المأساة في شمال غزة.. شاهد على وحشية العدو وزيف المجتمع الدولي

أنصار الله. تقرير

تواصل آلة العدو الإسرائيلي جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في كل أنحاء قطاع غزة، مع تركيز جهود العدو الإجرامية على شمال القطاع. فقد أعد جنرالاته ومخططوه المجرمون خطةً لتهجير السكان الفلسطينيين من شمال القطاع بشكل كامل، تمهيداً للاستيلاء على تلك المنطقة واستكمال مشاريعهم الاستيطانية والعسكرية.

وينفذ العدو الإسرائيلي هذه الخطة الإجرامية بارتكاب مجازر بشعة بحق المدنيين في منازلهم، وأماكن اللجوء. فيقومون بتدمير المساكن على رؤوس ساكنيها، واستهدافهم بالقصف الجوي والمدفعي في محاولة لإبادتهم جماعياً. كما يقتحمون بالقوة والعنف مراكز الإيواء التي يتجمع فيها عشرات الآلاف من النازحين، ويقومون باختطاف المئات منهم. إضافة لاستهداف الأهالي بسلاح التجويع، ومنع الغذاء عنهم الغذاء، والعمل على إنهاء كل الخدمات الطبية، من خلال استهدافه للمستشفيات، وللكوادر فيها، وللمرضى والجرحى ، ويحاول ألَّا يبقى هناك أي خدمة طبية تُقدَّم للأهالي، في مسعىً من العدو لتدمير كل مقومات الحياة والبقاء في شمال قطاع غزة.

ولا يقتصر عدوانهم على ذلك، بل يتابعون استهداف الفلسطينيين بالقناصة والقصف المدفعي حتى خارج مراكز الإيواء. وقد نفذوا جرائم مرعية كتلك التي ارتكبوها في بيت لاهيا عندما قصفوا مبنى سكنياً كبيراً من خمسة طوابق ما أسفر عن استشهاد العديد من النساء والأطفال.

مدير برنامج الأغذية العالمي في فلسطين أكد في تصريح صحفي اليوم أن 90% من السكان في شمالي قطاع غزة بلا طعام. مضيفا أن كل العاملين في المجال الإنساني قلقون بشأن ما يحدث مع “أونروا”. لافتا إلى أن البرنامج يقدم مع “أونروا” أكثر من 85% من المساعدات في قطاع غزة. داعيا إلى فتح المزيد من المعابر في قطاع غزة.

أما الصحفي من شمال غزة محمود العامودي فيؤكد أن الموت كل يوم يزداد في شمال غزة والحال لم يتغير منذ شهر سوى غارات العدو والاستهدافات المتزايدة. فكل يوم يحاول المواطنون البحث عن غذاء لإطعام الأطفال وسد جوعهم وفي النهاية نفشل بالحصول على أبسط المواد. خاصة بعد أن أصبح توفير الحطب وتوليع النار للطبخ معضلة كبيرة. ووصل الحال كما يقول الصحفي أنه لا يوجد أكفان للشهداء، أو حتى أماكن مخصصة لدفنهم، ويتم دفنهم في أفنية المنازل وساحات المشافي والطرقات. فهل بعد هذا الإجرام، إجرام؟!.

 

جهاز الدفاع المدني الفلسطيني من جهته أكد تلقيه مناشدات عديدة حول وجود مواطنين أحياء تحت منازل ومبان سكنية دمرها العدو الإسرائيلي خلال الأيام الماضية في بلدة بيت لاهيا بمحافظة شمال قطاع غزة وحذّر من استمرار حالة “الصمت الدولي تجاه العدوان والغطرسة الإسرائيلية التي ستفضي إلى إعدام المواطنين الأحياء تحت أنقاض منازلهم المدمرة”، معتبرا ذلك “انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني”.

واستكمل قائلا: “المواطنون في مناطق شمال قطاع غزة يتعرضون للموت والإبادة الإسرائيلية بصمت، في الوقت الذي عطل فيه الاحتلال عمل طواقمنا كليا وصادر مركباتهم ومعداتهم وهجرهم واعتقل بعضهم”.

إجرام الكيان

في سياق هذا العدوان الوحشي، أصدر العدو ما يسميه “قانوناً” لحظر أنشطة وكالة الأونروا الإنسانية في القطاع. فرغم أنها منظمة تابعة للأمم المتحدة وتقدم خدمات أساسية للسكان الفلسطينيين، إلا أن العدو يصفها بأنها تمارس “أنشطة إرهابية”، بما في ذلك توفير الغذاء والرعاية الطبية للنساء والأطفال.

كما يواصل العدو الإسرائيلي سياساته القمعية بحصار القطاع ومنع وصول متطلبات الحياة الأساسية. فمع اقتراب فصل الشتاء، سيكون مئات الآلاف من الفلسطينيين في شمال القطاع عرضة لمخاطر الأمراض الناجمة عن الحرمان من المياه والتدفئة وسوء التغذية جراء هذا الحصار المطبق.

