أزمة تجنيد حادة تخلق وتعمق أزمات أكبر داخل كيان العدو الإسرائيلي
موقع أنصار الله . تقرير | يحيى الشامي
تُعدُّ أزمة التجنيد في صفوف جيش العدو الإسرائيلي تاريخية وسابقة حتى لتاريخ نشأة كيان العدو الإسرائيلي، وتأخذ أسوأ أشكالها مع المتدينين اليهود، وتعود اليوم إلى الواجهة من جديد مع بلوغ الحرب ذروتها، في ظل انقسامات حادة وغير مسبوقة في أوساط كيان العدو وأركان حكمه، مهددةً بانهيار يطال ائتلاف الحكم القائم حالياً، ويتعداه إلى مختلف الأصعدة الأمنية والسياسية والاجتماعية.
أعلن جيش العدو الإسرائيلي أنه يخطط لإصدار أوامر التجنيد الإجباري في الأيام القليلة القادمة، وذلك امتثالاً للقانون والالتزامات أمام المحاكم حسب ما جاء في بيانات جيش العدو.
ووفقاً للتقارير الإعلامية العبرية، تحدثت ما يُسمى بالمستشارة القضائية لـ”حكومة” العدو الإسرائيلي عن موضوع التجنيد في اجتماع يوم الثلاثاء، وأكدت أن أي تأخير أو تحديد للأوامر يعد “غير قانوني”، وفقاً لما أوردته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”. وألزمت المسؤولة الصهيونية الجهات المعنية بضرورة إصدار 4500 من أوامر التجنيد الإجباري دون الأخذ بعين الاعتبار ما إذا كان متلقو هذه الأوامر طلاباً في “الليشيفوت” أم لا (الليشيفوت هي مدارس دينية يهودية خاصة).
بناءً عليه، يعتزم جيش العدو الإسرائيلي إصدار أوامر التجنيد بحق آلاف “الحريديم” في الأيام القليلة المقبلة، خاصة بعد أن حذّرت المستشارة القضائية لحكومة العدو الإسرائيلي من أن أي تأخير أو تحديد لأوامر التجنيد يعد “غير قانوني”، في ظل النقص الحاد الذي يُعاني منه “جيش” العدو. وتظهر البيانات الرسمية حاجة “جيش” العدو إلى ما لا يقل عن 10 آلاف مجند جديد، منهم 7500 مقاتلون وفقاً لصحيفة “يديعوت أحرونوت”.
وتلقي أزمة تجنيد فئة “الحريديم” بتداعيات أمنية داخلية على جيش العدو داخل “الحكومة” وتركيبتها، ويهدد “الائتلاف” القائم حالياً.
أزمة متصاعدة
في ظل التصعيد على أكثر من جبهة، تفاقمت هذه الأزمة بشكل كبير، وأعاد – وفقاً للمراقبين – تدوير الأزمة بشكل أعمق مما سبق. ومؤخراً، وجّه رئيس أركان “جيش” العدو وما يُسمى وزير الدفاع بتجنيد 7 آلاف جندي بشكل طارئ من المتدينين “الحريديم”، علماً أن عدد “الحريديم” يتجاوز الـ80 ألفاً وفق الإحصاء الرسمي.
ومع صدور أوامر التجنيد الإجباري بحق حوالي 7 آلاف منهم، وبالنظر إلى تغيير “وزير دفاع” جيش العدو، والذي من المرجح أن يرفض إصدار أوامر التجنيد، فإن المتوقع تفاقم حاد للمشكلة أو ربما خلق مشاكل جديدة مترتبة، خاصة أن المجرم نتنياهو كان قد تعهَّد للمتدينين بأن “وزير الدفاع” الجديد، “يسرائيل كاتس”، سيُلغي قرارات التجنيد الإجباري.
وعليه، فإن من المتوقع أن تمتد الأزمة في الأيام القليلة المقبلة لتهدد التحالفات السياسية، في مقدمتها التركيبة “الحكومية”، وأن تخلق تداعيات أمنية على جيش العدو، وأن تتضرر منها “التركيبة” الاجتماعية، مع تعاظم الشعور بأن فئة معينة تتحمل أعباء الحرب وتكاليفها، بينما يبدو المتدينون بمنأى عنها ولا علاقة لهم بالحرب.
ويرى المهتمون بالشأن الداخلي “للمجتمع” اليهودي في الكيان المؤقت أن مشكلة التجنيد جذرية، وأن تجنيد “الحريديم” لا يمكن أن يحلها بشكل كامل، خاصة في ظل الأطماع التوسعية الكبيرة التي تقود كيان العدو الإسرائيلي إلى مزيد من الحروب.
ووفقاً للبيانات المنشورة في الصحافة العبرية، فإن عدد طلاب المدارس الدينية الذين بلغوا سن الخدمة العسكرية ولم يُجرَ تجنيدهم بعد هو 70 ألفاً, أما حول العجز الحاصل في جيش العدو، فبيانات “الجيش” تشير إلى الحاجة إلى زيادة عدد الجنود بما لا يقل عن 10 آلاف، منهم 7500 سيكونون لأدوار قتالية، حسب ما أورده تقرير صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية.
وذكرت الصحيفة أنه في الأسابيع الأخيرة، أرسل جيش العدو 3 آلاف أمر تجنيد إلى الرجال الحريديم، معظمهم من العاملين الذين ليسوا طلاباً بدوام كامل في مدارس “اليشيفاه”، وافق منهم 273 فقط، من بينهم 48 فقط التحقوا بالخدمة العسكرية، وعدّت الصحيفة هذا الرقم مؤشراً يعكس حجم المعارضة الشديدة في أوساط المتدينين “الحريديم”.
ومساء الأحد، اندلعت اشتباكات عنيفة تخللها أعمال شغب بين عناصر “أمن” العدو الإسرائيلي والمتشددين اليهود “الحريديم” الرافضين بشدة للتجنيد، في يافا المسماة “تل أبيب”، بعد استدعاء “جيش” العدو الإسرائيلي مزيداً منهم للتجنيد.
ويعاني “جيش” العدو الإسرائيلي نقصاً كبيراً في عدد قواته وخسائر بشرية يومية في حرب الإبادة التي يشنها بدعم وشراكة أميركية على قطاع غزة ولبنان، بالرغم من فرضه حظراً على خسائره الناتجة، ما يجعل من الأعداد المعلنة لا تمثل سوى الحد الأدنى من الأرقام الحقيقية لخسائره.