صراعات قوى العدوان تسهّل تقدم الجيش و«أنصار الله»
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||رشيد الحداد/ الاخبار اللبنانية
بعدما كانت المواجهات بين الفصائل المسلحة التابعة لتحالف العدوان تدور في المناطق الواقعة خارج سيطرة الجيش اليمني و«أنصار الله»، صارت هذه المعارك تؤثر في سير المعركة الأكبر، وتجلّى ذلك في محافظة تعز ومديرياتها
صنعاء | لا حدود جغرافية تحوي صراع النفوذ والسيطرة الذي تخوضه الفصائل الموالية لتحالف العدوان، خاصة بين فصائل حزب «الإصلاح» الإخوانية المدعومة من السعودية، والجماعات السلفية الموالية للإمارات العربية.
هذه الصراعات تدور في المناطق الخارجة عن سيطرة الجيش اليمني وحركة «أنصار الله»، لكنها باتت تصل مناطق المعارك فتستفيد منها الأخيرة.
المعارك بين الطرفين وصلت إلى أوجها في عدن، جنوبي اليمن. هناك شهدت مديريات المحافظة مواجهات مسلحة تصاعدت بعد اقتحام جماعات محسوبة على القيادي الموالي لحزب «الإصلاح» مهران القباطي، أحد قادة ألوية الحماية الرئاسية، سجن المنصورة وسط المدينة، حيث أفرجت بالقوة عن قرابة عشرين عنصراً ممن ينتمون إلى تنظيم «القاعدة». وكانت ألوية الحزام الأمني المدعومة إماراتياً (يقودها السلفي هاني بن بريك الذي يمثل الحاكم العسكري فعلياً على عدن) قد اعتقلت هؤلاء في وقت سابق.
بعد ذلك بيوم ــ الإثنين الماضي ــ اقتحمت مجموعة أخرى سجن محافظة شبوة لتفرج بالقوة عن سبعة من عناصر «القاعدة»، ثم تصاعدت المواجهات وانتقلت إلى محافظة تعز، بدءاً من داخل المدينة وامتداداً إلى مديريات الساحل الغربي التابعة للمحافظة، التي تشهد منذ أكثر من أسبوع مواجهات موازية بين قوات الجيش و«اللجان» من جهة، والقوات الموالية للإمارات المسنودة بقوات سودانية وبجماعات سلفية من جهة أخرى، تحديداً غرب المخا.
مع ذلك، شهد غرب محافظة تعز مواجهات مماثلة بين مسلحي «الإصلاح» وجماعة «أبو العباس» السلفية، على خلفية سيطرة الجيش و«اللجان» على مناطق واسعة في جبهة الكدحة الواقعة في نطاق مديرية المعافر، إذ اتهمت جماعة «أبو العباس»، الموالية للإمارات، «الإصلاح»، بتسليم المنطقة إلى «أنصار الله»، ثم جاءت تعزيزات إماراتية في محاولة لاسترجاع المواقع التي في يد «الإصلاح»، لكن ذلك قابلته «قيادة محور تعز»، التي تتلقى التوجيهات من غرفة العمليات المشتركة في الرياض، بالرفض.
ويقوم اتهام «الإصلاح» بتسليم المواقع على تراجع الفصائل الموالية للحزب من جبل الدرب والقرون والرحبة والقوز باتجاه جبل حبشي، وهي منطقة جبلية مطلة على الطريق الرابط بين مدينة تعز ومديرية المخا، ما أدى إلى سيطرة الجيش و«اللجان» على مواقع كجبل القرون بعد الكدحة، والعفيره والرحبة والقوز. كذلك اتهمت جماعة «أبو العباس» الجنرال علي محسن الأحمر (نائب الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي) بإحباط تقدمها في جبهات أخرى.
ويأتي احتدام المواجهات بين قوى العدوان بعد أيام على إخفاقها في الاحتفاظ ببعض التلال الواقعة بالقرب من جبل النار، غرب المخا، إضافة إلى تراجعها عن الحديث الإعلامي عن السيطرة على معسكر خالد الاستراتيجي الذي يقع على بعد 40 كلم شرق المخا.
وتعود الخلافات بين الإمارات و«الإصلاح» إلى تموز 2015، حينما اتهم الحزب أبو ظبي بتصفية ما يزيد على 150 من عناصره، بينهم قيادات عسكرية كبيرة، في الهجوم الذي شنّته طائرات إماراتية على معسكر اللواء 23 ميكا، الموالي لـ«التحالف»، في منطقة العبر التابعة لمحافظة حضرموت.
في المقابل، يتهم الإماراتيون «الإصلاح» بالوقوف وراء تسريب إحداثيات معسكر صافر الإماراتي، في مأرب، الذي استهدف بصاروخ من «توشكا» في الخامس من أيلول من العام نفسه، ما أودى بحياة ما يزيد على 50 جندياً إماراتياً، وأيضاً الوقوف وراء تسريب إحداثيات معسكر شعب الجن في المخا، الذي استهدف بصاروخ منتصف كانون الأول 2015، ونتج منه مقتل قيادات إماراتية وسعودية.
كذلك، تشكّ الإمارات في وقوف السعودية و«الإصلاح» وراء عمليات مماثلة كانت خسائرها فادحة للقوات الموالية للإمارات التي تسعى إلى تصدر معركة باب المندب وإقصاء المملكة عن أي مكاسب على الأرض. وكانت أبو ظبي قد نازعت الرياض في السيطرة على تعز التي سبق لحزب «الإصلاح» أن سيطر عليها قبل أكثر من عام، ونصّب فيها قيادات محسوبة عليه، لكن الإماراتيين نجحوا في دعم الفصائل السلفية لزعزعة حكم «الإخوان».
ورغم انحسار المواجهات داخل تعز إثر انسحاب المئات من عناصر «أبو العباس» بعدما كانوا يسيطرون على عشرات المقار الحكومية، تتواصل التحذيرات من اندلاع مواجهات عنيفة بسبب تقاطر المئات من مسلحي «الإصلاح» إلى المدينة للسيطرة على أحياء واسعة فيها.
في شأن آخر، علمت «الأخبار» من مصادر طبية في مستشفى الدرن في تعز، أن مسلحين من «الإصلاح» اقتحموا المستشفى أول من أمس، وحوّلوه إلى «ثكنة عسكرية»، لكن الأخطر أنهم «استولوا على مزارع بكتيرية لتجارب مرض السل من المختبرات». وأضافت المصادر أن «خروج هذه المزارع سيؤدي إلى كارثة في حال تسرب أنواع البكتيريا، خاصة في حال وصولها إلى أيادي الإرهابيين الذين يمكن أن يحوّلوها إلى سلاح جرثومي». الأمر نفسه أكده طبيب يعمل في المستشفى، حيث نقل إلى مراسل «الأخبار» أن المجموعة المسلحة «أقدمت على تكسير غرفة العزل الطبي ومصادرة حوافظ البكتيريا».