الشيخ نعيم قاسم: الإيواء والإعمار وعد والتزام.. وسنكون إلى جانب سورية في إحباط أهداف العدوان
لفت الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم إلى أنّه “مررنا في أخطر مرحلة منذ نشأة حزب الله قبل 42 عامًا عام 1982، وتعرّضنا لعدوانٍ وحشيّ وإجرامي طال المقاومين والبيئة وطال كلّ لبنان”، وأضاف “أراد العدو من خلال عدوانه الغاشم أن يسحق المقاومة وأن يُلغي حضورها ووجودها فواجهته المقاومة بمعركة “أولي البأس” التي كان لها الدور الكبير والأساس في الوصول إلى هذه النتيجة التي وصلنا إليها”.
وفي كلمة له حول آخر التطورات وحملة إعادة الإعمار، أشار الشيخ قاسم إلى ثلاثة عوامل أساسيّة لها علاقة بنصر الله تعالى لحزب الله في هذه المعركة، وقال “العامل الأول، وجود المقاومين المجاهدين الاستشهاديين في الميدان وصمودهم الأسطوري الذي أذهل العالم، فهم كانوا على الحافة الأماميّة بشجاعة وبسالة وتضحية، واستطاعوا أن يوقفوا المدّ “الإسرائيلي”، كما كانت الصواريخ والطائرات المسيّرة تصل إلى أهدافها إلى “تل أبيب” وحيفا وكل هذه المناطق في الجبهة الشمالية في فلسطين المحتلة”.
وأضاف “العامل الثاني، دماء الشهداء وعطاءاتهم وعطاءات الجرحى، دماء الشهداء وعلى رأسهم سيّد شهداء الأمّة سماحة السيّد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه، هذه الدماء التي أعطت زخمًا وحافزًا للمجاهدين من أجل الاستمرار وصبّرت الناس”.
وحول العامل الثالث، قال الشيخ قاسم “هو استعادة بنية القيادة والسيطرة، فعاد الحزب مُتماسكًا قيادةً ومقاومة وهذا ما ساعد على إدارة معركة البأس بشكلٍ مُتناسب في إدارة النيران وإدارة الميدان والعمل المباشر الذي ساعد على تحقيق هذا الإنجاز”.
وتابع سماحته “انتصرنا لأنّ مقاومتنا باقية ومستمرّة وستتألّق أكثر، انتصرنا لأنّ أهلنا احتسبوا تضحياتهم عند الله تعالى ويفاخرون بولائهم، انتصرنا لأنّ العدو “الإسرائيلي” لم يُحقّق أهدافه وهذه هزيمة له، انتصرنا لأنّ الوحدة الوطنيّة تجلّت والفتنة خُنقت في مهدها”.
وبما يتعلق باتفاق وقف إطلاق النار، قال الشيخ قاسم “نحن وافقنا على اتفاق إيقاف العدوان ووقف إطلاق النار ورجال الله في الميدان مرفوعو الرأس من موقع القوّة ومن موقع العزّة”، وأضاف “هذا الاتفاق هو اتفاق إيقاف العدوان وآليّة تنفيذيّة للقرار 1701 وليس شيئًا جديدًا”، وأوضح أن “الاتّفاق آليّة تنفيذيّة للقرار 1701، هو تحته وليس فوقه، هو جزءٌ منه وليس قائمًا بذاته، ولا هو اتّفاق جديد”.
وفيما سأل سماحته “ماذا يدعو هذا الاتفاق؟”، قال “يدعو إلى انسحاب “إسرائيل” من كامل الأرض اللبنانيّة وإيقاف عدوانها، بالمقابل يُمنع تواجد المسلّحين وسلاح المقاومة في جنوب نهر الليطاني حيث ينتشر الجيش اللبناني الوطني كقوّة مسلّحة وحيدًا، إذًا هو اتّفاق لجنوب نهر الليطاني، أمّا القرارات ذات الصلة وآليّاتها المختلفة والواردة في داخل القرار 1701 والتي لم يتعرّض لها الاتّفاق في آليّاته التنفيذيّة، لأنّ الآليّات التنفيذيّة مُقتصرة على جنوب نهر الليطاني وليس شيئًا آخر، وإن أشارت إلى غير ذلك فهي إشارة للعودة إلى القرارات ذات الصلة وإلى المضمون التفصيلي الآخر للقرار 1701″.
وأضاف “أمّا القرارات ذات الصلة فهي لها آليّاتها ومنها استعادة لبنان لحدوده الكاملة ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا خلال فترةٍ زمنيّة مُحدّدة، وأمّا ما له علاقة بالداخل اللبناني وبالعلاقة بين المقاومة والدولة والعلاقة بين المقاومة والجيش فهذا له علاقة بآليّات يُتّفق عليها في الداخل اللبناني، ولا علاقة لـ “إسرائيل” بها، ولا علاقة لأيّ لجنة أن تنظر إليها أو أن تتعاطى فيها لأنّها من المسائل الداخلية”.
