رغم الحفاوة بترامب.. السعودية بيت الارهاب بعين الغرب

موقع أنصار الله  || صحافة عربية ودولية ||علي رزق/ العهد الاخباري

 

قال الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في خطابه بمناسبة عيد المقاومة والتحرير ان السعودية ومن خلال التكريم غير المسبوق الذي قدمته للرئيس الاميركي دونالد ترامب ارادت ان “تحمي نفسها”، اذ ان العالم كله بات يعرف “ان الذي يقف خلف الجماعات التكفيرية والفكر التكفيري هو المملكة العربية السعودية”. وكان سماحته قد اشار ايضاً الى ان داعش تدرس الكتب الوهابية في مدارسها والى ان “العالم كله يتطلع اليوم الى النظام السعودي على اساس انه مركز الفكر التكفيري ومركز الدعم الاساسي للجماعات التكفيرية”. وخلص سامحته الى ان الرياض “بحاجة لتقديم رشوة للسيد الاميركي ليدافع عنها، ليحيمها، ليقدمها كمركز لمواجهة الارهاب والحرب على الارهاب ويدفع عنها هذه التهمة، وهذا لن يجدي نفعاً”.

 

 

هذا الكلام الذي قاله امين عام حزب الله يستحق التوقف عنده بعد ما تبين أنه وعقب زيارة ترامب، فان تركيز الانظار على النظام السعودي على اساس ضلوعه بالارهاب لم يتراجع بل اخذ منحى اقوى حتى. فمن خلال متابعة ما يكتب بالصحافة الغربية وما يصرح به سياسيون غربيون بعد زيارة ترامب، يتضح ان اللغة المستخدمة ضد السعودية في اطار دعمها للارهاب وصلت الى مستوى من التصعيد لعله يكون غير مسبوق، خاصة مع وقوع هجوم مانشستر الارهابي الذي تبناه داعش.

 

فها هو “فريد زكريا”، صحفي معروف تابع للمؤسسة الاميركية، يكتب بصحيفة واشنطن بوست ان السعودية هي المسؤولة عن انتشار ما اسماه “التهديد الارهابي الاسلامي الراديكالي” الذي ضرب مدينة مانشستر، وأن زيارة ترامب الى السعودية سمحت للاخيرة بان “تفلت من اي مسؤولية” (لجهة الدور الذي تلعبه بنشرالارهاب). كما يكتب زكريا ان معتقدات داعش تنبع من الفكر الوهابي، وان “المال السعودي يغير وجه الاسلام في اوروبا”. الا ان الكلام الاهم الذي كتبه زكريا ربما هو اعتبارها ان “ايران تحارب هذه الجماعات (التكفيرية) ولا تغذيها”، وان “كل الهجمات الارهابية تقريباً التي استهدفت الغرب لها صلة معينة بالسعودية، بينما فعلياً لم يحصل اي هجوم من هذا النوع كان له صلة بايران”. لم يكتفِ “زكريا” بنشر كل ذلك بصحيفة واشنطن بوست، بل كرر نفس الكلام في المقدمة لبرنامجه الشهير على شبكة “CNN” والمسمى “فريد زكريا GPS “.

 

هذه اللغة المنددة بضلوع السعودية بنشر الارهاب صدرت ايضاً من شخصيات اميركية قيادية في معسكر المحافظين الجدد. وفي هذا السياق يكتب “Elliot Cohen” (الذي يعتبر من منظري المحافظين الجدد) بمجلة “The Atlantic” ان قيام ترامب بزيارة السعودية في اول محطة له بجولته الخارجية الاولى يعد “تصرفا احمق”. ويذكر “Cohen” بان “ثلاثة ارباع” منفذي هجمات الحادي عشر من أيلول كانوا سعوديين، كما يشدد على ان السعودية هي “مصدر التمويل الارهابي”. كذلك يتطرق “Cohen” الى دور المدارس التي تمولها السعودية وغيرها من دول الخليج التي تلقن المفاهيم المتطرفة، ويقول انها  لعبت دورا اساسا بنشوء “الارهاب الدموي”.

