنية ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، يقولها السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بكل صراحة، لا سقف لعملياتنا العسكرية لا سقوف سياسية ولا قوانين دولية، وما يمكن أن يحد من عملياتنا هو الجانب الإنساني فقط ومدى قدراتنا العسكرية. ومن هذا المنطلق كان موقف اليمن متميزا وبشكل ملفت يستدعي التأمل في منطلقات هذا الموقف الصلب الذي عجز عن كسره تحالفات أمريكا وأوروبا بما تملكه من أسلحة وعتاد.

السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي أكد في كلمته يوم أمس بمناسبة المولد النبوي الشريف أن اليمن في إطار تحركه الإيماني والمبدئي والتأسي بالرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله، لن يألو جهدًا في الانتصار للشعب الفلسطيني حتى إنهاء العدوان والحصار على غزة ودحر الاحتلال من كل أرض فلسطين.

وأوضح السيد القائد أن ثبات موقف اليمن المبدئي والجهادي يأتي في ظل الظروف الراهنة التي تعاني فيها الأمة الإسلامية من الاستهداف الشامل من قوى الكفر والنفاق وعلى رأسها أمريكا و”إسرائيل” ومن يدور في فلكهم. وفي إطار المسؤولية الجهادية لنصرة فلسطين التي يرتكب الأعداء بحقها جرائم الإبادة الجماعية، أكد السيد استمرار الشعب اليمني على موقفه المبدئي الجهادي في حمل راية الإسلام والوقوف في وجه قوى الطاغوت والاستكبار.

وفيما يتعلق بالعملية النوعية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية في يافا، أوضح السيد القائد أن العملية نفذت بصاروخ باليستي جديد بتقنية متطورة، حيث تجاوز الصاروخ كل أحزمة الحماية التي يحتمي بها العدو ويتمترس خلفها، بما فيها من منظومات الدفاع الجوي المتنوعة، إضافة إلى المدى البعيد للصاروخ الذي قطع أكثر من 2040 كم في مدة لا تتجاوز 11.5 دقيقة.

وأوضح السيد أن العمليات مستمرة طالما استمر العدوان الإسرائيلي على غزة، وأن موقف اليمن ثابت حتى تطهير فلسطين المحتلة. وأضاف: “نصعّد في كل مرحلة تصعيد وننسق مع المجاهدين في فلسطين ومع محور القدس والجهاد والمقاومة ونتحرك لفعل ما هو أكثر والقادم أعظم بإذن الله تعالى”.

وفيما يتعلق بالعمليات البحرية، أكد السيد أن القوات اليمنية تواصل عملياتها في البحار لاستهداف الحركة الملاحية المرتبطة بالعدو الإسرائيلي وشريكه الأمريكي والبريطاني، وهي بحمد الله عمليات ناجحة وفي غاية التأثير.

في العمق الاسرائيلي

وكانت القوات المسلحة اليمنية أعلنت،الأحد، تمكنها من استهداف منطقة يافا في فلسطين المحتلة بصاروخ باليستي جديد فرط صوتي محلي الصنع، قادر على اختراق المنظومات الدفاعية للعدو. وأضافت أن العملية نفذت بصاروخ باليستي جديد فرط صوتي نجح بعون الله في الوصول إلى هدفه، وأخفقت دفاعات العدو في اعتراضه والتصدي له. وقطع الصاروخ مسافة تقدر بـ 2040 كم في غضون 11 دقيقة ونصف الدقيقة، وتسبب في حالة من الخوف والهلع في أوساط الصهاينة، حيث توجه أكثر من مليوني صهيوني إلى الملاجئ، وذلك لأول مرة في تاريخ العدو الإسرائيلي.

القوات المسلحة أوضحت أن العملية جاءت تتويجًا لجهود أبطال القوة الصاروخية الذين بذلوا جهودًا جبارة في تطوير التقنية الصاروخية حتى تستجيب لمتطلبات المعركة وتحدياتها مع العدو الصهيوني، وتنجح في الوصول إلى أهدافها وتتجاوز كافة العوائق والمنظومات الاعتراضية في البر والبحر، منها الأمريكية والإسرائيلية وغير ذلك.