وتابع الشيخ قاسم “نحن رأينا خروقات “إسرائيليّة” كثيرة، حوالي 60 خرقًا وزيادة، ونعتبر أنّ الدولة اللبنانية هي المسؤولة عن المتابعة بالعلاقة مع لجنة الإشراف على الاتفاق، والمقاومة تُعطي الفرصة لإنجاح الاتفاق”.
وأكد سماحته أن “حزب الله قوي ببُنيته وتمثيله النيابي وشعبيته ومؤسساته، وهو مُكوّن رئيسي في البلد مع المكونات الأخرى، وسيبقى كذلك”، وأضاف “حزب الله قوي بقوة مشروعه السيادي الذي يُريد بناء دولة العدالة بالتعاون مع كل الأطراف، ولأنّه مع الحقّ، حقّ الفلسطينيين في تحرير أرضهم، وحق اللبنانيين في تحرير أرضهم، ورفض التوطين، ورفض استخدام لبنان منصة للآخرين”، وأشار إلى أن حزب الله يتابع في كل المجالات السياسية والاجتماعية والمقاومة والثقافية والصحية، وبيّن أن حزب الله سيقيّم ما مرّ به من أزمات ومن حرب، ويستفيد من الدروس والعبر للتطوير والتحسين في كلّ المجالات.
وتحدث سماحته عن النزوح وإعادة الإعمار، وقال “لقد مرّت مرحلة النزوح وما زال لها آثار حتى الآن، وكانت صعبة ومُتشعّبة وتعقيداتها كثيرة”، وأضاف “هؤلاء النازحون هم مُضحّون، معطاؤون، هم في الحقيقة الثروة الكبيرة التي كانت إلى جانب المقاومة، تدعمها بصمودهم، بثباتهم، بتضحياتهم، أبناؤهم في الميدان، وبيوتهم تحت القصف والتدمير، وأطفالهم ونساؤهم في وضعٍ صعب جدًا، هؤلاء هم أشرف الناس، هم أطهر الناس، شكرًا لكم على تضحياتكم وعلى عطاءاتكم، وشكرًا لمُضيفيكم الذين قدّموا وكانوا نموذجًا للمواطنية الصحيحة”.
وتابع سماحته “شكرًا للجهات المختلفة التي دعمت سواءً كانت على مستوى حكومي أو على مستوى مدني أو المؤسسات المختلفة. شكرًا للدول التي ساعدت وقدّمت من الأشقاء ومن الدول الأخرى”.
وحول تقديمات حزب الله للنازحين، قال الشيخ قاسم “لقد ساهم حزب الله بالإدارة والتقديمات العينية والصحية والمالية من خلال لجان مُتطوعة رغم الظروف الصعبة التي كُنّا نمر بها”، وأوضح “كُنّا جزءًا من عملية مساعدة النازحين بالتقديمات المختلفة على صعيد الغذاء والدواء وعلى صعيد رعاية المراكز”.
واستطرد سماحته في تفصيل المساعدات، وقال “خلال شهر تشرين الثاني 2024 قرّر حزب الله صرف هدية مالية، هي هدية الشعب الإيراني وحزب الله، هذه الهدية تتراوح بين 300 دولار و400 دولار لكل عائلة”، متوجهًا بالشكر للجمهورية الإسلامية الإيرانية بقيادة الإمام الخامنئي والدولة والشعب وحرس الثورة الإسلامية المباركة لأنّهم “قدّموا هذا الدعم السخي في عملية النزوح، وللجمهورية العراقية والمرجعية الدينية والعتبات المقدسة والحشد الشعبي والشعب العراقي عمومًا لمساهمته المالية، ولليمن السعيد قيادةً وشعبًا بكل أطيافه، وحركة أنصار الله والعلماء والمحبين”.
وعن مرحلة الإيواء والإعمار، قال سماحته “مرحلة الإيواء والإعمار هي وعد والتزام، وعد من سماحة سيد شهداء الأمه خلال فترة مساندة غزة وخلال الأيام الأولى للعدوان “الإسرائيلي” على لبنان، والتزام منّا نحن حتى نُطبّق هذا الوعد ونلتزم به على المستوى العملي، فارتأينا أن يكون شعار هذا هذه الحملة هو “وعد والتزام”، كتطبيق للوعد الذي أُعطي”.
وأضاف “نحن لا نرضى لأهلنا أن يكونوا مستمرين في نزوحهم في أماكن عامة أو في بعض البيوت التي ضاقت بأهلها، نحن نريد لهم أن يكونوا أعزاء وأن يسكنوا في أماكن لائقة، خاصة أولئك الذين وجدوا بيوتهم مُدمرّة كليًا أو جزئيًا، أي نحن لا نريد أن نرى أحدًا لا في مدرسة ولا في مركز إيواء ولا في أي مكان يكون عِبئًا فيه على الآخرين”.
وأكد سماحته أن “الحل هو أن يستأجر مُؤقّتًا لمدة سنة مثلًا وربما أكثر، هذا الاستئجار إلى أن يُرمّم بيته أو إلى أن يُعمّر هذا البيت الموجود”.
