حتى المقابر يا ترامب .. !!

وليد الوشلي 

 قرابة 1000 غارة على يمن فلسطين، في هيستيريا أمريكية تزداد جنونًا مع مرور الوقت في عدوانها الإسنادي لإسرائيل.
بلا “انتصار” وبلا نتائج على البحر تزداد ضراوة الأمريكي المجروحة كرامته والمتبعثرة هيبته البلطجية على نحو غير مسبوق أمام العالم الشامت والمتشفي. يتشنج أكثر أمام اللوبي اليهودي المسعور الذي يقوده إلى انهيار شرعيته المتسارع مع بداية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023.

الهياج الأمريكي الأكثر انفلاتًا في هذه الجولة مع ولاية رئيس معتوه مثل المجرم ترامب، ترافق معه بالقدر ذاته هجمة إعلامية شرسة تستهدف معنويات اليمنيين بحرب نفسية واسعة، يصطف معها جيش المرتزقة والخونة في الداخل.

الغارة الجوية التي استهدفت بها أمريكا ليلة مقبرة ماجل الدمة في العاصمة صنعاء أثارت جدلًا ساخرًا في أوساط اليمنيين والمتابعين أيضًا لسير عمليات العدوان الأمريكي المساند لإسرائيل على مدى شهر في اليمن.

الجريمة، باستثناء ترويعها المدنيين في الأحياء السكنية المكتظة المجاورة وإيقاعها أضرارًا مادية متفاوتة في منازل المواطنين القريبة، سلم الله من فعلها في الأرواح ما تفعل من القتل والجراح، أما حصيلة أذيتها لحرمة الموتى فقد طالت قبورًا عديدة من تفجيرها للرفات وتمزيقها للأكفان وخلطها لحدود اللحود وتدميرها لشواهد القبور.

حديث اليمنيين لم يخلُ من التندر على إفلاس بنك أهداف العدوان الإسرائيلي الأمريكي في اليمن.. لم يستثنِ هزؤه السخرية من عمى الأمريكي وتخبطه في صب نيران الوحشية والحقد والإجرام.

الدعاية الهوليودية عن أمريكا السوبرمان، عن أسلحتها التي لا تخطئ دبيب نملة، عن أقمارها الصناعية التي تحصي الأنفاس، عن ليزرها الثاقب وقنابلها الذكية، عن “رزتها المزدوجة” و”صحنها الدوار”. هي الأخرى كانت محل تندر اليمنيين وتساؤلاتهم: هل مثل هكذا أهداف تضرب بدقة عن عمد وترصد وغايات عملياتية؟ أم أنها أخطاء واعتبار كل ما يقع من تبعاتها في الأرواح مجرد أضرار جانبية؟

هل مثلاً تراءى بياض الأكفان في ظلمات لحود هذه المقبرة وليلها صواريخ مخزنة لعيون الأقمار الاصطناعية؟ هل مثلاً اتجه الأمريكي للبحث عن أهداف لهم في اليمن إلى وصايا رؤسائهم روزفلت وإيزنهاور وإبراهام لينكولن وترومان؟

يتساءل آخرون: ماذا يفعل المترجمون حتى خفي عن ترامب ومستشاريه ومراكز دراساته أن الأثر العربي يقول: “ما لضرب ميت إيلام”.. ويقول المثل العربي أيضًا: “لا يؤلم العنزة سلخها بعد ذبحها”.

بعيدًا عن التندر والتفكه والسخرية يتساءل آخرون ولكن بإدانة وغضب: لو كان ضرب مقبرة للموتى، مزرعة للدجاج، حظيرة للأغنام، إسطبل للخيول، تم لمرة أو اثنتين، لترجح القول إنه خطأ، لكن قائمة الأهداف التي تكرر قصفها على مدى سنوات العدوان الأمريكي السعودي منذ مارس 2015، ثم تكرر إعادة قصفها على مدى العدوان الأمريكي البريطاني منذ يناير 2024، ثم تكرر أيضًا إعادة قصفها في العدوان الأمريكي الإسرائيلي منذ مارس 2025.. إن في ذلك المنوال لبرهانًا دامغًا على أن كل عدوان على اليمن، مهما تغيرت أسماؤه وتبدلت عناوينه واختلفت واجهاته، إنما تولى كبره هؤلاء الأربعة: الأمريكي، السعودي، الإسرائيلي، البريطاني. ليس هذا تخرصًا أو تحليلًا أو تجنيا، بل معلوم مشهود موثق في ما تحكيه ذاكرة شعب دامية وإرادة صمود أسطورية استثنائية.

ومع تصاعد الوحشية الأمريكية والإسرائيلية في عدوانهما على اليمن لإسكاته وإيقاف إسناده لغزة، يلمس اليمنيون فيما بينهم شعورًا جماعيًا طاغيًا بالسكينة والاطمئنان عجيبًا، لدرجة أن تروج بينهم نكات عفوية تجد طريقها إلى الانتشار بسرعة، لعل أشدها تفجيرًا للضحك عندما يقول أحدهم يسأل صاحبه: “هيا، أين قصف اليهودي آخر مرة؟” على منوال السؤال الشهير: “هل سمعتَ آخر نكتة؟.

قد يعجبك ايضا