عندما نسينا كمسلمين أن اليهود أعداء تثقفنا بثقافتهم فتجمّع لنا على أيديهم الشقاء والضلال

موقع أنصار الله | من هدي القرآن الكريم |

 

فعندما يفقد الناس الهوية فعلاً وتصبح وضعيتك بالشكل الذي تخدم عدوك, سيأتي عدوك ليقول: تحرك, تعلَّم, تعلَّم؛ لأنهم من وضعوا كل شيء لنا, هم من عرفوا كيف سنكون عندما نتعلم, لو أن هناك تعليم صحيح يبني فعلاً هل يمكن أن نسمع من جانبهم كلمة تعلّم؟.
لكنهم لا يعملون على أن نزرع, حتى الصندوق الاجتماعي ممكن يبني مراكز صحية, ممكن يبني مدارس, ممكن يبني حواجز مائية, لكن جانب الخدمة في الزراعة. لا, خزانات يشرب منها الناس, لكن يسقُّون منها. لا, لا يريدون أن نزرع؛ لأنهم يعرفون ماذا يعني أن نزرع, متى ما زرعنا ملكنا قوتنا, متى ملكنا قوتنا استطعنا أن نقول: لا, استطعنا أن نصرخ في وجوههم, استطعنا أن نتخذ القرار الذي يليق بنا أمامهم, فما دمنا لا نملك شيئاً لا نستطيع أن نقول شيئاً.
لهذا تجد الزراعة في اليمن مهملة, الزراعة مدمرة, وهكذا تجد في بقية الشعوب الأخرى في السودان في مصر, كل البلدان هذه. الزراعة لا يهتمون بها, هيا تعلموا لكن لا تزرعوا! لو أن التعليم صحيح بالشكل الذي يجعلنا واعين, نعرف من هم ومن نحن، وكيف يجب أن نكون؛ لما تكلموا بكلمة واحدة: تعلّموا.
القرآن الكريم يركز على هذه الأشياء كمقاييس؛ لأنه أحيانا قد يبدو عدوك وكأنه ناصح لك, كأنه ناصح لكن إذا كنت تعرف من هو ستكون يقظاً.

لاحظ ما حصل لآدم مع إبليس, ألم يبدو إبليس أمام آدم أنه ناصح؟ أنا أريد أن تأكل من هذه الشجرة, من أجل أن تصبح ملكاً, أو من أجل أن تخلد {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ}(الأعراف: 21) أليس الله نبّه آدم قبل.. أن الشيطان لكما عدو مبين؟ لا تأكل من هذه الشجرة, وقال: الشيطان هو عدو انتبه للشيطان هو عدو؟ نسي آدم مسألة العداوة مثلما قال الله: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً}(طه115).
عهد إليه أن هذا هو عدو, وأنك متى ما أكلت من الشجرة ستشقى, إفهم عدوك حتى وإن بدا أمامك وكأنه ناصح, بل يقسم الأيمان المغلظة أنه ناصح, ما الذي افتقد آدم؟ هو الشيء الذي نفتقده نحن أولاده, أو بعض أولاده, العرب, أو معظم المسلمين.

لم نفهم أن أولئك أعداء, عندما غابت من أذهاننا من هم، من خلال القرآن الكريم الذي سطر أن آدم قد قيل له: إن الشيطان عدو, لا تغتر به, تعامل معه كعدو, وسطر في نفس الوقت أن اليهود أعداء لنا, أن أهل الكتاب أعداء لنا, لما نسينا هذه كما نسي آدم سابقاً.
آدم لم يمر بدروس ربما، لكن نحن من بعد قرون أحداث كثيرة تبرهن تعرف من خلالها من هو العدو ومن هو الصديق إذا كنت ممن يفهم الأحداث, ويفهم نتائج الأحداث, وغايات الأمور.

لما نسينا هذه: أنهم أعداء, أنهم حاسدون, أنهم ما يودون لنا أي خير, أن قلوبهم مليئة بالحقد علينا, أنهم حريصون على إذلالنا, أنهم كذا, أنهم كذا… الخ, خصال متعددة نبهنا الله عليها في القرآن الكريم بالنسبة لهم نسيناها, بينما آدم نسي واحدة فقط, نسي أن الشيطان عدو, هو قيل له: إن الشيطان عدو, أما الله فقد قال لنا بالنسبة للآخرين من أهل الكتاب من اليهود والنصارى: هم حساد, لا يودون لكم أي خير, هم حاقدون, هم لا يحبونكم, ويكرهونكم, هم كذا, هم كذا.

نسينا هذه فما الذي جر علينا من وبالٍ نسيانُنا لهذا؟ أصبحنا نتثقف بثقافتهم, أصبحنا نحرص على أن نقلدهم في كل شيء بدءاً من كبارنا إلى أطفالنا ونسائنا, أصبحنا ننظر إليهم نظرة إكبار وإعظام وإجلال, أصبح الشخص منا يعتز بأنه أصبح شخصاً عصرياً وحضارياً عندما يمثلهم ويقلدهم في شؤون حياته فما الذي حصل؟ شقينا كما شقي آدم, ألم يشق العرب؟ تجمع لنا الشقاء والضلال كما شقي آدم عندما أُخرج من الجنة، إلا أنه لم يضل {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى}(طه122) شقي في حياته, احتاج يقوم يشتغل, لم يعد معه لا ملابس ولا طعام ولا شراب، احتاج يقوم يكدّ.
لكن نحن على أيدي هؤلاء تجمع لنا الشقاء والضلال, الشقاء والضلال بكله, تجمع لنا على أيدي هؤلاء؛ لأننا نسينا من هم, والعجيب أيضاً تتجلى الأحداث إلى درجة عالية جداً من الوضوح, فيتجلى للعرب أن أمريكا وراء إسرائيل, وإسرائيل هي عدوهم, أليست الأشياء متجلية بشكل واضح جداً, لكن أصبح الناس في تيه وفي ضلال لدرجة أنهم لم يعرفوا ماذا يعني أنه إذا كان عدو, ما ذا يعني العداوة, وكيف أتعامل معه؟!.
عدو ينطلقون ليبحثوا عن السلام من تحت أقدامه, عدو يعتزون ويتسابقون على الولاء له, وأنه دولة صديقة, ويدخلون معه في مواثيق كثيرة, وفي اتفاقيات كثيرة, اقتصادية, ثقافية.. الخ!!.
فإذا كان آدم شقي عندما خرج من الجنة بموقف واحد, ونحن تراكم لدينا الشقاء بشكل رهيب جداً, تراكم الضلال بشكل رهيب جداً.

 

دروس من هدي القرآن الكريم

من ملزمة من نحن ومن هم

‏ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي

بتاريخ شهر شوال 1422ه

اليمن – صعدة

قد يعجبك ايضا