معسكرُ غولاني والعشاءُ الأخير
موقع أنصار الله ||مقالات ||د. شعفل علي عمير
الكيانُ الصهيوني يعتقد أنه ينعمُ بالأمن في معسكراته وثكناته العسكرية، مطمئن فعلاً بأن قدراته الاستخباراتية قد ضمنت له الأمان؛ فيما أثبتت أحداث 13 أُكتوبر الجاري أن العمق الصهيوني الأكثر تحصيناً في دائرة الاستهداف من حزب الله، الذي وجّه ضربة موجعة لجيش العدوّ الصهيوني، وَوُصف بأنه الأكثر دموية منذ بدء “طُـوفَان الأقصى” المباركة، وتكمن خطورة الضربة أنها استهدفت أبرز قوات النخبة “لواء غولاني” التي اختلط فيها العشاء بالأحشاء في ليلتهم الأخيرة؛ فلم تكن ضربة بنيامينا مُجَـرّد رد فعل انتقامي بقدر ما ثبّتت توازنًا للردع، ورسّخت معادلة جديدة؛ فغدت حيفا مقابل الضاحية، وأصبح يعيش هو وجنوده في رعب؛ إذ أفقدت العمليةُ العدوَّ توازُنَه.
روحُ السيد حسن نصر الله -رضوان الله عليه- تطاردُهم في كُـلّ مكان فعندما اطمأنَّ العدوُّ الصهيوني بأنه قد قضى على المقاومة عند استهدافه قائدَها كان واهماً؛ فقد أثبتت المقاومة أنها أكثر ثباتاً وقوة، تفاجأ الكيان باستمرار وتصاعد وتيرة المقاومة في عملياتها النوعية، لا يعلم العدوّ بأن استشهاد قادتنا يزيدنا يقيناً بالنصر؛ فدماؤهم التي أريقت دفاعاً عن المظلومين ما هي إلَّا وقودٌ للنصر ونورٌ نهتدي به في طريق الجهاد المقدس، والعزة التي وعد اللهُ المؤمنين بها.
الأحداثُ الأخيرة التي عاشتها وتعيشها الأُمَّــة ما هي إلَّا فتنةٌ أراد الله -سبحانَه وتعالى- بحكمته أن تظهرَ حقائقُ كانت مغيَّبة، حقائق اتضحت جلية حَــدَّ السفور العالمي الذي كان يتوارى خلف الشعارات؛ فأراد الله أن يكشف زيف تلك المنظمات والأنظمة ومنها عربية وإسلامية؛ فكانت غزة ثم بيروت مَن لهما الفضل في كشف كذب الغرب وحقيقة المنافقين.
إن العالم الإسلامي أمام مرحلة شُخصت فيها أوضاعُهم وتبيَّنت فيها مكامن ضعفهم؛ فإن لم يتداركوا ما هم فيه من هوان فسيكونون جزءاً من مشاريع أعدائهم، وأطماع الآخرين؛ ثم يكون من السهل السيطرة عليهم وعلى أوطانهم ومقدراتهم، وليعلم كُـلّ المسلمين بأن غزةَ أيقظتهم وهي تدافع عن الأُمَّــة الإسلامية، أيقظتهم وهي تقول إننا في حرب بين الإسلام كله والكفر كله، إنها عقائدية بامتيَاز.
فهناك مَن لا يزال في سباته، وهناك من أيقظته غزة، إنها اليمن ولبنان والمحور المقدَّس الذي أخذ على عاتقه مسؤوليةَ الدفاع عن المسلمين والمظلومين في العالم، إنه محور الإنسانية الذي مثّل الإسلامَ الحقيقي المحمدي بكل تجلياته.