ما بعد فشل العدوان الجوي… أمريكا (لا) تتلمّس طريقها في اليمن
|| صحافة ||
على رغم الاعتراف الأميركي بأن الحملة العسكرية المستمرة ضد اليمن، لم تضعف القدرات اليمنية، إلا أن الولايات المتحدة لم تقرّر بعد طبيعة الخطوات المقبلة في هذا الإطار، خصوصاً في ظل حالة اللايقين إزاء إمكانية تحقيق الأهداف المتمثّلة في إخضاع حركة «أنصار الله»، ومنعها من تهديد الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر ومن استهداف الكيان الإسرائيلي.
وهي حالة تربك صاحب القرار الأميركي، وتضعه أمام خيارات صعبة، وإن كان انتقل حالياً من إنكار الفشل، إلى الإقرار بصعوبة الموقف في القضاء على «أنصار الله»، وأن ذلك يستدعي مزيداً من الضغط والوقت.
وتثير السرية المتّبعة من قبل “البيت الأبيض” في شأن الضربات الجوية على اليمن، شكوكاً بين خبراء السياسة الخارجية والأمن القومي في قدرة الرئيس دونالد ترامب على استعادة حرية الملاحة في أحد أهم طرق الشحن في العالم. ويتساءل هؤلاء عن أنه ما دامت الإدارة تقول إنها نجحت في ذلك، فلماذا لا تزال شركات الشحن الرئيسة تعتمد على طريق أطول وأكثر تكلفة، باعتباره أكثر أماناً، حول الطرف الجنوبي لأفريقيا؟ وكيف يُفسر استمرار الولايات المتحدة في إرسال تعزيزات إلى المنطقة؟
ووفق تقديرات المسؤولين الأميركيين، فإن الحملة العسكرية على صنعاء ستستمر لمدة ستة أشهر، فيما لا شيء في واشنطن حتى هذه اللحظة يشير إلى قرب توقّفها. ويعتقد صقور الإدارة بأن الاستمرار في حرب استنزاف اليمن، مع زيادة الضغط ومرور الوقت، سيؤدي إلى إنهاك «أنصار الله»، وإيقاف تأثيرها على كل من البحر الأحمر والكيان الإسرائيلي. وفي سياق ذلك الضغط، أظهرت صور جديدة التقطتها الأقمار الصناعية دخول حاملة الطائرات الأميركية «كارل فينسون» إلى المحيط الهندي عبر مضيق ملقه، في خطوة تقول السلطات الأميركية إنها مهمة لتعزيز الوجود العسكري الأميركي في المنطقة.
وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تراوح فيه الضربات الأميركية مكانها، على رغم اتخاذ الولايات المتحدة موقفاً أكثر عدوانية وشراسة، مع توسيعها الاستهدافات التي تشمل الأعيان المدنية. وتروّج واشنطن لكون الوجود المشترك لحاملتي الطائرات «كارل فينسون» و»هاري ترومان»، فضلاً عن قاذفات الشبح «بي-2» المتمركزة في قاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهندي، من شأنه تعزيز الحملة على اليمن. وبالفعل، شرعت تلك القاذفات في ضرب أهداف يمنية ابتداء من الأسبوع الماضي، في حين كشف مسؤول كبير في «البنتاغون»، لموقع «المونيتور»، أن الولايات المتحدة ستكثّف غاراتها الجوية على اليمن في الأيام المقبلة. إلا أنه خلافاً لما تعلنه واشنطن عن أن الضربات بدأت تؤثّر على صنع القرار لدى «أنصار الله»، فإن المسؤول يعتقد بأن الحركة لا تزال تشكّل تهديداً مسلحاً مستمراً وبنية عدائية لا تُصدّق. وبدافع الأمن العملياتي، لم يقدّم المسؤول تفاصيل بشأن أنواع الأصول العسكرية التي نُقلت إلى المنطقة.
وكما في الجولة السابقة، لم يضع الأميركيون في الجولة الحالية القضاء على «أنصار الله» هدفاً لهم، بل قالوا إن غايتهم إضعاف الحركة ووقف تهديدها للملاحة الدولية في البحر الأحمر. وعلى الأرض، من غير المرجّح أن يكون هدف التعزيزات الأميركية شن حرب شاملة تشمل تدخلاً برياً، بالنظر إلى أن ذلك يستلزم تهيئة الأرضية الميدانية والبيئة المحيطة باليمن (السعودية والإمارات)، والتي من المفترض أن يكون لها الدور الأبرز في نجاح هذه المهمة. وترفض الدول الخليجية، ولا سيما السعودية والإمارات، الانخراط العلني في الحرب، في ظل اقتصار الهدف الأميركي على ما تقدّم ذكره؛ وهي تشترط، كثمن لانخراطها إلى جانب القوات الأميركية، اعتماد هدف القضاء على «أنصار الله»، والإطاحة بسلطة صنعاء الحالية.
مع ذلك، قد تكون الخطوة المقبلة، بعد التأكد من فشل الضربات الجوية المعزّزة، الانتقال إلى مرحلة التخطيط للهجوم البري، والذي بدأت وسائل الإعلام الأميركية والخليجية والمحلية في عدن الترويج له كخيار ملزم وضروري. وعلى أي حال، فإن واشنطن لا تخطّط لإرسال قوات برية إلى اليمن، باستثناء عدد قليل من القوات الخاصة للمساعدة في توجيه الضربات الجوية، إذ تعتمد الولايات المتحدة، بشكل رئيسي، على القوات المحلية المرتبطة بكل من السعودية والإمارات، بعد تزويدها إياها بالأسلحة النوعية والدعم اللوجستي.
وفي خضمّ ذلك، يبدو أكيداً أن الرياض متخوّفة من رد حركة «أنصار الله» بطائرات مُسيّرة بعيدة المدى وصواريخ تستهدف بنية المملكة التحتية ومنشآتها الحيوية، ولا سيما النفطية منها. ولذا، نقلت العديد من وسائل الإعلام الغربية أن السعودية اشترطت للانخراط في الحملة البرية ضد اليمن، أن تُسلّم أنظمة دفاع جوي لحماية أجوائها، أي أن يجري التعهد لها من قبل الولايات المتحدة بـ»أننا سنحميكم بنفس الطريقة التي حمينا بها إسرائيل عام 2024» من جولتي الضربات الإيرانية، أي عمليتي «الوعد الصادق» الأولى والثانية.
الاخبار اللبنانية: لقمان عبد الله