كثيرا ما يكون المنقذون للأمم من حيث لا تحتسب
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
هل يمكن أن يحصل لدى أي شخص منا الشعور بهذا؟ أو قد يكون كل واحد منا يقول: ماذا يمكن أن أعمل لهذه الأمة؟ من أنا حتى أعمل على رفعة هذه الأمة! قد يقول واحد منا هذه لأننا أصبحنا كمسلمين بابتعادنا عن القرآن الكريم بابتعادنا عن الله، ولأننا لم نعد نعتد بقدرة الله بجبروت الله بأنه هو القاهر فوق عباده، لم نعد نعتد بمعيته، أن معيته قوة، أن معيته نصر، أن معيته تأييد، إذا ما كان معنا.
أصبحنا مهزومين نفسياً لما فقدنا هذه الأشياء أصبحنا مهزومين نفسياً، وأصبح كل واحد منا تقريبا يرى بأنه لا يمكن أن يكون له دور في إنقاذ الأمة من هذه الوضعية التي تعاني منها! لكن أنت لو ترجع إلى أمثلة كثيرة في واقع الحياة ستجد وعلى طول التاريخ أن إنقاذ عباد الله جاء في أغلب حالاته من حيث لا تحتسب الأمة، وعلى أيدي من لم تكن الأمة تقدر أنه ممكن أن يعملوا شيئا في تاريخها وفي حياتها.
[الخميني] خرج وهو رجل فقير مهاجر من قرية تسمى [خُمَين] لو لقي رجلا آخر وقيل له: إن هذا سيعمل في المستقبل عملا عظيما وسيقيم دولة إسلامية ربما لأقسم – هذا الأخير – أن هذا مستحيل، لأقسم أن هذا مستحيل، لكن تحقق هذا وهكذا أمثلة كثيرة.
فالإنسان يعرف أنه يجب ونحن تحدثنا معكم في جلسة سابقة فيما يتعلق بالقرآن الكريم: أن عليك وأنت تعلم القرآن الكريم أن تقدمه للناس وكأنك تعد جنداً لله؛ تتحدث عن آيات الوحدة على أرقى مستوى، عن آيات الجهاد، عن آيات الإنفاق، عن الأمر بأن يكون الناس أنصاراً لله، عن أن يكونوا أمة واحدة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، عن كل ما هو من هذا القبيل تقدمه وكأنك تعد جيلاً مجاهداً هذا هو منطق القرآن، لا تحاول أن تعكس نفسيتك وهزيمتك النفسية على طلابك وعلى القرآن الكريم فتقدمه هزيلا.
أيضا أنت كطالب علم عندما تقرأ القرآن الكريم لا تدخل إلى القرآن بنفسيتك المهزومة، أدخل إلى القرآن بعد أن تكون قد نذرت حياتك لله ونذرت موتك لله وجعلت من نفسك جنديا لله؛ إلتزاماً بقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ}(الصف: من الآية14) فاقرأ القرآن حينئذ وتأمله لتعرف كيف تؤهل نفسك كجندي من جنود الله، لكن أن تقرأ القرآن أو تقرأ علوما أخرى لتدخل إلى القرآن بعد فتمر بآيات من هذا النوع فتحاول أن تجمدها مكانها فاعرف أن هذا هو الشقاء، وهذا هو الذي يجعل الإنسان فعلا لا يقدم ولا يؤخر للأمة بل يضر بالأمة بل يضر بالدين بل يضر بنفسه.
عندما يصل إلى مثل آية: {كُونُوا أَنْصَارَ اللَّه} سيقول: [هذه آية محلها حقيقة بس من ذي جهده؟] عند آية: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}(آل عمران: من الآية104) يقول: [هذا صح لكن من ذي جهده؟ الناس ما منهم شيء والناس ما هم طايعين].
وهكذا عندما يدخل الإنسان بهذه الروحية لن يعمل شيئا لن يحقق شيئا ويكون في واقعه لا يصح أن يطلق عليه اسم عالم. العالم هو من يجب أن يستفيد علمه من القرآن الكريم، وأن يكون علمه بالشكل الذي يجعل القرآن حياًّ في واقع الحياة، وحياًّ في نفسه، يجعل القرآن حياًّ في نفسه وفي واقع الحياة، أما أن يقرأ يقرأ لينتهي في الأخير إلى أن يجمد كل هذه الآيات مكانها فهو ليس بحاجة إلى أن يقرأ حتى يجمدها.
إن الله يريد من الناس أن يتعلموا ليعملوا، لا أن يتعلموا ليتحيلوا على كيف يجمدون أوامره ونواهيه، وهو سبحانه وتعالى عندما يأمرنا لا يأمرنا بشيء إلا وقد رسم الطرق المتعددة التي يمكن أن توصل بالناس إلى أداء ما أمروا به.
عندما يقول: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}(آل عمران: من الآية104) ليس مجرد أمر هكذا في الهواء، هو رسم عدة أشياء متعددة هي في متناول الناس، هي في متناولهم إذا ما استشعروا المسئولية، هي في متناول الناس في الأخير تجعل الناس أمة تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وهكذا في بقية الأوامر, ليس هناك أمر كلمة يرمي بها الباري إلى هناك – على ما نقول – ثم نقول: [والله ما جهدنا اما هذه]
هو لا يأمر بشيء إلا وقد هيأ كثيرا من التشريعات التي تخدم الأمة في أن تصل إلى تنفيذ هذا الأمر، ولهذا عندما نتعلم القرآن الكريم وكما أسلفنا أن يكون من أهم ما يتوجه ذهنك إليه وأنت تتعلم هو التعرف على الله سبحانه وتعالى، ومعرفة الله هو بالشكل الذي يتناسب مع عظمته سبحانه وتعالى وبالشكل الذي نحن في أمسّ الحاجة إليه في هذه المرحلة من تاريخنا هو: أن نعرف كيف نعزز ثقتنا بالله، كيف نعزز ثقتنا بالله سبحانه وتعالى حتى نرى أن بالإمكان أن ننفذ كل ما أمرنا أن نقوم به، أن نكون قوامين بالقسط، أن نكون أنصارا له، أن نكون أمة تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، أن نكون مجاهدين في سبيله، أن نكون مؤمنين فيما بيننا بعضنا أولياء بعض نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر.
كل هذا سيصل الناس إليه إذا ما عملنا على تعزيز ثقتنا بالله، وعرفنا سنته في الهداية سنته في التشريع، وعرفنا أنه سبحانه وتعالى ملك يختلف عن بقية الملوك، وملك رحيم.. هو رحيم.. ولرحمته وبرحمته جعل تدبيره كله وهدايته كلها وتشريعه كله منوط برحمته فإذا ما أمرك فأعلم أنه أمرك من منطلق رحمته بك وعندما أمرك هو سيهيئ لك ما يجعلك تؤدي هذا الأمر من منطلق رحمته بك وهكذا مع كل أوامره ومع كل نواهيه.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من ملزمة محياي ومماتي لله
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ 2002/07/26
اليمن – صعدة