وأكدت القوات المسلحة أن عوائق الجغرافيا والعدوان الأمريكي البريطاني ومنظومات الرصد والتجسس والتصدي لن تمنع اليمن العزيز من تأدية واجبه الديني والأخلاقي والإنساني انتصارًا للشعب الفلسطيني. مضيفة أن على العدو الإسرائيلي أن يتوقع المزيد من الضربات والعمليات النوعية القادمة ونحن على أعتاب الذكرى الأولى لعملية السابع من أكتوبر المباركة، منها الرد على عدوانه الإجرامي على مدينة الحديدة، ومواصلة عمليات الإسناد للشعب الفلسطيني المظلوم.

 

اعلام العدو الصهيوني

وأكد إعلام العدو الصهيوني أن صاروخًا يمنيًا قويًا وفرط صوتي تخطى كل الدفاعات وضرب منطقة عسكرية في اللد قرب مطار بن غوريون. واعترف المتحدث باسم جيش العدو الصهيوني، الأحد، بوصول صاروخ أطلق من اليمن إلى وسط الكيان دون التمكن من اعتراضه.

وقال إعلام العدو: دخل أكثر من 2 مليون “إسرائيلي” إلى الملاجئ بسبب صاروخ يمني واحد.

وأكدت وسائل إعلام العدو إصابة مباشرة لمحطة كهرباء جنوب شرق تل أبيب، فيما ذكر موقع “حدشوت بزمان” العبري أنه تم إطلاق عدد كبير من الصواريخ الاعتراضية المختلفة على الصاروخ القادم من اليمن ولم يتم اعتراضه. أما “نجمة داوود الحمراء” التابعة للعدو فأكدت إصابة 9 صهاينة خلال الهروب إلى الملاجئ إثر الصاروخ الذي ضرب وسط البلاد.

وذكر إعلام العدو أن رجال الإطفاء يواصلون العمل لإخماد حريق ناجم عن الصاروخ القادم من اليمن، ولأول مرة يصل صاروخ باليستي إلى وسط البلاد، و”الجيش” يفتح تحقيقًا في فشل اكتشافه قبل وصوله.

إذاعة “جيش” العدو قالت إن الصاروخ الباليستي قطع مسافة 2000 كيلومتر من اليمن، وأن زمن الرحلة المطلوب لصاروخ باليستي لمثل هذه المسافة نحو 15 دقيقة، مشيرة إلى أن سلاح الجو و”الجيش” يحققان في سبب فشل الدفاعات الجوية في اعتراض الصاروخ.

وأوضحت أن منظومات الكشف يبدو أنها قد رصدت الصاروخ اليمني، لكن السؤال هو في أي مرحلة حدث ذلك، وما إذا كان الوقت قد فات بالفعل لإجراء اعتراض ناجح لصاروخ باليستي ثقيل بعيد المدى.

كذلك، قالت إن “اليمنيين لديهم حساب مفتوح معنا… وهذه ليست المرة الأولى التي ينجحون فيها في اختراق منظومات الدفاع الإسرائيلية”.

وتعليقًا على ذلك، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن “السؤال الصعب بعد إطلاق الصاروخ من اليمن: لماذا تم اكتشاف الصاروخ في مرحلة متأخرة؟”.

من جهته، قال المراسل العسكري لقناة “الـ 14” الإسرائيلية، هيليل بيتون روزين، إن المنظومة الأمنية تتبعت الصاروخ لعدة دقائق وقامت بتفعيل نظام الاعتراض “حيتس” والقبة الحديدية تجاهه، مضيفًا: “ليس من الواضح لماذا جرت محاولات الاعتراض فوق وسط إسرائيل، وليس بعيدًا عن حدودها”.

القناة الـ 14 التابعة للعدو أكدت أن التحقيق الأولي في سلاح الجو “الإسرائيلي” يفيد بأن جميع الصواريخ فشلت في عملية الاعتراض للصاروخ اليمني.

