اليهود والمنافقون.. معطياتٌ وعلاقاتٌ ونتائج
موقع أنصار الله ||مقالات ||د. محمد عبد الله شرف الدين
ليست (اليهود / المنافقون) ظاهرة عصرية طارئة، ولا قضية تَرَفِيَّةً، لا تمس متغيرات الواقع، وللموضوع ثلاثة محاور، وهي: (المعطيات -العلاقات -النتائج).
أولا: المعطيات:
ملفوظ (اليهود)؛ عبارة عن مفهوم ومصطلح، ولعل أول ظهور للمفهوم (اليهود) في أعمق تأثيل على إثر الانقسام بين أبناء نبي الله يعقوب، فيعد الأبناء المخالفون أول تشكل لتيار منحرف بين أظهر بني “إسرائيل”، واتسع مع مرور العصور حتى بلغ الانحراف الكامل حين دعوة النبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله.
وعن المصطلح (اليهود) ارتبط بالمنحرفين عن دعوة الإسلام لنبي الله موسى عليه السلام، وقرن القرآن الكريم بين المصطلح والمفهوم لليهود، ليعبر عن فريق الشر المحض.
وعند مفهمة مصطلح (النفاق)، وما يشتق منه، قد يتبادر في الذهن ارتباطه بالقاموس القرآني؛ لكن إنعام النظر يشف عن كون الحديث الواسع في القرآن الكريم عن ظاهرة النفاق، وخطرها، والتحذير منها، ليس؛ لأَنَّها وليدة الواقع العربي في مرحلة نزول القرآن الكريم، وإنما لكونها خطر كَبير أسقط ممالك قبل دعوة النبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله.
لقد عانى بنو “إسرائيل” أشد العناء من هجمات قوميات أُخرى عليهم قبل عهد مملكة نبي الله داوود، وكان الأخطر من المهاجمين هم منافقون، يرفعون المعلومات الاستخباراتية للقوميات الأُخرى؛ إذ قلوبهم موالية لأُولئك.
ثانياً: العلاقات:
أما العلاقة بين اليهود وأدوات النفاق العربي؛ فتبدأ من أرض الشام، وتنتهي في أرض الشام، لقد نفي أمية من مكة؛ لفجوره، وحط به المقام عشرين عامًا في الشام بالذات، الشام التي كان يخصها بزيارات سنوية في رحلة الصيف، وهذا يكشف عمق العلاقة بين أمية، وأهل الشام، ولكن من منهم بالتحديد؟
خصت علاقة أمية من أهل الشام بيهودها خَاصَّة، ومن الشام تقاطر اليهود إلى حول المدينة قبل البعثة النبوية، وهي منفى مِن أجلِي من اليهود في عهد النبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله، من حول المدينة، فالشام بؤرة خطيرة، وبيئة خصبة لتنامي العلاقة بين النفاق واليهود.
لقد وجه النبي محمد -صلوات الله عليه وعلى آله- قبل وفاته جيش أسامة جهة الشام، ففتح الله الشام على أيدي تلاميذ رسول الله، من ربتهم سورة التوبة، ورفع من معنوياتهم غزوة تبوك.
وفتحت الشام؛ ليختطفها منافقو العرب؛ إذ ولى عمر بين الخطاب يزيد بن أبي سفيان، وبعد موته ولى أخاه معاوية لعشر سنوات، فضجت العرب من فساده وإفساده، فقال عمر: دعوه، إنه كسرى العرب.
لقد اختيرت الشام مهبط منافقي الإسلام، وهو اختيار بعناية تمتد إلى تلك الجذور.
لقد كان معاوية المتراس الأول لمنع امتداد الفتح الإسلامي إلى الغرب الكافر، ومن بعده بنو أمية.
