الغلو السلفي واللعب بالهوية الدينية!
لن اشير الى تاريخ التعايش السلمي في اليمن بين كل الطوائف والمذاهب فالتاريخ شاهد ومن ينكر التاريخ فهو ينكر ذاته، ما اود الاشارة اليه هو انه لم يتم استيراد السلفية كمذهب جديد بهدف اثراء التنوع المذهبي في اليمن بما ينعكس ايجابيا على واقع التعايش السلمي ونشر التنوع الثقافي لتوسيع مدارك الناس والاطلاع على ثقافات الاخرين والاستفادة من التجارب المختلفة, بل كان لهدف سياسي بحت قائم على نظرة السلفية للحكم وبراعتها في تطويع الدين للسياسة فهي ترى ان طاعة ولي الامر واجبه و لو كان يهوديا او حبشيا حتى وان قصم ظهرك واخذ مالك .. فالسلفية دخلت اليمن برعاية النظام الحاكم وبدأت اولى افرازات المذهب السلفي في الاستيلاء على المساجد والمدارس والجامعات وتغيير المناهج واقصاء بقية المذاهب خصوصًا المذهب الزيدي صاحب الارث الاكبر في التاريخ الديني لليمن وبعد احداث حرب صيف 94م – حيث كانوا حليف استراتيجي لنظام صالح وذراع الحرب الدينية التي عملت على نشر الفتاوى التكفيرية واباحة الدماء واعتبار ذلك كله جهاد للماركسية والشيوعية التي تحكم الجنوب اليمني- نشأت علاقة قوية بينهم وبين النظام اتاح لهم التصرف بكل شيء واقتسام الثروة وهو ما انعكس سلبياً على التنوع المذهبي لليمن وتغيير الهوية الدينية واستبدالها بهوية طائفية ذات ابعاد سياسية, أضرت بشكل كبير التعايش السلمي بين اليمنيين، حيث عمدت السلفية بما يترافق معها من خطاب طائفي اقصائي وتأييد سياسي الى نشر حالة من الاستياء المكبوت لدى الكثير من ابناء الطوائف الاخرى الذين تعرضوا ليس لتمييز مذهبي فحسب بل تمييزا في الخدمات الاجتماعية العامة من تعليم وصحة وكهرباء خطوط وغيرها من الخدمات العامة.
الغلو السلفي يشكوا منه حتى اهل السنه انفسهم حيث يرون ان السلفية ماهي الا امتداد للفكر الاموي الذي طوع الدين من اجل المصالح السياسية والمكاسب الشخصية يقول احد مشائخ السنة وهو الشيخ حسن بن فرحان المالكي " انظروا نتيجة الغلو السلفي انظروا إفرازاته بذاءات وكذب واتهامات وكبر وجهل وانتفاخ وهجر للقرآن وعبادة لبني أمية. هذه هي آثار الغلو السلفي في مجتمعنا، جهل مكعب كذب وحلف عليه بذاءة وشتائم تعبد بالكراهية خوف وهلع الخ… هذه آثار الغلو." ويقول " كل جهود الغلو السلفي مصبوبة على المسلمين تبديعا وتسفيها وتفريقا وفتاوى بالاضطهاد الخ … فما يشهده اليمن اليوم من حروب واغتيالات ومشاكل في الخدمات العامة هي نتاج الغلو السلفي وما يجري في دماج ما هو الا جزء من الغلو والعناد السلفي والجهل بدين الله القائم على التسامح وتحريم سفك الدماء والارتباط بحبل الله جميعا ونبذ الخلافات والاستعداد للعدو الحقيقي الذي يهدد وجودنا ويدنس مقدساتنا لكن للأسف تجد الغلو السلفي يقوم بالنيابة عن العدو الحقيقي بتنفيذ مخططاته نتيجة الجهل بمبادئ الاسلام العظيم بل ان العدو نفسه استفاد استفادة كبيرة من الغلو السلفي صار هو من يحركهم فما يجري من تفخيخ الناس في الشوارع والمدارس والجوامع وقتل الآف الابرياء كما نراه بشكل يومي في العراق وذبح الناس والتمثيل بهم ونبش القبور كما هو في سوريا ليس من الاسلام في شيء فالدين الاسلامي هو دين المعاملة فقد كان الانسان المسلم يجذب الاخرين الى الاسلام بأخلاقه ووفاءه وعدله وشهامته اما اليوم في ظل الغلو السلفي نجد الخوف من الاسلام قد عم ارجاء المعمورة وصار مرض الفوبيا من الاسلام حديث الاعلام المناهض للدين الاسلامي فالكل صار يخاف من الاسلام ومن المسلمين نتيجة الاسلام المشوه الذي يغزو دول العالم برعاية براميل النفط.. لن نستطيع الخروج من هذا النفق الا بالعودة الصادقة الى القرآن الكريم وعدم التحسس من أي دعوة تقول لنا تعالوا الى القرآن لنفهمه الفهم الصحيح الواعي فهو المخرج الوحيد و القادر وحدة على تقييم الواقع وكشف النفسيات وفضح المزيفون والمضللون.. ومن دونه ستبقى الشبهات تجرفنا مع كل تيار فنكون من تلك النوعية التي قال الله عنها {مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً }النساء143 صدق الله العظيم.