وقال موقع ماكو التابع للقناة 12 العبرية: “كيف تمكن الصاروخ الباليستي الذي أُطلق من اليمن من الإفلات من كل أنظمة الكشف الخاصة بالأمريكيين ودول المنطقة أيضًا، وصولًا إلى الإسرائيلية؟!”، فيما أكدت صحيفة “جوزليم بوست” العبرية تمكن “الحوثيون” من تهديد “إسرائيل” على الرغم من أن دفاعاتها الجوية تعمل بشكل جيد، إذ تمتلك “إسرائيل” دفاعات جوية متعددة الطبقات مثل القبة الحديدية، ومقلاع داود، وحو 2، وحو 3.

 

الموقف اليمن وتنبؤات المستقبل

شهدت المدن اليمنية احتفالات واسعة بالهجوم الصاروخي على يافا ، حيث اعتبره الكثيرون انتصارًا للشعب اليمني ودعمًا للقضية الفلسطينية. وأعرب المواطنون عن فخرهم بقدرات بلادهم الصاروخية، معتبرين أن هذا الهجوم يعكس قوة وإرادة اليمن في مواجهة العدوان الإسرائيلي، رغم الظروف الصعبة التي يمر بها البلد من حصار وعدوان مستمر.

من جهة أخرى، أظهرت ردود الفعل الإسرائيلية توترًا كبيرًا، حيث وجدت “إسرائيل” نفسها عاجزة عن توجيه ضربات مؤلمة لليمن بسبب قلة الأهداف الاستراتيجية الحيوية. هذا الضعف في القدرة على الردع يعكس تحديات جغرافية وسياسية تجعل من الصعب على “إسرائيل” تنفيذ عمليات عسكرية فعالة دون تكبد خسائر كبيرة. بالإضافة إلى ذلك، كشفت الهجمات الصاروخية اليمنية عن ثغرات في منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية، مما أضر بسمعتها وأثار تساؤلات حول فعاليتها في حماية الأجواء “الإسرائيلية”.

التصريحات المتشنجة من المسؤولين الصهاينة، والضغط الداخلي من المستوطنين الذين يشعرون بعدم الأمان، يزيد من التوترات السياسية داخل الكيان. وسائل الإعلام العبرية تركز بشكل كبير على الهجمات الصاروخية اليمنية، مما يضخم من حجم التهديد ويزيد من حالة الذعر بين المستوطنين.

على الصعيد الإقليمي، قد يؤدي هذا التصعيد إلى تعزيز التعاون بين محور الجهاد والمقاومة، مما يزيد من التحديات الأمنية التي يواجهها العدو الإسرائيلي. فتح جبهات جديدة في المنطقة قد يزيد من تعقيد الوضع الأمني ويضع “إسرائيل “في مواجهة متعددة الأطراف.

تبعات اقتصادية

من الناحية الاقتصادية، يمكن أن يؤدي التصعيد العسكري إلى تأثيرات سلبية على الأسواق المالية وأسعار النفط، خاصة إذا تأثرت حركة التجارة في البحر الأحمر نتيجة للهجمات الصاروخية. ستضطر الدول المتأثرة إلى زيادة إنفاقها على الدفاع والأمن، مما قد يؤثر على ميزانياتها العامة ويزيد من الأعباء الاقتصادية.

ويمكن القول إن دعم اليمن لغزة قد أثر بشكل كبير على الاقتصاد الإسرائيلي، مما أدى إلى تداعيات واسعة النطاق في المنطقة. ومع استمرار العدو الإسرائيلي محتلا لفلسطين، فالتوترات ستتوسع، خاصة مع تدخل القوى الغربية التي تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة. في المستقبل، قد نشهد تصاعدًا في الأعمال العدائية، مما سيؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة.

