إنّ نصر الله كَانَ أُمَّةً

سامي نجم الدين

اليوم فقط، يوم تشييعك، أيقظت هذه الصدمة، الأمة من غفلتها، فأدركت أنك لم تكن مجرد أمين عام لحزب الله، بل كنت أميناً على الأمة كلها، درعها الحصين، وسيفها البتّار، وصوتها الذي لم يساوم ولم ينكسر. اليوم فقط، انكشفت الحقيقة لمن كان يجهلها، وعرفوا أنك لم تكن قائداً لمكون، بل كنت قلب الأمة النابض، وملاذ المستضعفين، وصوت المظلومين، والجدار الأخير الذي تحطمت عليه مؤامرات الطغاة والمحتلين.

كم تأخرت هذه الشعوب في إدراك حقيقتك! كم غفلوا عن أنك كنت قبلة المقاومة ومحورها، تحمل همّ فلسطين في قلبك قبل أن تحمله على لسانك وسلاحك! كنت يا سيدنا نصير اليمن الوحيد في وجه العدوان، وناصر العراق حين تكالبت عليه سكاكين الخيانة العربية والأمريكية، وحصن سوريا يوم تآمر عليها العالم. كنت الصوت الذي لم يساوم، والقبضة التي لم ترتجف، والسند الذي لم ينحنِ، والكفة الراجحة في كل نزال وميدان.

يغيب اليوم عنا جسدك، لكن روحك باقية، خالدة لا تفنى. ذهب حسن، ولكن نصر الله باقٍ ما بقي الليل والنهار. واليوم فقط، عرفنا المعنى والحكمة من قول الله تعالى: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ)، فكنت والله أمةً، مجاهداً وحدك، تخوض معارك الأمة، وتحمل قضاياها، وتصرخ في وجه أعدائها دفاعاً عن عزتها، بينما باعها الآخرون في أسواق العمالة والذلّ والانبطاح.

والله ما رأينا أحداً أشبه بآبائه وأجداده منك يا نصر الله، يا حسين العصر، ويا شهيد الإسلام والإنسانية! كنت امتدادًا لهم في حرصهم على الأمة وفي صلابتهم وثباتهم على الحق وبأسهم وشدتهم على الأعداء، وها قد لحقت بهم شهيداً صابراً محتسبا.

وحقك يا سيدي، أن هذا الإدراك المتأخر لن يكون بلا ثمن، وأن هذا الوعي الذي أشعلته بدمك الطاهر الزكي لن يكون لحظةً عابرة. وإنا على العهد، نمضي مع علم الهدى السيد عبدالملك بدر الدين، نحمل رايتك، ونكمل المسير، نقارع الطغاة والمجرمين، لا نكلّ ولا نمل، حتى يتحقق الوعد بتحرير الأقصى من دنس اليهود والمحتلين، والعاقبة للمتقين.

السلام عليك يا أمين الأمة، وسيد شهداء المقاومة، ورحمة الله وبركاته… وبينا وبين العدو الليالي والأيام، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون!.

قد يعجبك ايضا