اليمن إلى أين؟
اليمن يترجرج (يهتز) من الأعماق وفي جانب يبدوا زلزاله مثيراً لانفجار بركان ، ومن جانب أخر يبدوا كما لو أنه يدخل مرحلة احتضار دراماتيكي ، لا على يد جلاديه فحسب وإنما على يد بعض من كيانه كما يبدوا في الواقع من الغياب الكامل لشيء اسمه الدولة ومؤسساتها ، ها هم مشايخ التقطعات من أولاد الأحمر في أوكارهم المظلمة الكريهة برائحة العصبية المقيتة ، يريدوا أن يكونوا ملوكاً على ركام من جماجم الأبرياء والمغرر بهم من هم في صفوفهم أولئك الذين لا يفرقون بين الجمل والناقة ، وهاهي بعض لحاهم الطويلة من تنظيم القاعدة تريد أن تفرض وجودها في المعادلة بالاستعانة بالتكفيريين الأجانب أتباع كل من ينعق بالقتال ضد المسلمين في أي بقعة من بقاع العالم ، والتي لم تعد تعرف لمن تسدد سهامها وضرباتها الفاشلة بعد ضربات الأسود في بلاد الشام الموفقة ، وهاهم أبناء الجنوب تتصارع في صدورهم روحان ، وما إن تتنازعا فإنهما سيتصارعا حتى الموت إن لم يدركوا خطورة المؤامرة التي أُحيكت ومازالت تُحاك من قبل قاتليهم في صيف 94، وفي ما يبدوا فإن المشترك يريد أن يضع الوطن فوق نعش وينحو منحى قافلة الارتحال بالوطن نحو المجهول ، وما تبقى فهو قلق يضني أبناء الشعب ، فزخم التساؤلات لا تفارقهم مع ضجيج الأحداث وتفاوت المواقف ، فقد أوصلوهم – خبثاء السياسة والاقتصاد المتصارعين على فتات الدنيا -إلى مرحلة ما قبل الموت .
المشهد اليمني يمر بمرحلة خطيرة لم يمر بها من قبل في تاريخه فهو في مرحلة ذات عبرة لها نبرة مثل تلك العِبَر التي مرت على بعض العرب كالعراق…، والشيء المؤلم بأن هذه العبرة تحدُث بغفلة عن الوعي الوطني ، عبرة نجدها يومياً تتسع باتساع سياسة التجهيل التي تُرتكب بحق أبناء الشعب من المستضعفين ،وتُسرَد سرداً مأسوياً .
اليمنيون بلا مستقبل الآن ، الكثير لا يعرف ما الذي يريده أعداء الوطن ، إلى أين يذهب اليمن شعباً ونظاماً وبلداً وثروات بل وإنساناً إلى أين ؟ بحيث أصبح الإنسان اليمني ضائعاً بل تائهاً ومشتتاً على كل الخيارات التي لم تفضي يوماً إليه طريقاً إلى الخلاص ،بحيث أصبح المواطن اليمني ليلاً ونهاراً يندُب حظه العاثر الذي ربما يخفيه عنه مستقبل يوحي بخيبات الأمل وينذر بالعمى لذا سيكون الحديث صعباً وإشكاليا حول المستقبليات ، أي مستقبل لشعب لا يمتلك قراره ولا يعرف إلى أين يقوده السماسرة ، ولو حلُم بأنه سيمتلك قراره كيف سيكون الحل ؟ وكيف سيقدم الحل؟ لأن فاقد الشيء لا يعطيه والعدم لا يصنع شي ، لقد انشغلت حكومة الوفاق بنفسها وتدور في فُلك ذاتها وتحقيق مآربها التي لا تتعدى أخمص قدميها، وبدلاً من إنجازات موعودة صار الوضع حلماً يتواري يوماً بعد يوم. إذن… هذه هي التراجيديا ، أنصار الله يقاومون ، والآخرون يدينون بل ويتآمرون ضد أنصار الله ، والحل هو انتظار خازوق الوصاية والاحتلال يخترقهم شرداً مرداً حتى يكتشفوا أن أنصار الله حركة وطنية مستقلة ، وأنها حركة من حيث جاءت وممن جاءت، ليست وليدة اليوم وإنما تمتد لنهج ومنهج الأحرار .