ولا زلنا نمشي إلى .. يوم القدس

موقع أنصار الله  || صحافة عربية ودولية ||أم البنين مصطفى/ العهد الاخباري

 

عصبة على الرأس خُطَّ فيها “إننا قادمون”، علم فلسطين في يد وفي الأخرى راية المقاومة، وتأخذنا الحيرة في أي يد سنأخذ صورة الإمام. هذا كان دأبنا في الصغر فتيات وفتيان. وقد فاز من كان له نصيب من الفتيان في المشاركة في إحدى فقرات العرض العسكري المهيب.

نتسابق من أجل أن نكون الأقرب إلى المنصة أو الأقرب إلى الممر الذي عبره ستتلاحق سرايا المقاومة المسماة كل منها على اسم شهيد، يتقدمها مجسم مسجد قبة الصخرة – أول ما تقع عينك عليه في صورة مدينة القدس. أو لنشهد عن كثب فقرة عرض فنون الرجال الأشداء في النزول على الحبل وكانت من الفقرات المنتظَرة ومن أعزها على قلوبنا.

 

 

وكم كان يأخذنا الفخر عندما نرى صور القادة والشهداء يحملها أشبال المقاومة. وتشير أصابعنا إلى الصور متى ما عرفنا من الشهداء أحدهم وتختلط علينا العبرة بين باردة وساخنة. فلا كلمات يمكن لها أن تصف شعورنا في مثل تلك اللحظات، إلا أن ما يقال عنها هي أنها كانت لحظات من العز والفخر نقشت في الوجدان نقشاً لا يندثر مع الزمن.

تلك كانت مراسم يوم القدس العالمي قبل أعوام خلت. اليوم الذي أعلنه الإمام الخميني (قده) في آخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك والذي اعتبره يوم أحياء الإسلام.

وكان الذهاب للمشاركة في هذا اليوم “مشوار تلبية” سنويًا لا يغيب عن أذهاننا ولا عن قلوبنا ولا عن ضمائرنا.

كان ذلك يوماً عظيماً بالنسبة لنا.. نخرج بكل لهفة وحماس لتجديد انتمائنا لقضية القدس وفلسطين ولنملأ الشوارع والساحات بهتافاتنا الملبية لمدينة الصلاة. لأنها هي قدسنا العربية لا أورشليم. لأنها قبلتنا الأولى.. مهد الأنبياء ورسلاتهم السماوية. وهي قضيتنا الأساس، كانت كذلك ولا تزال وستبقى حتى زوال الكيان الغاصب عنها.

كل مراسم الحفل كانت رسائل للصهاينة مفادها أننا بالمرصاد، فتهتز عروشهم وهم الذين خبروا معنا معنى الهزيمة والذل، وأيقنوا بعد ما شهدوه أنهم يتّجهون نحو الزوال وأنهم إذا تمادوا إنما هم يدقون بأيديهم مسامير نعشهم واحداً تلو الآخر.

لم تكن “إننا قادمون” و “زحفاً زحفاً حتى القدس” مجرد شعارات في يوم القدس العالمي. أجيال من الشهداء قدموا أرواحهم على طريق فلسطين مؤمنين بأن الزحف المقدس نحو الجنوب إنما هو بداية الدرب. من فاتح عهد الإستشهاديين الشهيد أحمد قصير  والشيخ راغب حرب والسيد عباس الموسوي إلى الحاج عماد مغنية والحاج حسان اللقيس والحاج حسن محمد الحاج(أبو محمد الإقليم) والشهيد علي فياض (علاء البوسنة) والسيد مصطفى بدر الدين وإلى آخر شهيد ارتفع بالأمس، وغيرهم كثيرون كثيرون – قبلهم وبعدهم- لم نحسب عددهم ولن نحسبه. فالطريق الى القدس لا يُشقُّ إلا بالدماء، والدم يبذله الكرماء، “لأن شرف القدس يأبى أن يتحرر إلا على أيدي المؤمنين الشرفاء”(السيد موسى الصدر)، ﴿منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً﴾.

 

 

بعد سبعة وثلاثين عاماً على إعلان الإمام الخميني(قده) اختلف يوم القدس. ساحات تلبية النداء تبدلت. بات النداء يلبى بشكل أوسع وأعمق. الساحات صارت سوح الجهاد والعرض العسكري الذي طالما انتظرناه بتنا نرقب مشاهد منه ينقلها الإعلام الحربي، المشهد النظري صار مشهداً عملياً. دون أدنى شك أن طرق الجهاد كافّة لا بد تنتهي في القدس.

وورثنا الشهادة، شهيد ابن لشهيد وشهيد أخ لشهيد في سبيل بقاء القدس عربية الهوية بحاراتها وأسمائها، في سبيل استعادة أرضنا المغصوبة من خطر التهويد والعنصرية، في سبيل درء خطر الكيان اللقيط مشوهاً تاريخ عاصمة فلسطين، لا زلنا نمشي.. لن تزل أقدامنا عن هذا الطريق وأنى يممنا وجوهنا تبقى القدس البوصلة الوحيدة، وأنى سلكنا من اليمن أو من سوريا، من العراق أو من ليبيا، من إيران أو من لبنان، نهاية الطريق هناك في عاصمة الأرض والسماء.

فلتنم عين الإمام الخميني (قده) قريرة فإن القدس بأعيننا..

قد يعجبك ايضا