إنَّا على العهد.. من يمن الإيمان إلى ضاحية لبنان

موقع أنصار الله ||مقالات ||عبد القوي السباعي

إِنَّا على العهد؛ كلماتٌ نقشها في جدار الزمن وعلى جبين الدهر، ونقلها اليمنيون بقلوبٍ مفعمة بالعزة والإباء؛ لا بالحزن والبكاء، مفرداتٌ جاءت بلُغةِ قومٍ يمتلكون ذاكرةً ممتلئةً بالمواقف والتضحيات.. بالمجد والبطولات، ويحسِدُهم عليها كُـلُّ من يعاني فراغًا وجوديًّا، شعر للوهلة الأولى أنه بلا حياة.

إنَّا على العهد؛ يا شهيدنا الأسمى، وقد جاءك ملايين تسرَّبوا من السماء كالضوء ليس لتشييع جثمان، بل ليرفعوا ألقًا من بضعة النور.. تدفقوا كنهر حُبٍّ هادرٍ بالطُّهر والنقاء، لملاقاة بحرٍ من الدم المبارك الذي سقى الأرض حتى ارتوت، فأنبتت أشجارًا مباركةً يكادُ زيتُها يضيءُ العالَمَ بكل معاني السيادة والحرية والإنسانية.

إِنَّا على العهد؛ يا شهيدنا الأسمى، بعد أن عانقت الأرض السماء، في مشهدٍ مصنوع من خيوط الشمس وذهب الأرض ودماء الشهداء؛ هُنا اليمنيون بعنفوانهم المعهود، حتى وإن فارقتهم جسدًا؛ لم ولن تغب روحك يومًا؛ فهم رغم ألم الفقد ووجع البعد، جاؤوك مع كُـلّ أحرار الأرض، يتقدمهم حماة العرض وصناع المجد والتاريخ، ليشاركوا في حمل أمانة الله، والسير خلف بقية العترة، والذين وإن تدفن أجسادهم إلا أنهم يرفعون إلى السماء، بين الأحياء.

إِنَّا على العهد؛ يا سيدنا الأسمى، وقد أَمَّمَ الملايين من البشر إليك ونحوك مسيرهم وأنظارهم، بما لا تستوعبهُ جداول الحساب، وتلهج ألسنتهم وتصدح حناجرهم بما لا تقدر عليه التفاسير، وكل تحليلات المحبين والمبغضين، وكأن من وصل إلى أرض لبنان، جاءوا لرفع قربان الحرية الجريحة إلى، حَيثُ تستقر النجوم، وإيمانهم بأن من سيبرئُها من هذا الجرح؛ ويقيمُ القصاص، هم أُولئك الذين داووا وجعَ الأرض، وأعادوا لونَ البحر، وضوءَ الشمس، وتقويمَ الأيّام.

إِنَّا على العهد، قالها ويقولها ويردّدُها أهل الجهاد في يمن الإيمان، الذين ما انحنوا لظالمٍ وما سكتوا على محتلّ، وما ناموا عن نصرة مستضعف، وجاءوا وكأنهم يطوون الأرض تحت أقدامهم شوقًا ليشاركوا في هذا اليوم المهيبِ بطريقتهم، ومهنئين من سار خلفَ جثمانك الطاهر، ورغم ألمِهم إلا أن عزاءَهم أنهم يسيرون خلفَ روحك ومنهاجِ أجدادِك، نحو مستقبلٍ جديدٍ من “نصر الله” الموعود والمكتوب بدمائهم وصمودهم.

قد يعجبك ايضا