تطور ٌمفاجئٌ في العلاقة بين دول العدوان: الإماراتُ تتهمُ السعوديّة بتمويل وإيواء “أعداء التحالف”!!

موقع أنصار الله || صحافة محلية ||إبراهيم السراجي/    صدى المسيرة

كيف تديرُ واشنطن الصراعَ السعودي الإماراتي في الجنوب؟

 

على عكس الظاهر، لا تعمل السعودية مع الإمارات جنوب اليمن، لكنهما تعملان مع الولايات المتحدة، وهو التفسيرُ الطبيعي لبقائهما في تحالف واحد رغم التباينات والصراع الذي يخوضانه في الجنوب ويتمدد اليوم إلى المحافظات الشرقية وتحديداً في مأرب والجوف، كما إن التفسيرَ الطبيعي لاستمرار الصراع بينهما وانعكاسه على الصراع بينهما دون أن  يصلا لمفترق طرق، هو أن الصراعَ لم يطرأ من خارج الحسابات وإنما تم إعداده وتحضيره في إطار صناعة الفوضى التي تشرف عليها واشنطن وتعتبرها بيئة مناسبة لتنفيذ مشاريع التقسيم بعد خلق صراعات مناطقية وعرقية ومذهبية.

 

ويتضح ذلك التفسير بشكل، على سبيل المثال، أن السعوديةَ التي رفضت “المجلس الجنوبي” واعتبرته “انقلاباً” على سلطة الفار هادي وفي ذات الوقت وعقب الإعْلَان عن تشكيل المجلس استقبلت في الرياض رئيس المجلس ونائبه وهما “عيدروس الزبيدي” و”هاني بن بريك” أبرز أدوات الإمارات من الحراك الجنوبي والتيار السلفي.

 

مؤخراً أصدر الفار هادي قراراتٍ بعزل محافظي حضرموت وشبوة وسقطرى وهم أعضاء المجلس الجنوبي وأتباع الإمارات، ولو أن تلك القرارات كانت ستنهي مشكلة الانقلاب على سلطته فإن الولايات المتحدة لم تكن لتسمَحَ بصدورها، لكن الواقع في حضرموت مثلاً، يقول إن المشكلة ليست بوجود محافظ تابع للإمارات لا يعترف بسلطة الفار هادي، ولكن المشكلة الحقيقية هي وجود قوة عسكرية تحت مسمى “قوات النخبة الحضرمية” التي شكّلتها ودربتها وتديرها الإمارات، وبالتالي فإن عزْلَ المحافظ لن يحل المشكلة بل سيخلق صراعاً بين تلك القوة والمحافظ الجديد الموالي للسعودية، وهذا الصراع هو ما تريده الولايات المتحدة.

 

وجودُ صراع في حضرموت سيخلُقُ مع الوقت قضية جديدة قد يطلق عليها في يوم من الأيام اسم “القضية الحضرمية” وترسيخها كمنطلق تتخذه واشنطن ذريعة لمنح حضرموت الاستقلال تحت أي نظام يجري الإعداد له باسم إيجاد حل للقضية الحضرمية، وهذا هو التوضيح المناسب لأهداف الفوضى التي تديرها واشنطن، وتستخدم فيها السعودية والإمارات كأدوات لا أكثر.

 

وفي سياق تداعيات قرار عزل محافظي حضرموت وشبوة وسقطرى، لجأت الإمارات لأول مرة لإعْلَامها الرسمي في اتهام السعودية بتمويل وإيواء شبكة إعْلَامية في الرياض وظيفتها مهاجمة الإمارات وما وصفه الإعْلَام الإماراتي بـ “التحالف”.

 

صحيفة البيان الإماراتية الرسمية نشرت تقريراً في عددها الصادر يوم الجمعة بعنوان “إعْلَاميو حزب الإصلاح يهاجمون التحالف من داخل الرياض”. ورغم أن الصحيفة حاولت نسب المعلومات في التقرير إلى مصادرَ “يمنية” داخل ما يسمى “الشرعية”، إلا أنها كانت تعبّر عن امتعاض الإمارات خصوصاً أن فقدت التوازن في التقرير عندما حاولت أن تنسب المعلومات إلى “مصدر في الشرعية كشف أن الشرعية توصلت لمعلومات خطيرة عن خلايا إعْلَامية داخل الشرعية تشتغل على تشويه الإمارات من داخل الرياض”، هذا التناقض والارتباك يعبران عن وجهة نظر إماراتية تطوّرت لمستوى التناوُل المباشر للدعم السعودي والقطري معاً للإعْلَام المناهض للإمارات وهي المرة الأولى التي يتحدث بها، والأخطر أنه يتزامن مع تصعيد الأزمة الخليجية مع قطر.