 

تأثيرات الدعم اليمني على الداخلي الاسرائيلي

يعزز الدعم اليمني لغزة، حسب محللون- من التوترات في المنطقة، مما يؤدي إلى زيادة النفقات العسكرية الإسرائيلية. حيث أن السلوك العدواني المتزايد الذي تمارس “حكومة” الكيان يتطلب منها تعزيز قدراتها الدفاعية. مشيرين إلى تزايد التوترات قد يؤثر سلبًا على السياحة “الإسرائيلية”، حيث يتجنب السياح زيارة المناطق المتوترة. هذا بدوره يقلل من الإيرادات ويزيد من الأعباء الاقتصادية كما أن الدعم اليمني قد يؤدي إلى زيادة في أسعار السلع الأساسية في الداخل الإسرائيلي نتيجة للقلق من التصعيد، وزيادة هروب الرأس المال من “إسرائيل”. فضلا عن أن الأسواق قد بدأت بالفعل في التأثر بالتوترات الأمنية بسبب ضربات المقاومة الفلسطينية وحزب الله وإيران واليمن، مما يدفع التجار إلى رفع الأسعار كإجراء احترازي، أولا. يلحقه هروب لرأس المال بشكل تدريجي.

ناهيك عن أن أغلب الشركات الأجنبية صارت تتجنب الاستثمار في الأراضي المحتلة بسبب المخاطر المرتبطة بالتصعيد الذي تشعل فتيله تهور نتنياهو في المنطقة، وهو- كما تعلق المعارضة الإسرائيلية- تصرف أهوج يؤثر سلبًا على الاقتصاد الإسرائيلي بصورة عامة ويدفع إلى تقوية مؤشرات عدم الاستقرار.

تقدم القوى الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، دعمًا عسكريًا واقتصاديًا للعدو الإسرائيلي، مما يعزز من قدرته على ممارسة عدوانها البربري على الفلسطينيين. وبالتالي، فإن هذا الدعم يثير تساؤلات حول جدية هذه القوى فيما تدعيه من مساعي تعزيز السلام في المنطقة. النقد الموجه للسياسات الغربية يعكس فشل هذه القوى في تحقيق أي استقرار حقيقي في أي بؤرة صراع تحشر أنفها فيه.

والدليل أن هذه الضغوط الغربية على السياسات الإسرائيلية لم تدفع الكيان الإسرائيلي نحو اتخاذ أي خطوة نحو السلام، لأن هذه الضغوط في الاغلب تكون مرفوضة وغير كافية أو بالأصح غير ذات أهمية إسرائيليا.

وبالتالي، وحسب محللون، يؤدي الدعم اليمني لغزة إلى زيادة الانقسام داخل الكيان الإسرائيلي بين مؤيد ومعارض للصراع. مما يزيد من الاستقطابات السياسية والفكرية داخل المشهد السياسي “الإسرائيلي”. ولعلها آخر هذه المشادات ما أعلنت عنه هيئة البث الإسرائيلية أنّ “بنيامين نتنياهو” قال إنه سيستبدل “يوآف غالانت” إذا عارض قرار توسيع الحرب في الشمال. وأشارت الهيئة إلى أنّ تهديد نتنياهو جاء لمجرد أن “غالانت” أراد استنفاد الدبلوماسية قبل توسيع الحرب في الشمال، ولفتت الى أنّ قائد “المنطقة الشمالية” يؤيد طلب “نتنياهو” بتوسيع الحرب ضدّ حزب الله.

على مستوى الجبهة الفلسطينية، يعزز الدعم اليمني من روح المقاومة لدى الفلسطينيين، مما يزيدهم قوة وحماس في مواجهة تحدي العدو الإسرائيلي. يجد الشباب الفلسطيني في هذا الدعم القوة والإلهام لمواصلة كفاحهم من أجل الحرية. إن دعم اليمن لغزة يمثل رمزًا للمقاومة والتحدي في وجه الظلم. ورغم الظروف الصعبة التي يمر بها اليمن، فإن تأثيره على الاقتصاد الإسرائيلي وعلى المعادلة الإقليمية والدولية لا يمكن تجاهله. يتطلب الأمر من القوى الغربية إعادة النظر في سياساتها والاعتراف بالأهمية التاريخية والاستراتيجية للدعم اليمني، وبالتالي، تعيد حساباتها وتعمل على إيقاف الدعم المقدم للكيان.

 

قد يعجبك ايضا