وأوضح سماحته القرارات التي اتخذت في مجال الإيواء، وقال “المنازل المُهدّمة كليًا والمشغولة كسكن أساسي، أي الشخص ليس لديه غير هذا المنزل، نُعطيه 8000 دولار كأثاث للمنزل، وإذا كان يسكن في بيروت أو الضاحية نُعطيه 6000 دولار كإيجار لمدة سنة، أي معدل 500 دولار في الشهر لمدة سنة. وأما إذا كان يسكن خارج بيروت والضاحية فالإيجار لمدة سنة 4000 دولار”، وأضاف “توجد تفاصيل أخرى لها علاقة بالهدم الجزئي ولها علاقه بمن خسر العفش مثلًا ولكن البيت ما زال صالحًا للسكن، هذه كلها ضمن عناوين تفصيلية جزئية ستكون موجودة على موقع الكتروني وأيضًا ستكون موجودة عند اللجان المتخصصة التي ستنتشر في المناطق المختلفة وسيُعلن عنها بالأساليب المناسبة على المستوى الإعلامي، هذه اللجان المتخصصة تعمل لمسح الأضرار والتدقيق”.
وحول دور الحكومة، قال الشيخ قاسم “بطبيعة الحال، الحكومة لديها أيضًا برنامج عمل، فهي معنية أن ترفع الأنقاض وتُعالج مسألة البنى التحتية وأيضًا أن تضع برنامجًا لكلفة ترميم المنازل وإعادة الإعمار”، وأضاف “نحن سنكون يدًا بيد مع الحكومة اللبنانية، أي سنساعد في ترميم العطاءات وفي الإعطاء المناسب إذا افترضنا أنّ ما تُقدّمه الحكومة كان فيه بعض النواقص في بعض المجالات، لكن بالأساس سيكون الترميم وإعادة الإعمار من متابعات الحكومة ونحن إلى جانبها”.
ودعا سماحته “الدول من الأشقاء العرب والدول الصديقة للمساهمة في الإعمار”، وقال “على الدولة اللبنانية أن تُبرز مساهماتهم الكريمة ونحن نشكرهم سلفًا”. كما دعا إلى أوسع مشاركة مجتمعية واغترابية وعربية وإسلامية وعالمية على المستوى الشعبي من أجل هذه المشاركة، و”هذا شرف لكل من ساهم في إعادة الإعمار في بلدة أو قرية أو حي أو شارع أو مبنى”.
وأكد الشيخ قاسم أن “إعادة الإعمار هو تثبيت لدعائم الانتصار، وهو مكرمة للمساهمين في سجل مواجهه العدوان “الإسرائيلي” الأميركي، وهو تأكيد لاستقلال لبنان وعنفوان أبنائه”.
وبما يخص العدوان على سورية، شدد سماحته على أن “هذا العدوان ترعاه أميركا و”إسرائيل””، وأضاف “لطالما كانت المجموعات التكفيرية أدوات لهما منذ سنة 2011 عندما بدأت المشكلة في سورية، هؤلاء بعد العجز في غزة وانسداد الأفق، وبعد الاتفاق على إنهاء العدوان على لبنان، وبعد فشل محاولات تحييد سورية، يُحاولون تحقيق مُكتسب من خلال تخريبها مُجدّدًا ومن خلال هذه المجموعات الإرهابية التي تريد أن تُسقط النظام في سورية، وتُريد أن تُحدث الفوضى فيها، وأن تنقلها من الموقع المقاوم إلى الموقع الآخر المعادي والذي يخدم العدو “الإسرائيلي””، مؤكدًا أنهم “لن يتمكنوا من تحقيق أهدافهم رغم ما فعلوه في الأيام الماضية”، ومشددًا على أنه “سنكون كحزب الله إلى جانب سوريا في إحباط أهداف هذا العدوان بما نتمكّن منه إن شاء الله تعالى”.
وسأل الشيخ قاسم “أما آن للعرب والمسلمين أن يتحرّكوا لما يجري في غزة من إبادة بعد 150 ألف شهيد وجريح من الرجال والنساء والأطفال، وبعد هذا التدمير وبعد هذه الإبادة؟، والآن أيضًا يتفرّجون على ما يجري في سوريا”، وقال “اعلموا أنّ كل ربح لـ “إسرائيل” هو خسارة لكم أيضًا، وليس خسارة لفلسطين وسورية ولبنان وغيرهم، وسينعكس هذا على بلدانكم ومستقبل أبنائكم، لأنّنا أمام مشروع “إسرائيلي” توسّعي شرق أوسطي خطير جدًا”، وأضاف “أدعوكم إلى أن تدعموا المقاومة في غزة في مواجهة العدوان “الإسرائيلي” والإبادة “الإسرائيلية”، أدعوكم إلى منع التكفيريين من عدوانهم الذي يخدم العدو “الإسرائيلي”، تأكدوا أنّكم بذلك تربحوا ولو كنتم متأخرين”.