 

وذكر تقرير الصحيفة الإماراتية “أن إعْلَاميي حزب الإصلاح (الإخوان) المتواجدين بالرياض ضمن الشرعية ويعملون في ما تسمى (رابطة الإعْلَاميين اليمنيين) يتلقون رواتبَ مجزيةً من المملكة العربية السعودية ومن حكومة الشرعية، غير أن غالبيتهم باتوا ينخرون التحالف العربي من الداخل، حيث يُديرون مواقعَ إخبارية وحساباتٍ وهميةً بتويتر من داخل الرياض”.

 

وفيما المعروف أن إعْلَاميي الإصلاح، خصوصاً المتواجدين في تركيا والرياض، يهاجمون الإمارات وينشرون وثائقَ وتقاريرَ تفضح مشروعها الاحتلالي في الجنوب بتغاض سعودي، إلا أن الإمارات حاولت توجيه الأمر باعتبار أن الهجومَ موجه نحو “التحالف” وليس نحوها فقط. وقالت البيان الإماراتية إن “توكل كرمان تدير شبكة الإعْلَام الممولة من قطر عبر إعْلَاميي حزب الإصلاح، ووصفت التحالف العربي بالاحتلال، كما اعتبرت قراراتِ السعودية وتوجهاتها بأنها وصاية على اليمن” مع العلم إن كرمان قالت ذلك عن الإمارات وليس عمّا يسمى “التحالف”.

 

وبالنظر إلى التهم الإماراتية الموجّهة للسعودية فإنها تتطابق في مجالها بشكل كامل مع الاتهامات الموجّهة لقطر والتي أدَّت لإقصائها من تحالف العدوان وقطع العلاقات معها، فلماذا لا تفعل الإمارات الشيءَ ذاته مع السعودية رغم اتهامها الصريح بتمويل الرياض للإخوان وإيوائهم؟، الجواب يعود لنقطة البداية أن الصراعَ لا يتطور بين دول الخليج إلا وفق ما ترسمُه الولايات المتحدة، وطالما أن ذلك الصراع بمستواه الحالي يحقق الفوضى في اليمن، كما تريد واشنطن ويبقي على “تحالف” السعودية والإمارات قائماً رغم الخلاقاتِ بما يخدمها، فإن الدولتين لن تصلا إلى مفترق طرق.

 

من جانب آخر ضمن تداعيات عزل محافظي حضرموت وشبوة وسقطرى، فقد أعلن ما يسمى “المجلس الانتقالي الجنوبي” رفضَه القاطعَ للتعامل مع تلك القرارات، وتمسّك في ذات الوقت بما أسماه “التحالف مع قوات التحالف بمواجهة الإنقلابيين”، وتطور الأمر للتلويح باستخدام السلاح لمواجَهة محاولة الفار هادي فرض قراراته تلك. هاني بن بريك نائب رئيس المجلس الجنوبي عبر صفحته في تويتر هدّد بالمواجهة المسلحة مع الفار هادي، وقال “لم نضع سلاحنا بعدُ ولم تجف دماءُ شهدائنا ولم تبرأ جراح جرحانا، ومن أدمن ساحاتِ القتال واستنشق البارودَ مستعدٌّ للذود عن كرامته وذاك عشقه وإدمانه”.

 

وهنا مجدداً سيستمر التواصُلُ العلني والاحتضان المعلَن من قبَل الإمارات لـ “هاني بن بريك” في أبوظبي أَوْ حتى الرياض، رغم أنه يقودُ ما يمكن وصفه “تمرد” أَوْ “انقلاب” واضح ضد ما يسمى “الشرعية” وفقاً لمعايير دول العدوان، وهو تفسيرٌ آخر بأن ما يحدث يحقق مصلحة أَمريكية بتوظيف الصراع لمصلحة مشروع التقسيم وسيستمر الوضع على هذا النحو دون أن تتخذ دول العدوان موقفاً صريحاً من تلك القيادات؛ لأنهم جَميعاً (دول تحالف العدوان والمرتزقة) مجرد أدوات تختلف فيما بينها وتصل لمفترقات طرق دون أن تفترق؛ لأن واشنطن هي من تجمهم في سلة المشروع الأَمريكي الصهيوني، أما القول بقول ذلك سيكون من غير المنطقي أن يقال إن المنطق أن تدعم دول التحالف ما يسمى “الشرعية” وتدعم “الانقلاب على الشرعية” في ذات الوقت.

قد يعجبك ايضا