كان لمعاوية طبيب، وكان مكيناً في مكانته، وقدره، ناهيك باليهود المجليين من حول المدينة، فهم للاستشارة، وحلحلة المعضلات، وقلب مفاهيم الدين الإسلامي، فلهم خبرة تمتد لآلاف السنين، ولذا قد جعلوا لكل قائم مائلًا، وكان مجلس هشام بن عبد الملك يرتاده يهوداً، للمنادمة، وهتكوا عرض رسول الله في ذلك المجلس، أصبح سرجون بن منصور النصراني كاتب معاوية، واستمر متنقلاً حتى عهد عبد الملك بن مروان، فمثل دوره، كدور سفراء دول الغرب الكافر في عالمنا الإسلامي، وهناك عدد من النصارى عمال على أمصار ولاهم بنو أمية.
إن طبيعة العلاقة بين اليهود والمنافقين تتمثل في أواصر (الأخوة)، فقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}، [سُورَةُ الحَشرِ: ١١].
وهذه اللفظة ذاتها، نطقها من يطلق عليه رئيس رابطة العالم الإسلامي في السعوديّة العيسي أثناء حديثه عن طبيعة علاقة السعوديّة باليهود؛ إذ قال: وقف أنا وإخوتي من اليهود.
وفي معاصرتنا قادة النفاق النظام السعوديّ يعطي كيان العدوّ الإسرائيلي في معركة (طُـوفَان الأقصى) ملايين الدولارات، كدعم في مواجهة الحرب.
ويشارك النظام الإماراتي مع العدوّ الإسرائيلي الاجتياح البري لغزة بفرق متعددة، ناهيك بمشاركة الطيران.
ثالثا: النتائج:
ولكن ما نتائج تلك العلاقات؟
قطعاً قطعاً؛ قال تعالى: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ}، [سُورَةُ الحَشرِ: ١٢].
لقد أدبر السعوديّ والإماراتي عند الاعتداء على اليمن لإرضاء اليهود والنصارى، وهَـا هو يدبر في قطاع غزة، فثمة أكثر من أسير إماراتي في قبضة حركة حماس.
ولا قلق من تجمعهم، فهم في خلاصة جمعهم لا يخرجون من دائرة حزب الشيطان الذي قال الله عنه: {أولَـٰۤىِٕكَ حِزبُ الشَّيطَـانِ ألا إِنَّ حِزبَ الشَّيطَـانِ ٰنِ هُمُ الخَـاسِرُونَ}، [سُورَةُ المُجَادلَةِ: ١٩].
لقد اجتمع ثلاثي الشر في غزو العراق، وفشلوا، وفي اليمن تقهقروا، وها هم اليوم في فلسطين ولبنان يجرون ويلات الهزيمة.
وهَـا هي قمة الرياض المخزية للمرة الثانية، تجر أذيال الذل والعمالة، والتآمر على قضية فلسطين، ولذا ليست بقمة إسلامية؛ إنما قمة النفاق: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ، فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ}، [سُورَةُ المَائـِدَةِ: ٥٢]، فخاتمتهم الندم الشديد، وما خاتمة زعماء عرب سبقوهم تولياً لليهود والنصارى عنهم ببعيد، فيرونه بعيدًا، ونراه قريباً.
وكما سجل التاريخ منافقي الأُمَّــة الأوائل في صفحات المقت، والخزي، والعار، والفناء؛ فلن يكون منافقو الأُمَّــة في المعاصرة ببعيدين عن ذلك، والندم على جرائرهم أشد وطأة عليهم.
واليهود حالهم المزري لا ينفك عن ملاحقتهم، الذل، والخزي، والخوف، والقلق، ويكفيهم جميعًا العذاب النفسي اليوم، فسينفقون، ثم تكون عليهم حسرة، ويغلبون، وهم جميعًا في النار: {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ المُنَاٰفِقِينَ وَالكَاٰفِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}، [سُورَةُ النِّسَاءِ: ١٤٠].
أما نحن أُمَّـة الإسلام؛ فقد حدّدنا مسارنا، وبدقة متناهية، وبتوجيهات مكللة بالعون الإلهي، فقال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ، إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}، [سُورَةُ النِّسَاءِ: ٧٦].