في ذكرى وعد بلفور المشؤوم..
موقع أنصار الله ||مقالات ||عبدالمنان السنبلي
أين كان العرب يوم أن أعطى وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور وعدًا بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين سنة 1917..؟
أنا طبعًا لا أعني هنا الحيِّز الوجودي أَو المكاني، فالعرب، وكما هو معروف، موجودون، حَيثُ يسكنون اليوم منذ آلاف السنين..
ليس هذا ما أعنيه بصراحة..
ما أعنيه هو: أين كانوا يومها في دفاتر وسجلات الحسابات البريطانية..؟!
لم يكونوا حاضرين في الحقيقة..!
أو حتى غائبين..!
تعلمون لماذا..؟
لأنهم ببساطة لم يكونوا موجودين أصلًا..!
لم يكونوا يشكلون رقمًا يُذكر بالمرة..!
أو حتى صفرًا..!
لذلك كان من السهل على البريطانيين أن يعطوا اليهود وعدًا بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين..!
ليس هذا فحسب، بل ويتعهدون لهم أَيْـضًا بتقديم كافة التسهيلات اللازمة لتنفيذ وإنجاز هذا الوعد..!
حتى لو هجَّروا العرب..
أو أبادوهم جميعًا..
لم يكن يفرق معهم شيء..
فالعرب في حسبانهم، يومها، لم يكونوا يشكلون حتى مُجَـرّد أرقام صفرية أَو وهمية..
فكان ذلك الوعد أرخص وعدٍ في التاريخ..
وأكثرها قابلية للتحقيق..
طيب..
اليوم، وبعد مرور حوالي أكثر من مِئة سنة على ذلك الوعد المشؤوم، برأيكم، أين أصبح العربُ اليوم في دفاتر وسجلات الحسابات البريطانية..؟!
وكذلك الأمريكية..؟!
يعني: هل لا يزالون غير موجودين..؟
أم أن الحال قد تغير اليوم وأصبحوا من ذوي الأرقام..؟!
بصراحة، يكذب كُـلّ من يقول أن العرب لا يشكلون اليوم رقمًا حاضرًا وصعبًا..
كيف وقد باتوا اليوم يشكلون واحدًا من أهم وأصعب الأرقام على مستوى العالم كله..؟!
طيب.. أين المشكلة..؟
فقط مشكلة هذا الرقم أنه ليس في خانة العرب، حَيثُ يفترض له أن يكون، ولكنه للأسف الشديد في خانة البريطانيين والأمريكيين..!
فكأنما هو رقمٌ بريطاني أَو أمريكي صرف..
أو هكذا بات يُنظر إليه..!
حتى أسألوا غزة..
وجنوب لبنان..
اسألوا أرقام البنوك وعدادات النفط..
اسألوها في أية بورصةٍ تؤشر،
وفي أية خانة تصب..!
عندها فقط ستعرفون الحقيقة،
وتقولون بصوتٍ واحد:
ليتهم ظلوا غير موجودين..
أو في حكم العدم..
ليتهم لم يكونوا أرقامًا تذكر..
أو قصصًا تروى..!
ليتهم كانوا كذلك..
على الأقل، كنا شهدنا وعد بلفور واحدًا فقط في تاريخنا العربي..