على الرغم من الحصار الشديد المفروض على قطاع غزة، والذي يُعيق وصول المياه الصالحة للشرب والخدمات الأساسية الضرورية للسكان، إلا أن المعاناة تزداد مع قدوم فصل الشتاء وارتفاع الحاجة للتدفئة والخدمات الصحية. هذا الوضع القاسي يُعرض المدنيين، وخاصة الأطفال والمسنين والمرضى، لمخاطر انتشار الأمراض والأوبئة.

إن هذا الحصار الشديد هو جزء من خطة العدو الإسرائيلي لإحداث ظروف معيشية صعبة تدفع السكان للنزوح والتهجير القسري. فالهدف الأساسي للاحتلال الإسرائيلي هو تهجير السكان الفلسطينيين من شمال قطاع غزة، ضمن مخطط أوسع لطرد الفلسطينيين من القطاع بأكمله. وذلك من خلال ارتكاب المجازر والتدمير الممنهج للبنية التحتية والخدمات الأساسية.

إن واقع الحال يعكس بوضوح الممارسات الإجرامية للاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في شمال قطاع غزة، والتي تهدف في جوهرها إلى تهجير السكان وتطهير المنطقة عرقيًا، بما يخدم مخططات التوسع الاستيطاني والسيطرة على الأراضي. وهذا ينسجم مع سياسة الإبادة الجماعية وانتهاك القانون الدولي الإنساني.

 

صناعة وضع مأساوي

 

لا يكتفي العدو الإسرائيلي بقصف المنازل والمدارس في قطاع غزة، خاصة في شمال القطاع، بل إنه يقوم باستهداف المستشفيات وقتل الأطفال، كجزء من سياسة التهجير والتدمير للبنية الحياتية ولمقومات الحياة لأجيال قادمة. فما يقوم به العدو الإسرائيلي يأتي ضمن مخطط يسعى إلى إفراغ شمال غزة من سكانه بهدف إنشاء منطقة عازلة.

يستهدف العدو الإسرائيلي المستشفيات والمرافق الصحية بالقصف والتدمير، بهدف دفع المدنيين نحو الهجرة والنزوح. فاستهداف المستشفيات يخلق وضعاً مأساوياً، يسعى العدو من خلاله إلى إجبار المواطنين على اتخاذ قرار الهجرة حمايةً لأبنائهم وهرباً من الموت. كما يتم استهداف الأطفال بالقتل كجزء من استراتيجية تستهدف الأجيال المقبلة.

 هناك ارتباط وثيق بين استهداف المستشفيات والترحيل القسري للسكان. فعندما فشلت المحاولات الحثيثة للتهجير خارج القطاع، لجأ العدو إلى استراتيجية النزوح للفلسطينيين وإخلاء منطقة الشمال من سكانها لإنشاء منطقة عازلة قد تتحول في المستقبل إلى مستوطنات.

 

قتل الأطفال سياسة ممنهجة

في خضم العدوان المستمر، يظهر جليًا أن استهداف العدو الإسرائيلي للأطفال الفلسطينيين ليس مجرد نتيجة عرضية للحرب، بل يعكس مخاوف عميقة من النمو الديموغرافي الفلسطيني. يُعد قتل الأطفال سياسة ممنهجة تهدف إلى التأثير على التوازن الديموغرافي في المستقبل، حيث يسعى كيان العدو الإسرائيل إلى القضاء على جيل كامل من الفلسطينيين. إن هذه السياسة تُضعف المجتمع الفلسطيني على المدى البعيد، مما يُعيق فرص التكاثر والنمو، إذ تمثل النساء الركيزة الأساسية للخصوبة والنمو السكاني في هذا المجتمع.

إن سياسات الترحيل القسري تتماشى مع مساعي العدو لفرض السيطرة على شمال قطاع غزة، غير أن صمود الشعب الفلسطيني في جباليا ورفضه التهجير يدفع العدو الإسرائيلي إلى تكثيف استخدام القوة العسكرية. القصف الجوي والبري يمثلان أدوات ضغط منهجي، تهدف إلى إحداث حالة من الخوف والذعر تدفع السكان للرحيل.

 

ختاما

ما يجب أن يعلمه الجميع أن زمن الزَّرعِ الذي كان بالإمكان اقتلاع غزَّة فيه قد مضى، و نحن الآن في زمنِ الحصاد، فأقصى ما يمكن فعله هو كسر غصنٍ من الشَّجرة أما اقتلاعها فهذا بإذن الله مُحال، فقافلة العز مضت وما عاد بالإمكان عرقلة مسيرها، وليس لها من وُجهة إلا باحات المسجد الأقصى، وإنَّ غداً لناظره قريب!.

قد يعجبك ايضا