واقع الأمة واقع خزي لأنها آمنت ببعض الكتاب وكفرت ببعض
موقع أنصار الله | من هدي القرآن الكريم |
يقول الله سبحانه وتعالى أيضاً:{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}(البقرة: من الآية85) ألم يذكر هنا وعيداً في الدنيا وفي الآخرة؟ ما بال المرشدين دائماً لا يتحدثون عن الوعيد في الدنيا وهو جانب مهم في تخويف الإنسان من معصيته جانب مهم {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى}(البقرة: من الآية120) أنت ذاهب ـ وأنت تريد أن تؤثر في نفسيات الناس ـ على منهاج هدي الله، تجد أن الله يخوفهم في الدنيا من عقوبات أعمالهم فخوفهم بها، واذكر لهم ماذا ستكون هذه العقوبات، وكيف ستكون، وعلى أي نحو ستكون؛ لأن الناس هكذا يخافون العاجلة أكثر مما يخافون الآجل، فسيدفعهم خوفهم من العاجل إلى أن لا يقعوا في العقوبة الآجلة، أليس هذا من رحمة الله؟ إذا خفنا عقوبات في الدنيا سيدفعنا خوفنا من العقوبات في الدنيا إلى أن نحذر من تلك المعاصي التي تؤدي إليها وبالتالي سنسلم العقوبة الشديدة في الآخرة وهي جهنم.
{فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ}(البقرة: من الآية85) يؤمن ببعض من الكتاب ويكفر ببعض، كما نحن المسلمون في واقعنا عليه، نأخذ الصلاة من الكتاب ونترك الجهاد! نأخذ الحج ونترك وحدة الكلمة! نأخذ جزءاً بسيطاً من داخل القرآن الكريم ونترك الجزء الأكبر! بل المجتهد هو همه من داخل القرآن خمسمائة آية على أكثر تقدير ويترك الآلاف من الآيات الأخرى لمجرد التعبد بتلاوتها!.{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}(البقرة: من الآية85).
حسناً كيف هو الكفر ببعض؟ هل أن أهل الكتاب يقولون: إن نصف التوراة من الله، ونصفه الآخر ليس منه؟ لا.. يقولون: هي كلها من الله. أليس كذلك؟ نحن نقول أيضاً: القرآن كله من الله, ونحن في واقعنا نؤمن ببعض ونكفر ببعض.. ماذا يعني كفرنا بالبعض الآخر؟ إنه رفضنا، رفضنا له، ابتعادنا عن تطبيقه، نسياننا حتى عن تصنيفنا له بأنه جزء من ديننا, وأن عليه تتوقف نجاتنا.. هكذا نصبح في واقعنا كافرين ببعض وإن لم نكن ننكر أن هذا البعض هو من الله.
من الذي ينكر أن هذه الآية: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} هي من الله؟ هل أحد ينكرها؟ حتى ولا المرابون أنفسهم لا ينكرونها، لكن أليسوا عندما ينطلقون في التعامل بالربا كافرين ببعض الكتاب: رافضين، والرفض هو: كفر، هكذا يقول عن العقوبة في الدنيا:{فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.
الخزي هل هو سهل؟ الخزي يجب أن يزعجنا كلمة:{خزي} يجب أن ينزعج الإنسان إذا ما سمع كلمة خزي في الدنيا، أوليس الناس قد يقاتل بعضهم بعض؛ لأن ذلك الشخص جاء على لسانه كلمة تمس عرضه، أو يكون الكلام الذي قاله فيه أو نسبه إليه يعني أن ينسب إليه مما يجعله يخزى فينفعل ويغضب ويقاتل.
الخزي شديد.. أوليس واقع هذه الأمة هو واقع خزي؟ من أين جاء هذا الخزي؟ هكذا؛ لأنه حصل إيمان ببعض الكتاب وكفر ببعض، والبعض الذي كفروا به, أو أصبحت الأمة في واقعها كافرة به هو الجزء المهم والأكثر أهمية..
