تقارير وأرقام؛ الأسرى الفلسطينيون في سجون العدو: ما خفي من المعاناة أعظم

موقع أنصار الله . تقرير | يحيى الشامي

تظل قضية الأسرى الفلسطينيين أعمق مأساة إنسانية تنتجها وتعيد تدوير فصولها همجية العدو الصهيوني، وتجسد في الوقت ذاته وحشيته المفرطة وعنصريته المتأصلة في فكره وعقيدته اليهودية.

مشاهد وصور التعذيب في سجون العدو الإسرائيلي رغم أنها نادرة، إلا أنها تقدم لمحة خاطفة عن أهوال ما يُلاقيه الأسير الفلسطيني بعيداً عن الأضواء وخلف القضبان. التقارير الحقوقية المعتمدة على شهادات المحررين ولقاءات الحقوقيين والأقارب مع السجناء ليست سوى زفرات مقتطعة من أنفاس السجين الفلسطيني الجاثم على صدره الجلاد الصهيوني، المحمل بأعباء الحقد التاريخي وتراكمات الكراهية المتوارثة عبر أجيال. من أبسط حقوق الأسرى المعذّبين أن نستحضر دائماً مأساتهم وأن نشحن من معاناتهم مشيئة استنهاض أمتنا الغافلة عن أعدائها، المنقلبة على هويتها، وما نكتبه هو لفتة إنسانية في طريق مقاومة النسيان المكتسح لذاكرة العربي، والهادف لمحو القضية والمظلومية وحتى “لا نسامح”.

حشود الأسرى أكبر من معتقلات الصهيونية

في أحدث تقاريرها، ذكرت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني أنه تم تسجيل قرابة 12,100 حالة اعتقال، وأنهم يقبعون في سجون العدو الإسرائيلي في ظروف غير إنسانية وغير المحتملة.

الرقم صادم ومهول، لكن معلومة أخرى -أوردها التقرير- مثلت صدمة أقوى، فالعدد يخص فقط الضفة الغربية المحتلة ولا يضم أسرى قطاع غزة – وهم بالآلاف – كما أنه لا يشمل فترات ما قبل طوفان السابع من أكتوبر ٢٠٢٣م!

تحدث التقرير عن أن الآلاف من الأسرى والمعتقلين يعانون من ظروف اعتقال قاسية “لا يمكن تخيلها”. جاء في التقرير: “الأعداد المتعلقة بالاعتقالات في قطاع غزة تُقدَّر بالآلاف، وتخفي ما لا يُحصى من المعاناة”، في إشارة إلى استحالة رصد العدد الحقيقي فضلاً عن معرفة مصائرهم.

هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بقدر ما هي فصل “مرقّم” من فصول المظلومية الفلسطينية، وهي كذلك عنوان آخر من عناوين الخذلان والتخلي العربي والإسلامي.

 

التقرير شمل رصداً للأوضاع الإنسانية في المعتقلات الصهيونية حتى 12 من الشهر الجاري، وتضمّن تفاصيل عن فئات المعتقلين من النساء والأطفال، كما رصد ما وصفه بتصاعد مثير للقلق في حملات الاعتقال والممارسات التعسفية التي تنفذها سلطات العدو الإسرائيلي منذ بداية حرب الإبادة. في ما يلي أبرز النقاط المتعلقة بهذا الوضع المعقد وفقاً لبيانات التقرير:

حصيلة الاعتقالات:
تشير الإحصاءات إلى أن عدد حالات الاعتقال التي شهدتها الضفة الغربية -بما في ذلك القدس- تجاوز 12,100 حالة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأرقام لا تشمل الحالات المتزايدة للاعتقالات في غزة، والتي تُقدَّر بالآلاف.

