لماذا أسبوعيًّا.. كلمات.. مظاهرات.. تعبئة؟

موقع أنصار الله ||مقالات ||د. محمد عبد الله شرف الدين

في دولة (ما) محتلّة، كان الرجل (س) يخرج أسبوعيًّا إلى الميدان العام في عاصمته المحتلّة، يرفع لافتة الرفض للاحتلال وحيدًا، لا يشاركه أحد، ومع ذلك لم يكل، ولم يمل، ولم يستغرب من تخاذل أهل وطنه؛ إنما بقي صامدًا صُلبًا.

وفي أحد أيامه المقدَّسة، وفي ميدان صموده المقدس، سأله أحدُ المارة: ما الفائدة من خروجك متظاهرًا وحيدًا؟

لربما كان هذا السؤال محرجًا لقاصر الوعي، فما عساه أن يجيب!

لكن من حسم أمره، وشحذ فكره، وجمع أطراف قضيته، وطواها في يمناه، ولم يعجزه ترسانة المحتلّين، لن تعجزه الإجَابَة، بل الإجَابَة قد تبلورت منذ وطئ دنس المحتلّ أرضه المقدسة، فيا ترى: ماذا كانت الإجَابَة؟!

لقد أجاب على السؤال قائلًا: إنني أخرج محتجًّا منكرًا ورافضًا للاحتلال، وهذا أمر طبيعي لكل شخص حر في بلدي.

ما سبق من إجَابَة، لم تكن الفحوى الصاعقة للسائل، حَيثُ استرسل المسؤول في إجابته: وأنا أخرج وحيدًا في المظاهرة ضد المحتلّ؛ لأَنَّني لا أريد أن أفقد إنسانيتي؛ فخروجي يجدِّدُ حيويتي الإنسانية، ويرسّخ مبادئ الإنسانية في مشاعري، فلا تبارحني؛ لكي أبقى إنسانًا ليس شكلًا فقط؛ إنما صورة، ومضمونا.

يا لها من إجَابَة، تكتب في جبين كُـلّ إنسان إنساني، وتكتب بلون الدم، كوصمة عار في جبين كُـلّ إنسان فقد أعظم ما منحه الله تعالى من نعمة، وهي نعمة التكريم، فقال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) فيا للأسف لمن خسر هذا التكريم الإنساني من الله تعالى.

وهنا تتنامى عظمة الشعب اليماني في مساندته للمجاهدين في سبيل الله في فلسطين.

فلا يألو جهدًا قائد الثورة اليمانية السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- من الإطلالة الخميسية من كُـلّ أسبوع، ويلقي خطابًا، يسبقُه الفعل قبل القول؛ فهو سيد الفعل والقول، ولا يقدم في خطابه أعدادًا للشهداء والجرحى، والمفقودين؛ باعتبَارها أرقامًا تضاف في السجل، كأرقام خاوية الوفاض، بل يجعلها وقودًا يشعل الأرواح المتوقدة فداء وتضحية، وتفانيًا؛ مِن أجلِ قضية فلسطين، إنه “يحفظه الله” يشحذ الهمم اليمانية؛ لتقوم بواجبها الإنساني، والأخلاقي والديني، ويؤنب الضمائر الميتة إنسانيتها، ويتوعد المجرم المعتدي، حتى صار لسان حاله قائلًا ما قاله جده الثائر الإمام زيد لليهودي: والله لئن أصل إليك؛ لأنزعن روحك من بين ضلوعك.

ثم نراه “يحفظه الله” يشد على أيادي المجاهدين في فلسطين ولبنان، ويشيد بتضحيات أهله اليمانيين، في خروجهم المشرف للمظاهرات المليونية، والتعبئة العامة، وللضربات الموجعة للعدو في البر والبحر.

إن الشعب اليمني بخروجه المليوني المشرف، ومساندته للشعب الفلسطيني قد حافظ على إنسانيته ودينه، حتى أصبح كُـلّ حر شريف في العالم يتمنى لو كان يمانيًّا؛ ليشمله وسام الله تعالى، ووسام نبيه محمد -صلوات الله عليه وعلى آله- عندما قال: (الإيمان يمان، والحكمة يمانية).

وأخيرًا: لمن لا زال بين جوانحه ضميرٌ إنسانيٌّ، لا تفقد إنسانيتك؛ فمكانك في ساحات المظاهرات شاغره، لا يسدها سواك، والإنفاق في سبيل الله يطهر ما علق بروحيتك من أدران، والتعبئة العامة تعدك مجاهدًا في سبيل الله، فإن لم تكن مجاهدًا؛ فبمَ ستوصف شخصَك؟!

والسلام على كُـلّ إنسان حافظ على إنسانيته.

 

قد يعجبك ايضا