“جيمس جيفري” يلخّص الاستراتيجية الأمريكية في العراق: داعش أو الاحتلال!

موقع أنصار الله  || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي

نشر الكاتب الأمريكي المخضرم في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ملخّصاً عن الاستراتيجية الأمريكية التي يجب اتباعها في العراق، وحاليّاً وفي مرحلة ما بعد  تنظيم داعش الإرهابي.

 

لا يمكن الانطلاق من كلام جيفري الذي نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية قبل أيّام كونه باحثاً في معهد واشنطن باعتبار أن هذا المعهد يعدّ من المعاهد المحسوبة على الديموقراطيين وحقبة الرئيس السابق باراك أوباما، بل من كونه عارفاً بتفاصيل السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، خاصّة أنّه كان سفيراً لدى تركيا (2008-2010) والعراق (2010-2012) وهي المرحلة التي شهدت الانسحاب الأمريكي من البلاد.

 

فقد استهل الدبلوماسي الأمريكي مقاله بكلام رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي حول دعوة واشنطن إلى تعميق تعاونها مع بغداد بموجب “اتفاقية الإطار الاستراتيجي” التي أُبرمت بين الولايات المتحدة والعراق عام 2008، منتقلاً إلى سياسة “المنّ” الأمريكية التي تحدّث عنها ترامب خلال لقائه العبادي في واشنطن  وتأكيده على الدور الأمريكي المستقبلي في العراق، وهذا إن دلّ على شيئ إنّما يدلّ على عزم واشنطن للبقاء في العراق، هذا البلد الذي قال عنه جيفير “فيه ما يقرب من  ثلثي احتياطيات السعودية من النفط والغاز، ويحتوي على مياه وفيرة”.

 

تحرّكات استراتيجية

 

إلا أن السفير الأمريكي السابق لدى العراق أوضح أنّ بلاده لا ترغب بالتدخّل مرّة خامسة، في إشارة إلى التدخل أربع مرّات منذ العام 1990، وهذا الأمر يصبّ في صلب الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في المنطقة والمتمثّلة بالحرب بالوكالة مع بعض الضربات الجويّة التي تجنّي منها الإدارة الأمريكية نتائج سياسيّة واقتصاديّة ليست بالسهلة.

 

جيفير طالب بالمسارعة في الحصول على ضمانة لبقاء جزء من القوّات الأمريكية في العراق، واستغلال “حجّة” داعش لتبرير الوجود الأمريكي على المدى الطويل حفاظاً  على استراتيجية المواجهة مع إيران، وفق الدبلوماسي الأمريكي، خاصّة أن العراق لم يسمح بتمديد فترة انتشار قواتها في العراق في عام 2011. إن دعوة جيفري لاستغلال دعم رئيس الوزراء العراقي لهذه الفكرة، رغم اعترافه بمعارضتها من قبل “القادة السياسيين الآخرين والشعب”، تؤكد النيّة الأمريكية لإعادة الاحتلال مجدّداً  وبوجه آخر، ولكن تحت ذرائع “الاتفاقيّة الأمنيّة” من ناحية، ومكافحة  الإرهاب من ناحية أخرى.

 

لم يكتفِ الدبلوماسي الأمريكي عن هذا الحد، بل عمد، وبسبب إدراكه المسبق اختلاف العهد الأمريكي في العراق عن أيّام الحاكم العسكري “بول بريمر”، إلى المطالبة باستخدام 3 سبل بغية الحفاظ على وجود عسكري وهي كالتالي: “إقناع” الآخرين بالوجود العسكري، وربطه بالمساعدات الأخرى، وإبقائه بعيداً عن إثارة الجدل. يقول جيفري: “سيتعين على الولايات المتحدة الربط بين المساعدات الاقتصادية والتعاون الدبلوماسي – أي باختصار أن تمارس “الحب الصارم” – لكي توضّح أنّه يتعين على السياسيين العراقيين أن يتحلّوا بالمرونة (فيما يخص الوجود العسكري الأمريكي)، مقابل هذه المساعدة”.

 

من النقاط اللافتة أيضاً في كلام الدبلوماسي الأمريكي المخضرم، ما يتعلّق بضرورة إقناع واشنطن للجانب العراقي أنّ هذا الوجود سيدعم الوحدة العراقية، وبالتالي من غير المستبعد تلويح واشنطن لبغداد بورقة التقسيم في حال رفض العراق التواجد العسكري والاقتصادي الأمريكي في مرحلة ما بعد تنظيم داعش الإرهابي.

 

تفاصيل تكتيكيّة

 

لم تتوقّف خطّة “جيمس جيفري” عند هذا الحد، بل رسم جملة من التفاصيل التكتيكية بالحديث عن تفاصيل القوّة العسكريّة الأمريكية التي من المرجّح أن تصل إلى5,000  جندي، كما كان متوخّى في عام 2011، إضافةً إلى مطالبة واشنطن  بالحصول على حصانات قانونية للجنود الأمريكيين تكون معتمدة من قبل البرلمان.

 

سعى جيفري لربط القوّات اللأمريكية بالقوات العراقيّة وتدريبها من الناحيتين العسكرية والاستخباراتيّة، بغية إعادة جزء من القرار العسكري العراقي إلى واشنطن بعد ظهور الحشد الشعبي.

 

ومن التفاصيل التكتيكية السياسيّة التي كشف جيفري عن اللثام، داعياً إلى عدم تصريحها مجدّداً هو أن “يفهم الجميع في  المنطقة أنّه من شأن مثل هذا الوجود العسكري أن يساعد أيضاً على احتواء إيران وتعزيز الاستقرار”، إلاّ أنّه دعا في الوقت عينه إلى توخّي الحذر من الحديث عن أنّ هذه القوات الأمريكية قد “تشكّل قوةً قتالية لإبراز القوة الأمريكية إلى سوريا أو إيران فيما يعارض مصالح بغداد”.

 

في الخلاصة، لخّص الدبلوماسي الأمريكي الاستراتيجية الأمريكية تجاه العراق واضعاً خطوات عملية لتنفيذها، وقد وجد جيفير أن قرار استقرار المنطقة برمتها يتوقّف على اتخاذ العراق القرار الصائب. هو محقّ في مقولته هذه، إلا أنّه بالتأكيد استقرار العراق لا يكون أبداً بالتواجد الأمريكي، بل العكس تماماً، ولعلّ تجربة حوالي عقد ونصف خير دليل على ذلك، ولعل الخطوة التي تقع اليوم على كاهل الإعلام العراقي والعربي هي فضح هذه المخطّطات التي طلب جيفري عدم إثارتها. باختصار، تضع أمريكا اليوم العراق أمام خيارين، إمّا عودة “الإحتلال الأمريكي” أو بقاء داعش وتقسيم البلاد!

قد يعجبك ايضا