أمريكا تستنفد بنك أهدافها: الحرب على المدنيين فحسب
|| صحافة ||
عقب فشل إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في إضعاف قدرات حركة «أنصار الله» العسكرية، وتجنيب الكيان الإسرائيلي الهجمات اليمنية التي تزداد حدّتها أخيراً، ضاعفت واشنطن، خلال اليومين الماضيين، غاراتها على البنى التحتية والأحياء السكنية بشكل هيستيري، مستخدمة قنابل ارتجاجية وقاذفات استراتيجية.
وتنذر التطورات الأخيرة، جنباً إلى جنب خارطة الأهداف المدنية التي تعرّضت لسلسلة غارات عنيفة في الأيام القليلة الفائتة، بأنّ الحرب التي زعمت الإدارة الأميركية، بدايةً، أنها تستهدف قوات صنعاء، قد تحوّلت إلى حرب «مفتوحة» ضد الشعب اليمني.
وجاء التصعيد الأميركي عقب تنفيذ قوات صنعاء أربع هجمات في العمق الإسرائيلي، وعملية ضد القطع العسكرية الأميركية في شمالي البحر الأحمر، خلال اليومين الماضيين. وتمثّلت أحدث العمليات باستهداف «قاعدة نيفاتيم» الجوية في منطقة النقب جنوبي فلسطين المحتلة بواسطة صاروخ باليستي، فيما توعّدت القوات اليمنية الكيان الإسرائيلي بالمزيد من الهجمات الجوية، «والتي ستطاول مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة»، رداً على استمرار الجرائم الإسرائيلية في غزة.
في المقابل، استهدفت الولايات المتحدة منازل وأحياء سكنية ومنشأة اقتصادية ومناطق ريفية، بسلسلة غارات عنيفة، طاولت، خلال الساعات الماضية، العاصمة صنعاء ومحافظات الحديدة ومأرب والجوف وصعدة. وفي التفاصيل، أدّت الغارات على حي حدة وحي آخر مكتظ بالسكان في مديرية بني الحارث، إلى سقوط أكثر من 13 مواطناً بين شهيد وجريح، وفق بيان صادر عن وزارة الصحة في صنعاء.
وبحسب مصادر محلية تحدّثت إلى «الأخبار»، فإنّ الطيران الأميركي قصف منزل رجل أعمال يمني محايد، بخمس غارات، ما أدّى إلى تسوية المنزل بالأرض، وإلحاق دمار شامل بالبيوت المجاورة.
وفي مقابل المزاعم الأميركية حول وجود قياديين من «أنصار الله» في المواقع المُستهدفة، أكّد مصدر من الحي، لـ«الأخبار»، أنّ منزل رجل الأعمال نبيل الخامري، والواقع بجانب «مستشفى لبنان» في «شارع 14 أكتوبر» في صنعاء، كان يتواجد فيه «الحارس وعدد من العاملات فقط»، واصفاً الهجوم بـ«الجريمة المكتملة الأركان».
وللمرة الثانية في غضون 24 ساعة، جدّد الطيران الأميركي، أمس، استهدافه منشأة رأس عيسى النفطية، بثلاث غارات، بعدما كان قد استهدفها، مساء السبت، بأربع غارات، أي بعد أقل من أسبوع من استئناف الميناء نشاطه، عقب إعلان «القيادة المركزية الأميركية» ضربه «وإخراجه عن العمل».
وتعقيباً على ذلك، دان وزير خارجية صنعاء، جمال عامر، الاستهداف الأميركي لمنشاة رأس عيسى، مؤكداً، في منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أنّ الهجوم على المنشأة التي تستقبل شحنات النفط، أدّى إلى إصابة ثلاثة بحارة روس، هم رومان كاشيور، وإيغور كواز شينكو، إضافة إلى أرتيم فانين.
واستهدف هذا الهجوم، طبقاً للمصدر نفسه، منع سفينة روسية من إفراغ شحنة وقود جديدة، ما عكس إصراراً أميركياً على تعطيل المنشأة التي تستقبل سفن النفط والغاز بموجب تصاريح مرور، ممنوحة من قبل آلية التفتيش الأممية، والمعنية بتفتيش السفن والسماح بدخولها إلى موانئ البحر الأحمر في محافظة الحديدة غربي اليمن.
ويؤكد مصدر اقتصادي في العاصمة، لـ«الأخبار»، أنّ الهجوم الأخير على المنشأة يندرج في إطار «محاولات واشنطن البائسة تعطيل الحركة الملاحية في موانئ الحديدة»، بعد فشل هجماتها السابقة في إشعال أزمات في السوق اليمني، محذّراً من تكرار مجزرة رأس عيسى، والتي أدّت إلى استشهاد وإصابة العشرات من العاملين، الأسبوع الماضي.
كما يلوّح المصدر نفسه بإمكانية تصعيد الإجراءات الاقتصادية ضد الإمدادات التجارية الأميركية في البحرين الأحمر و العربي والمحيط الهندي، في حال أمعنت الولايات المتحدة في استهداف الموانئ التابعة لحكومة صنعاء، ولا سيما أن موانئ الحديدة محمية بموجب القانون الدولي و«اتفاق استكهولم».
وانسحب الموقف نفسه على العديد من المراقبين الذين اعتبروا أنّ استمرار الضربات الأميركية على المنشأة ذات الطابع الخدمي والاقتصادي يرجع إلى فشل واشنطن العسكري، مؤكّدين أنّ حالة الارتباك والتخبط بدت واضحة في خارطة الاستهداف العشوائي الذي تطاول المدنيين، وهي تؤكد إفلاس بنك الأهداف الأميركي في اليمن، ما يستدعي تدخل المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان لحماية المدنيين الذين يتعرضون لمخاطر متزايدة.
إلى ذلك، اتّخذت واشنطن، على ما يبدو، قرارها بـ«التخلص» من سفينة الشحن إلاسرائيلية «غلاكسي ليدر»، المُحتجزة في سواحل مديرية الصليف في محافظة الحديدة منذ أواخر عام 2023، عقب فشلها في استردادها بالقوة العسكرية أو الدبلوماسية؛ إذ استهدف الطيران الأميركي، وللمرة الثانية، السفينة بثلاث غارات مساء السبت، ملحقاً أضراراً جسيمة بها. ومطلع الشهر الجاري، شنّ الطيران الأميركي غارتين على السفينة نفسها، ما أدّى إلى أضرار واسعة النطاق في أحد أبراجها.
رشيد الحداد: الاخبار اللبنانية