 

هذه اللهجة غير المسبوقة المنددة بالسعودية لم تقتصر على وسائل الاعلام بل شملت ايضاً اعضاء الكونغرس. فعضو مجلس الشيوخ  عن الحزب الديمقراطي السيناتور“Patrick Leahy”  اصدر بيانا بعد زيارة ترامب الى السعودية قال فيه ان “العائلة الملكية السعودية استخدمت ثروتها النفطية من اجل الترويج لايديولوجيا متطرفة بما في ذلك بالمدارس والمساجد في جنوب آسيا والشرق الاوسط وشمال افريقيا”. ويتهم “Leahy”  العائلة الملكية السعودية تحديداً “بدعم التطرف الذي يولد الارهاب”، كما يتهم ترامب “بالخنوع لاحد الانظمة الاكثر ثراء وقمعاً في العالم” (النظام السعودي).

 

عقب هذا السرد تتضح جملة من النقاط الهامة، اولها ان السعودية ومن خلال تكريمها غير المسبوق لترامب لم تبعد الانظار عن نفسها بل فتحت المجال لهذه الموجة الجديدة التصعيدية من الانتقادات الموجهة اليها. فمن المعروف ان اهم وسائل الاعلام الاميركية من محطات تلفزة وصحف ومواقع وغيرها معادية لترامب، بالتالي ان تظهر السعودية كمن يقف في معسكر ترامب يعني انها ستنال نصيبها من حملة الانتقادات (وفي نفس الوقت هناك الكثير من الاوراق الجاهزة اصلاً ضد السعودية التي تسهل شن مثل هذه الحملة عليها). كذلك فان وسائل الاعلام الاميركية تنتظر اي فرصة لشن حملة على ترامب، بالتالي فان اختياره السعودية كاول بلد يزروه منذ تسلمه الرئاسة جاء فرصة ثمينة لوسائل الاعلام لتقول ان ترامب اختار بلداً يلعب دورا مركزيا بنشر الارهاب ويمارس القمع حتى ضد مواطنيه.

ومن النقاط الاخرى الهامة التي توضحت بعد زيارة ترامب ان السعودية وبغض النظر عما تقوله لجهة استعدادها للتطبيع مع الكيان الصهيوني، فان ذلك لا يبدو انه سيحميها من موجة الانتقادات في الداخل الاميركي. فهذا الاستعداد السعودي للتطبيع مع كيان الاحتلال الذي ظهر بشكل واضح جداً خلال زيارة ترامب، لم يمنع من تصعيد اللهجة ضد السعودية في الصحافة الاميركية (رغم ما يقال عن نفوذ صهيوني في هذه الصحافة). حتى ان محبي كيان الاحتلال شاركوا بتصعيد اللهجة هذه، وخير دليل على ذلك مقالة “Elliot Cohen” التي سبق وان ذكرت. كذلك تبين ان الاستعداد السعودي للتطبيع مع كيان العدو لن يثني اعضاء الكونغرس عن تصعيد اللجهة المنددة بالسعودية، وذلك رغم النفوذ الصهيوني المعروف داخل الكونغرس.

 

ما يمكن استنتاجه اذاً ان العداء تجاه ترامب داخل اميركا وخصوصاً من قبل وسائل الاعلام الاميركية يأتي فوق اي اعتبار آخر، حتى اذا كانت السعودية مستعدة للتطبيع مع كيان الاحتلال وتصفية القضية الفلسطينية. وفي نفس الوقت فان اعضاء الكونغرس وخاصة بعد تمرير قانون “جاستا” (الذي يسمح لعائلات ضحايا الحادي عشر من ايلول بمقاضاة السعودية)، ليسوا في وارد تخفيف اللهجة ضد السعودية باي ثمن كان. كما ان حالة الاستقطاب السياسي الحادة داخل اميركا وكما تبين من كلام السيناتور “Patrick Leahy” ، سيدفع بالكثير من اعضاء الكونغرس وخاصة الديمقراطيين الى تصعيد التهم ضد النظام السعودي، خاصة اذا استمرت “العلاقات المميزة” بين ادارة ترامب ونظام آل سعود.

 

ومن اهم ما يمكن استخلاصه بهذا الاطار ان قانون “جاستا” باق لا محال، وهو ما يعني ان الاضواء في الداخل الاميركي ستبقى مسلطة على دور السعودية بايجاد الارهاب التكفيري. ومع عودة المقاتلين الاجانب الى اوطانهم في ظل خسائر داعش الميدانية في العراق وسوريا، فمن المرجح جداً ان يقوم هؤلاء بهجمات ارهابية كتلك التي تعرضت لها مدينة مانشتسر، وهو ما يعني ان الاضواء قد تسلط اكثر فاكثر على دور السعودية بنشر الارهاب دون ان تتمكن من حماية نفسها، مهما كانت الاساليب التي قد تلجأ اليها.

قد يعجبك ايضا