يمن منهك واستحواذ مستمر
لقد سئم اليمنيين ( طوال مدة انعقاد مؤتمر الحوار الوطني ) من سماع أصداء الفرقعات الإعلامية التي تطلقها القوى السياسية التقليدية (نظام المبادرة بشقيه الرئاسي والحكومي ) والتي توحي في الظاهر إلى ضرورة الإسهام في صناعة مستقبل اليمن والأجيال القادمة ، والوصول إلى الدولة المدنية الحديثة المبنية على الشراكة الحقيقية في السلطة والثروة بعيداً عن الإقصاء والتهميش ، فيما توحي في الباطن تفريغ مؤتمر الحوار من محتواه ومضمونه، واستمرار تلك القوى في التسلط والاستحواذ على السلطة ونهب ثروة ومقدرات البلاد والعباد بغطاء مؤتمر الحوار الوطني ! وفي حقيقة الأمر ، فأن واقع الحال يبين انه لا توجد نوايا صادقة لتلك القوى للوصول إلى الدولة المدنية الحديثة ، ولا شراكة الحقيقية في السلطة والثروة ! فمازالت تلك القوى التقليدية تنهش في جسد اليمن المنهك (نقول يمن منهك لان تلك القوى كانت سبباً رئيسياً في إنهاكه) ومازالت تستحوذ على السلطة ، وتنهب ثرواته في ضل مبدأ المحاصصة والتقاسم .
فقبل الحديث عن صناعة مستقبل اليمن والأجيال القادمة ، كان من الأجدى الحديث من منطلق المسؤولية عن ما عانته الأجيال الحاضرة في سابقاً في الجنوب والشمال ،وما تعرضت له من جرائم قتل وإبادة وتدمير للمنازل والمزارع من قبل تجار الحروب ، والعمل الدؤوب على معالجتها وإيجاد الحلول الجذرية لها ، ومن ثم الحديث عن إمكانية صناعة مستقبل اليمن والأجيال القادمة. وأيضا الحديث عن ما تعانيه الأجيال الحاضرة حالياً من انفلات امني وانعدام لأدنى مقومات الحياة والعيش الكريم من امن وخدمات أساسية ومن ثم الحديث عن إمكانية صناعة مستقبل اليمن والأجيال القادمة .
فمازال اليمنيين يعانون من ويلات وفساد وإجرام حكومة المحاصصة ، هذه الحكومة ألقت بمعاناة وتطلعات اليمنيين عرض الحائط "حائط الوطنية " منذ الوهلة الأولى من تشكيلها ، واهتمت فقط وبشكل حصري بتحقيق المصالح الضيقة للأحزاب والقوى التي تمثلها ، والمواطن اليمني ….. الله يفتح عليه . أما العمل على توفير الحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم للمواطنين من توفر الأمن والخدمات الأساسية من مشتقات نفطية وكهرباء فهو ليس من اهتمام تلك الحكومة ، وقد تجلى ذلك لليمنيين عندما وجدوا رئيس تلك الحكومة ونصف وزرائه المبجلين مسافرين خارج البلاد لقضاء إجازة العيد لأنهم بكل وقاحة عاجزين كل العجز عن القيام بالمهام المنوطة بهم ! بل حولوا حياة المواطنين إلى بؤس في الأيام العادية ، والى جحيم في أيام الأعياد. بل تعدى الأمر أكثر من ذلك وصولاً إلى سماح حكومة العمالة للأمريكيين بانتهاك سيادة البلاد براً وبحرا ً وجواً، وما تبع ذلك من جرائم قتل بحق المواطنين اليمنيين ، ومداهمة منازلهم . وفي السياق نفسه فأن الحديث عن الوصول إلى الدولة المدنية الحديثة المبنية على الشراكة الحقيقية في السلطة والثروة بعيداً عن الإقصاء والتهميش في ضل مساعي القوى التقليدية لإعادة إنتاج منظومة الفساد السابقة تحت غطاء الحوار وبن عمر هو ضحك على الذقون واستهتار واضح وسخرية إلى ابعد الحدود بإرادة الشعب الذي خرج ثائراً في فبراير 2011م لاجتثاث منظومة الفساد تلك ، والوصول إلى الدولة المدنية الحديثة التي تكفل التعايش السلمي لجميع المواطنين ،والشراكة الحقيقية في السلطة والثروة.
فالمؤامرات التي تحُاك خلف الكواليس والتي تجلت بإعلان عن انعقاد الجلسة العامة الثالثة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني قبل التوافق على أهم القضايا التي أؤسس من اجلها مؤتمر الحوار الوطني ، إضافة الى عدم وجود مشروع خارطة طريق لمرحلة ما بعد الحوار يكشف المساعي الحثيثة للقوى التقليدية لإعادة إنتاج منظومة الفساد السابقة والتحايل على القوى الشريفة والفاعلة في هذا الوطن ، والمضي قُدماً نحو مزيداً من التقاسم والمحاصصة والاستحواذ على السلطة والثروة وبذلك نصل إلى حقيقة قد تجلت بوضوح هي أن مغزى تلك المؤامرات كما أسهبت اعلاه ليس الوصول إلى الدولة اليمنية الحديثة ، وإنما الوصول إلى يمن منهك ومدمر ، في ضل استحواذ وتسلط مستمر!! بالفعل …. يمن منهك تحت الوصاية الخارجية وبقرار دولي من مجلس الأمن الدولي ضمن الخطة "ب" لبن عمر. بالفعل …. يمن منهك بلا سيادة وطنية ،بل يمن انُتهكت سيادته ، ويفسد فيه الأمريكيين وعملائهم قتلاً وإجراما. بالفعل …. يمن منهك يدُمر جيشه تحت غطاء ما يسمى بهيكلة الجيش التي ترعاها أمريكا ، في ضل استمرار مسلسل الاغتيالات للقادة والضباط العسكريين ، وذبح وقتل الجنود بالأدوات التي صنعتها أمريكا. بالفعل …. يمن منهك ينهب ثرواته ومقدراته صفوة الفاسدين فيه ، ويعاني مواطنيه من انعدام لأدنى متطلبات العيش الكريم .