الاعتقالات بين النساء:
تم تسجيل أكثر من 440 حالة اعتقال بين النساء منذ السابع من أكتوبر، وهذه الإحصائية تشمل المعتقلات من الأراضي المحتلة عام 1948، بالإضافة إلى حالات اعتقال نساء من غزة ممن جرى اعتقالهن فقط من الضفة. ولا تشمل هذه الأرقام عدد النساء اللواتي اعتقلن من غزة، والذي يُقدَّر بالمئات.

الاعتقالات بين الأطفال:
في ما يتعلق بالأطفال، بلغ عدد حالات الاعتقال في الضفة الغربية حوالي 795 حالة، ما يعكس تصاعداً مقلقاً في استهداف الفئات الضعيفة، سيما مع صعوبة حصول الجهات الحقوقية -التي حاولت– على معلومات عن تصرفات العدو مع الأحداث وممارساته.

حالات الاعتقال بين الصحفيين:
منذ بداية حرب الإبادة في غزة، تم اعتقال 141 صحفياً وصحفية، ولا يزال 59 منهم رهن الاعتقال، بينهم 5 صحفيات. كما أنه لم يتسن معرفة سوى 33 صحفياً من غزة تم التأكد من هوياتهم.

الأوامر الإدارية:
أصدرت سلطات الاحتلال أكثر من 10,000 أمر اعتقال إداري، تتضمن أوامر جديدة وتجديداتٍ لأوامر سابقة، تشمل أطفالاً ونساءً، وكلها تمت باسم كذبة القانون، وهو ما يؤكد محاولة “شرعنة” الصهاينة لكثير من جرائمهم بحق الفلسطينيين.

الانتهاكات المرافقة لحملات الاعتقال:
تُرافق حملات الاعتقال المستمرة انتهاكات جسيمة وفظيعة، تشمل عمليات تصفية ميدانية وعمليات تنكيل واعتداءات جسدية، وتهديدات بحق المعتقلين وعائلاتهم، بالإضافة إلى تدمير واسع النطاق لمنازل المواطنين ومصادرة الممتلكات مثل المركبات والأموال والمجوهرات ومحلات الصرافة.

حالات الإعدام الميداني:
نفذت قوات العدو الإسرائيلي عمليات إعدام ميدانية استهدفت أفراداً من عائلات المعتقلين أثناء عمليات المداهمة والاقتحامات، وأحياناً في الأحياء والطرقات، وغالباً ما كانت تتم دون أي مبرر منطقي أو حتى دواعٍ أمنية.

الوضع الصحي للأسرى:
منذ السابع من أكتوبر، استشهد ما لا يقل عن 49 أسيراً في سجون العدو الإسرائيلي، فيما لا يزال العشرات الآخرون في حالة إخفاء قسري، ما يثير القلق حول ظروف احتجازهم وحتى مصيرهم في ظل حوادث متعددة تعمد فيها العدو تنفيذ سياسة الموت البطيء بحق الأسرى والمعتقلين عن طريق التجويع أو التغذية السيئة والإهمال الصحي، فضلاً عن ممارسات التعذيب التي وصلت في حالات كثيرة حد الموت.

إجمالي الأسرى:
حتى بداية ديسمبر 2024، بلغ عدد الأسرى والمعتقلين في سجون العدو أكثر من 10,300، بما في ذلك 3,428 معتقلاً إدارياً و345 طفلاً موزعين على عدة سجون.

تسمم الأسرى في معتقل “عصيون”:
أفادت تقارير هيئة شؤون الأسرى بأن عدداً كبيراً من الأسرى في معتقل “عصيون” تعرضوا للتسمم نتيجة تناول وجبات طعام فاسدة تعمد العدو تقديمها واضطر المعتقلون لتناولها بعد ممارسات تجويع، ما أدى إلى حالات إعياء شديدة وفقدان للوعي وتدهور صحي وانهيار للمناعة.

الوضع في سجون “الدامون”:
خلال زيارة محامية الهيئة للأسرى القُصَّر في سجن “الدامون”، تم الإبلاغ عن تعرضهم للاعتداءات والإهمال الطبي، ما يستدعي تدخلاً عاجلاً لإنقاذ حياتهم وتوفير الحد الأدنى من حقوقهم.