أليست المساجد قد ملئت الدنيا؟ مساجد والمصلون يملئونها أفواجا، حتى المرابون يصلون أيضاً؟ نحن نصلي ونبني مساجد ونحن نطبع القرآن الكريم، ونعمل أعمالاً أخرى لكن هناك أعمالاً نتركها هي المهمة وهي المهمة التي لا تقبل الصلاة إلا بها ولا تعطي الصلاة ثمرتها إلا معها وبالتوجه إلى أدائها. فالخزي الذي الأمة فيه يعني ذلك أنه كان بسبب كفرهم ببعض الكتاب الذي تمثل بصورة رفض لأشياء مهمة جاءت في هذا الكتاب لم نتجه إليها.
إذاً فليس الخزي هو من الطبيعة التي جبلت عليها الدنيا من يوم خلقها الله، وإنما بسبب ما يحصل من جانبنا نحن من تقصير في أداء جوانب مهمة من هدي الله، ورفضنا في عملنا وفي واقعنا للعمل بأشياء كثيرة مما تضمنتها آيات الله في كتابه.
فإذا ما قيمنا وضعيتنا فوجدنا أن وضعية الأمة هي في حالة خزي.. من الذي يستطيع أن يقول أن الأمة ليست في حالة خزي؟ اسمع التلفزيون سترى كيف مواقف الخزي، كيف الكلمات المخزية تنطلق من الكبار، وكيف الوقوف المخزي يحصل ممن يجب عليهم أن يتحركوا في أوساط الأمة؛ لإنقاذها، ولتبيين كتاب الله لها انظر كيف هي المواقف المخزية للأمة بشكل عام أمام التهديدات التي تأتي من قبل أعدائها، انظر كيف السكوت المخزي أمام ما يحدث من ضربات في كل جوانبها، وداخل كل بقعة، انظر كيف الحياة المخزية أن يصبح عيشنا تحت رحمة أعدائنا، وقوتنا من تحت أيدي أعدائنا.. أليس هذا خزياً؟.
إذا فهمنا أننا في حالة خزي، وفهمنا أن الخزي إنما يأتي إذا ما انطلقنا نحن على هذا النحو: نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض، حينها سيكون فهمنا لواقعنا وفهمنا بأن هذه نتيجة لتقصيرنا سيدفعنا ذلك إلى أن نصحح وضعيتنا ونرجع إلى الله رجوعا عمليا صحيحا، لكن إذا فهمنا أن هكذا الدنيا، وأن علينا أن نصبر وإن كنا نعرف أن هذا خزي, هذا حال الدنيا والمسلمون هكذا يكونون مستضعفين، وإذا قلنا نحن أهل الحق وجدنا أنفسنا مستضعفين أكثر قالوا هذا هو الدليل على أننا على حق، أن أهل الحق هم يكونون عادة مستضعفين أكثر، ومساكين، وأذلاء، ومقهورين!! إذاً فيصبح الخزي علامة أنك محق.. أليس كذلك؟ كلما كنت في خزي أكبر كلما كان ذلك يعني: أنك على الحق أكثر وأكثر!.
لكنا هنا القرآن الكريم يقول:{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ثم يأتي الربط الذي تراه كثيراً في القرآن الكريم بين الحالتين، لا تتوقع بعد الخزي في الدنيا رفعة في الآخرة, توقع بعد الخزي في الدنيا عذاباً عظيماً في الآخرة نعوذ بالله {خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}(البقرة: من الآية85) هكذا يجب أن نفهم، وهكذا نرد على من ينطلق ليعلمنا: أن هكذا الحياة خزي وراءه رفعة في الآخرة، غير صحيح. القرآن في أكثر من آية يربط على هذا النحو.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من ملزمة معرفة الله وعده ووعيده الدرس الرابع عشر
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ 6/2/2002 م
اليمن – صعدة