الموساد والحكامُ العرب.. خيانةُ عروش واستلاب إرادَة

موقع أنصار الله ||مقالات ||د. شعفل علي عمير

ليس من قبيل المصادفة أن نجدَ بعض القيادات السياسية في العالم العربي تُرحِّبُ بفتح سفارات وتوقيع اتّفاقيات تعاون أمني واقتصادي مع “إسرائيل” فهذه التحَرّكاتُ لا تعكسُ إرادَةَ شعوبهم بقدر ما تمثِّلُ استجابةً لضغوط خارجية أَو خدمةً لمصالحهم الشخصية الضيقة.

هذه السياساتُ الخاضعة والمذلة لا تؤدي إلا إلى تعميق الانقسام داخل شعوبنا العربية وتسهيل مزيد من الهيمنة والسيطرة الإسرائيلية على مقدرات المنطقة، لم تعد عمالة بعض زعماء العرب مُجَـرّد شكوك بل أصبحت جليةً يعرفُها كُـلُّ عربي، كما أنها تكشَّفت أكثرَ من خلال ما يسمى بالتطبيع من جانب، ومشاركة الاحتلال في ظلمه وجبروته من جانب آخر، في واقع استمرار الاحتلال والإبادة الجماعية لشعب عربي ومسلم، كما هو حاصل في ممارسات السلطة الفلسطينية المخترقة من قبل جهاز الموساد الإسرائيلي، والتي سخرت أجهزتها الأمنية لقمع المقاومة التي تدافع عن الشعب الفلسطيني.

هنا يفرض التساؤُل نفسَه كيف لنا أن نقبل بأن من المفترض منه أن يكون درعًا لشعبه، يتحول إلى خنجر مسموم في خاصرة شعبه وأمته وأمنه القومي؟ لم يعد الكيان الصهيوني بحاجة إلى تجنيد عملاء للتجسس وجمع المعلومات لصالحه، بل تعدى ذلك إلى أن أصبح هذا الجهاز الصهيوني هو الموجه والآمر لبعض الحكام ولأجهزة الاستخبارات لبعض الدول العربية، بعد أن وصل اختراقه إلى قمة هرم النظام الحاكم فقد نجح في تجنيد بعض النخب والقادة العرب عبر استغلال نقاط ضعفهم، سواء أكانت مالية أَو شخصية.

قد لا يستوعبه عقل بأن من أقسموا على حماية الوطن أن يتحولوا إلى عملاء للموساد!

إن نتائج هذا الاختراق وهذه الخيانة اتضحت وتعرت أكثر من خلال تسهيل تلك الأنظمة وتواطؤها مع الكيان الصهيوني لمواصلة مشاريعه وزعزعة استقرار المنطقة بأسرها.

إن استغلالهم لمناصبهم لتحقيق مكاسبَ شخصية وبناء علاقات خفية مع جهاز مُعروف بتاريخه في ارتكاب الجرائم ضد الأُمَّــة العربية هو بالتأكيد خيانة لا تُغتفر، لا سيَّما بعد نشر العدوّ الصهيوني الخريطة التاريخية المزعومة والتي ضمت مساحات كبيرة من دول عربية مطبّعة وغير مطبّعة، وهذه الخريطة يعتبرها العدوّ من الأهداف المرحلية للوصول إلى خريطة “إسرائيل” الكبرى المزعومة.

كثيرٌ منا كان يعتقد بأن هؤلاء الزعماء وُضعوا في مناصبهم ليكونوا حصنًا منيعًا ضد اعتداءات العدوّ ولحماية أراضيهم وشعوبهم، ولكن المفاجأة الصادمة التي لا يمكن توقعها أن بعض هؤلاء الزعماء كانوا في الواقع عونًا ودعمًا لقوى الاحتلال الإسرائيلي، منفذين بمهارة خطط الموساد لنشر الفوضى والانقسام بين المجتمعات العربية، يتحولون إلى أدوات طيّعة في يد الموساد الإسرائيلي.

هؤلاء الحكام الذين تغاضوا عن القضية الفلسطينية وصمّموا على التطبيع مع العدوّ، يديرون ظهورهم عن معاناة الشعب الفلسطيني وعن كُـلّ الجرائم التي تُرتكب بحقه يوميًّا، بحر من الدماء مُراق، وحقوق مستلبة، وأرض مغتصبة، كُـلّ هذا بينما يصافحون أيدي القتلة ببرودٍ واستخفاف، وهذا ما هو ماثل أمام شعوب أمتنا في واقعها المعاصر.

لم يعد الصمتُ ممكنًا أَو مقبولًا، على الشعوبِ العربية أن تدرك أن مصيرها لا يمكن أن يبقى رهينًا بيد حفنة من الحكام الذين يوالون العدوّ، غير مبالين بالخراب الذي يلحقونه بأوطانهم، لقد حان الوقت لاستعادة الإرادَة الجماعية، والوقوف في وجه كُـلّ خائن ومتخاذل، والعمل على بناء مجتمعات حرة، يعتمد فيها القادة على النزاهة والشفافية والعدالة، بعيدًا عن التدخلات والعمالة لأعداء الأُمَّــة، ما لم فَــإنَّ مصير شعوب تلك الدول المطبعة سيكون بلا شك شبيه بما يحصل في بعض البلدان العربية من قهر واستباحة ومصادرة لكل مقدراتها.

قد يعجبك ايضا