قمة الرياض.. قرصان وسفن غارقة!

موقع أنصار الله  || صحافة عربية ودولية || إيهاب شوقي* / العهد الاخباري

 

المشاهد الهزلية التي أنتجتها قمة الرياض الأخيرة والتي تحولت مثارًا لسخرية النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تعكس أزمة كبيرة يعيشها المعسكر الأميركي وذيوله العربية، حيث تستدعي مشاهد القرون الوسطى التي رأيناها مشاهد سلاطين وملوك استدعوا الصليبيين للاستعانة بهم على خصومهم مهما كلفهم الامر من استقلال ممالكهم حتى ولو انتهى الأمر باحتلال هذه البلدان.

ولعل حدثاً اراده السعوديون جللا وارادوا ايصال رسالة رعب من خلاله تحول لحدث هزلي سيطرت على رسائله صور نساء ترامب وصور الكرة المضيئة التي وضع الرؤساء يدهم مع الملك سلمان عليها في مشهد استدعى صور السحرة والدجالين ولا يقل سخرية عن سخرية اسم المركز العالمي الذي تم تدشينه في الرياض باسم “اعتدال” حيث الاعتدال عندما يقترن بالرياض ونظامها يصبح طرفة أكثر سخرية من جميع المشاهد السابقة.

 

ما سبق من حيث الشكل، اما من حيث المضمون فإن المؤتمر فاشل بمقياس الهدف الذي اراده، وليس اكثر دلالة على فشله من بيانه الختامي الهلامي والدليل الدامغ للفشل هو البيان الثنائي الأمريكي السعودي المشترك!

لماذا يصدر بيان ثنائي طالما هناك ائتلاف وتحالف واسع؟

وبالمقابل فهناك رسالة يجب ان تصل لمصر التي تعلن ان أمن مصر من أمن الخليج، فإذا كان هذا صحيحاً، فلماذا عقدت قمة خليجية أميركية منفصلة ولم تدعَ اليها مصر؟

هذا الفشل من حيث الشكل والمضمون لا يدعو للاسترخاء والتقاط الانفاس لدى معسكر المقاومة، بل على العكس تماماً، فهو يدعو لمزيد من الحذر ومزيد من الجهوزية.

فحجم المليارات التي اقتنصها ترامب من ثروات ومستحقات الشعب العربي في الحجاز والواقع تحت سلطة سعودية اقرب للاحتلال ستوجه بلا شك لأهداف لا بد وان تكون مرضية حتى ولو شكليا للسعودي.

وان كانت المواجهة المباشرة تنصل الأمريكي من كلفتها علنا الا ان هؤلاء يجيدون المواجهة غير المباشرة والتي قد تكون بل ونرى انها حتما ستكون مباشرة على بعض الجبهات.

الجبهتان السورية واليمنية مرشحتان بقوة للتصعيد ودوام الاتهام لايران بأنها تتدخل وانها لا بد وان تعزل، هو اتهام يصب في هذه الجبهات لان المشروع الرئيسي للمعسكر الامريكي الصهيوني متركز حاليا في هذا النطاق الجيوسياسي عبر الاتصال الاسيوي الأوربي المتجاوز للروس وعبر السيطرة على باب المندب والبحر الاحمر لأهداف متعددة تجمع ما بين تأمين التجارة وأمن الكيان الصهيوني.

وقد تكون الحرب غير المباشرة مع ايران حرباً مع المقاومة بشكل مباشر في هذه الجبهات.

 

 

اما الجبهة الاخرى التي بدت نذر الاعداد لها فهي الجبهة الباكستانية الايرانية والتي شهدت توترا حدوديا في الفترة الماضية.

التقارير تصب في ان الهاربين من “داعش” يتجمعون في كشمير، وصدرت تقارير مؤخرا تنقل عن قائد القوات الجوية الهندية رسالة لجنوده بالاستعداد لان هناك عمليات وشيكة، وهذه العمليات ربطها خبراء بداعش نتيجة رصد هذه التحركات للعناصر الهاربة من سوريا والعراق.

ولا يخفى على المتابعين انه من الصعب ان تكون هذه التحركات عشوائية او بعيدة عن رعاية سعودية امريكية.

ماذا اذا تجمعت فلول داعش في كشمير واصبحت نقطة انطلاق لهم ونقطة تسريب لاقاليم سيستان وبلوجستان الحدوديتين مع ايران، الن يكون هذا مصداقا لكلام بن سلمان عن نقل المعركة للداخل الايراني؟

على كل فقد فشل الحشد في اهدافه الطائفية فيما يبدو الا انه لم يفشل في تحجيم القوى المنوط بها ان تكون رمانة للميزان وان تمارس دورها القيادي المأمول لتأمين هذه الامة من فتنة كبرى.

مجرد الحضور للقمة مهما كانت الكلمات التي قيلت هو اعلان انخراط بالمحور الامريكي مهما صغرت الادوار ام كبرت ومهما تمايزت الرؤى او اتفقت.

النجاح الوحيد للقمة هو الفرز، وهو اعلان من هم الخاضعون بصرف النظر عن الاشتراك في الجريمة من عدمه.

يمكن مقارنة هذه القمة بقمة شرم الشيخ 2005 و كامب ديفيد او حتى لقاء روزفلت بال سعود في الطراد كوينسي، فهناك تقاطعات بين الاهداف وعلاقة المؤتمرات واللقاءات بالكيان الاسرائيلي، الا ان هذه القمة تختلف في شيء هام، وهو ان القمم واللقاءات المشار اليها كانت مؤسسة لاوضاع دولية جديدة، اما هذه القمة فهي قمة نهايات لا تأسيس، قد يعقبها اوضاع جديدة الا انها ناهية لوضع مأساوي وتليق مشاهدها الساخرة بهزلية الاوضاع التي وصلت اليها الأمة.

رجل الاعمال ترامب قام بدور القرصان ولكن لسفن غارقة مبادرة بالانفاق والتفريط ربما لتخفيف حمولة السفينة التي يغرقها مالها وسفه انفاقه.

بعيدا عن التهويل والتهوين فإن ما بعد هذه القمة ليس كما قبلها من حيث التحالفات ومواجهة الضغوط والتحديات لبلدان مختلفة وكذلك من حيث الوسائل المتبعة لادارة الصراع وعلى المقاومة ان تعد ما استطاعت من قوة ومن رباط الخيل.

 

* كاتب عربي من مصر

قد يعجبك ايضا