الدامون… ما خفي أفظع مما ظهر:
هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، كانت قد ذكرت في تقريرها قبل أيام أن إدارة سجن الدامون التي تقبع فيه عدد من الأسيرات الفلسطينيات صادرت الجلابيب والحجاب والنقاب منهن، وأجبرتهن على ارتداء بدلة رياضية رمادية فقط ودون الحجاب.
هيئة الأسرى -في بيانها الدوري- أشارت إلى أن إدارة السجن أبلغت الأسيرات أن هذه القوانين جديدة وستُطبق بشكل مستمر وأن ذلك “انتقاما لأحداث السابع من أكتوبر 2023” حسب تعبير إدارة السجن.
وأضافت الهيئة أن وضع الأسيرات الـ94 في سجون العدو الإسرائيلي تحول من سيء إلى أسوأ، حيث لم تكتفِ إدارة سجن الدامون بالانتقام منهن طيلة عام، ليصل الأمر إلى مصادرة حجابهن.
ووفقاً لشهادة أسيرات تمكن محامو الهيئة من زيارتهن، فإن غرفهن تتعرض لتفتيشات تعسفية بشكل يومي في ساعات الفجر، حيث تقتحم الإدارةُ القسمَ وتختار غرفة أو غرفتين وتخرجهن منها وتحتجزهن لساعة وأكثر في “الفورة”.
وبينت أن السجّانات يقمن بالتفتيش العاري للأسيرات خلال اقتحام غرفهن، بالإضافة إلى مصادرة مقتنياتهن البسيطة مثل علبة بلاستيك فارغة يستعملنها بدل الكاسات، كما تم مصادرة خيوط قمن بسحبها من البطانيات لاستعمالها لصنع أساور للتسلية خلال ساعات النهار الطويلة داخل الغرف.
وأوضحت أن الأسيرات لا يتمكنَّ حتى من إصلاح ملابسهن الممزقة ولا يمتلكن غيرها، لا سيما بعد مصادرة الإبرة الأخيرة لديهن.
ونقلت الأسيرات أنهن لا يمتلكن إلا غياراً صيفياً واحداً، وترفض إدارة السجن إعطاءهن ملابس دافئة أو إضافية، كما أن كل واحدة منهن تملك بشكيراً واحداً يتحول إلى نصف بشكير في حال دخلت أسيرة جديدة للسجن، حيث تتقاسم الأسيرات ما يمتلكن بسبب عدم توفير إدارة السجن المستلزمات الشخصية للأسيرات.
كما تضطر الأسيرات لاستعارة الأحذية بعضهن من بعض عندما يخرجن للفورة أو العيادة أو زيارة المحامي، نتيجة مصادرة أحذيتهن من قبل السجانات في إجراءات انتقامية لا مبرر لها، وفق البيان.

كما تعاني الأسيرات في الدامون نقصا حاداً في مواد التنظيف الشخصية والخاصة بالغرف، ونقصاً في عدد الأغطية بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة مع دخول فصل الشتاء، حيث يعانين من بداية موجة البرد القارس ليلاً وفي الصباح الباكر، الأمر الذي تسبب بإصابتهن بأمراض عديدة.

الهيئة أضافت أن إدارة سجن الدامون تعمدت منذ أسبوعين تركيب “كبسات” الإضاءة خارج غرف الأسيرات وإلغاء “الكبسات” الداخلية ليتاح للسجانين التحكم بأوقات الإضاءة وفقا لمزاجهم.
وأفادت محامية الهيئة -نقلا عن الأسيرات اللواتي تمت زيارتهن- أن سياسة التجويع التي تنتهجها إدارة السجن بحقهن أدت إلى تغيرات هرمونية وأعراض جانبية في أجسادهن منذ أشهر.

قد يعجبك ايضا