نتنياهو يسقط في فخ نصرالله
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||جهاد حيدر / العهد الاخباري
لم يتمكن نتنياهو من البقاء خارج اطار السجال الذي دار حول حاويات الأمونيا، وتحديدا بعد قرار المحكمة العليا بازالة هذه الحاويات. مع ذلك، تبقى لتدخله أبعاد تتجاوز الجانبين المهني والقضائي. فقد كشف السجال القضائي والجماهيري والسياسي، حول الموقف من بقاء حاويات الامونيا في منطقة حيفا، حجم مفاعيل تهديدات الأمين العام لحزب الله سماحة السيد نصر الله، في الوعي والوجدان الإسرائيليين، والمصداقية التي يتمتع بها.
فقد أظهرت هذه المفاعيل في الداخل الإسرائيلي، بقوة، حجم المصداقية التي يتمتع بها السيد نصر الله لدى كافة شرائح المجتمع الإسرائيلي، وايضا لدى مؤسسات الكيان السياسية والقضائية. والمؤشر الأبرز على هذه الحقيقة أن هذه الحاويات موجودة منذ عقود، ولم يجد الجمهور ولا مؤسسات الدولة دافعاً لإزالتها من مكانها. لا لأسباب بيئية أو اقتصادية أو غير ذلك. ولكن منذ أن أطلق السيد نصر الله تهديداته باستهداف حاويات الأمونيا، انطلقت حركة جماهيرية سياسية قضائية تتمحور حول قضية نقل الحاويات من منطقة حيفا كونها تشكل خطراً على حياة مئات الالاف في حال تم استهدافها.
لولا الثقة التامة لدى هذه الشرائح بجدية وعزم حزب الله وامتلاكه القدرة على تنفيذ تهديداته، لما شهد الكيان الإسرائيلي كل هذا الحراك. خاصة وأن من ابرز العناوين التي واكبته اطلاق شعارات ومواقف، على السنة الجمهور وحتى سياسيين، تحاكي تهديدات السيد نصر الله.. من قبيل القنبلة النووية في حيفا.. والشكر لنصر الله كونه فرض على مؤسسات الدولة الاهتمام بتلك الحاويات واتخاذ قرارات بخصوصها..
ولعل من أهم الدلالات التي انطوى عليها رد فعل الداخل الإسرائيلي بكل عناصره.. انه لم يركن – بل لم يلوح.. ولعله لم يخطر ببال احد أن يراهن على فعالية الردع الإسرائيلي في مواجهة حزب الله، لكبحه عن خيار استهداف الامونيا لحظة المواجهة.. بل اتفق الجميع على خيار واحد وهو مبدأ نقل الامونيا مع اختلاف السقوف الزمنية لاعتبارات متعددة.
مع ذلك، أتى موقف نتنياهو مغايراً للتوجه العام في “إسرائيل”، فقرر تأجيل نقل الحاويات لفترة زمنية محددة، وبرر موقفه باسباب اقتصادية صناعية.
في المقابل، تم توجيه انتقادات تتهمه بأنه أقدم على خطوة التأجيل استجابة لمصالح صديقه، الثري الأميركي – اليهودي ومالك شركة “حيفا كيميكاليم”، جولس ترامب. ونتيجة ذلك، اتهم بالتنازل عن “أمن 1.5 مليون مواطن مقابل احتياجات ثري يريد أن يُصدِّر من حيفا على حساب صحة وأمن السكان”. والاهم من كل ذلك، أن نتنياهو بقراره (التأجيل) يكون قد سقط في فخ السيد نصر الله، عندما يكون قد أبقى على هذه الخزانات ضمن مدى الصواريخ المتوسطة المدى الموجودة لدى حزب الله بأعداد “هائلة جدا”، مع ما قد يترتب على ذلك من تداعيات ومفاعيل تتصل بمعادلة الردع المتبادل.
لم يقتصر تفاعل الداخل الإسرائيلي مع تهديدات وقدرات حزب الله، وارادته بتفعيلها في حال تطلب الامر ذلك. على خزانات الامونيا بل شملت ايضا مفاعل ديمونا. اذ كشفت صحيفة هآرتس (6/3/2017) عن دراسة إسرائيلية بحثت مدى تأثر مفاعل ديمونا بسقوط صواريخ “سكاد” عليها أو بقربها. وخلصت إلى أنه في حال سقوط صاروخ كهذا على مسافة تقل عن 35 مترا من مفاعل بمواصفات عادية فإنه سيهدد المفاعل ويلحق أضرارا بجهاز تشغيله.
وما يهمنا من كل هذه الدراسة التي اوردت الصحيفة الكثير من التفاصيل حولها، في هذا المقام، أنها “الأولى من نوعها التي تناولت تأثير سقوط صواريخ بالقرب من مفاعلات وتأثير انفجاره…”، وبالتالي هي تؤكد مرة أخرى على حقيقة أن كل رسالة يوجهها حزب الله وكل موقف يعلنه الامين العام لحزب الله يتم التعامل معه في “إسرائيل” وعلى أعلى المستويات على أنه حقيقة ناجزة.