الاستعمارُ الإماراتي يدمّر سقطرى ويُخضِعُها للنهب الشامل
موقع أنصار الله || صحافة محلية ||إبراهيم السراجي/ صدى المسيرة
أَصْبَحت جزيرةُ سُقَطْـرَى كُبرى الجُزُر اليمنية تحت الاستعمار بمفهومه القديم، ولكن هذه المرة ليس عبر الامبراطوريات الاستعمارية، بل عبر الإمَارَات الدولة التي ولدت نتاجاً للاستعمار والخريطة التي وضعها المستعمرُ البريطاني للمنطقة.
ورغم أن ممارسات الاحتلال الإمَارَاتي حظيت بتغطية إعلامية من قبل وسائل الإعلام الوطنية منذ احتلاله لجزيرة سُقَطْـرَى، إلا أن الخلافات الناجمة عن الأزمة الخليجية بين مرتزقة الإصلاح ونظرائهم الآخرين، أخرجت للسطح مزيداً من المعلومات حول الاستعمار الإمَارَاتي للجزيرة اليمنية، وهو الاستعمارُ الذي باتت تقر به شريحة واسعة من مرتزقة العدوان ووسائل إعلامهم.
وتشمل ممارسات الاحتلال الاستعمارية لجزيرة سُقَطْـرَى عدة صور، منها تجريف الطبيعة التي تزخر بها الجزيرة تحت المياه وفوقها من أشجار نادرة وشُعَبٍ مَرْجانية، وكذلك وضع الإمَارَات يدها على أراضيَ شاسعةٍ عبر شرائها من أشخاص بشكل غير قانوني، حيث يحظر بيع أراضي سُقَطْـرَى لدولة أجنبية، فيما تظل جوانبُ من عمليات النهب للجزيرة غامضةً إلا من رصد تحرّكات أكثر من مريبة تؤكد أن هناك عمليات نهب.
ويكشف عدة نشطاء إخوانيين، بينهم “عاطف السقطري” أحد الموالين للعدوان، عدة حالات موثّقة بالصورة للاستعمار والنهب الإمَارَاتي للجزيرة، يجري نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلى سبيل المثل نشر “السقطري” في صفحته بموقع الفيسبوك سلسلة منشورات موثقة بالصورة، أولاها تُظهِرُ عدداً من الكونتيرات الضخمة داخل الجزيرة وعلّق عليها بالقول “كونتيرات إمَارَاتية بكميات مهولة تدخل وتخرج من سُقَطْـرَى دون أي تفتيش. سُقَطْـرَى ليس فيها مصانع حتى تصدر، ولم ينتعش فيها السوق والاقتصاد حتى يقال إن هذه الكونتيرات تورد شيئاً إلى الأسواق”. وأضاف متسائلاً “ماذا تورد هذه الكونترات؟! بل وماذا تُصَدِّرُ أصلاً؟”.
النهبُ الاستعماري الإمَارَاتي في سُقَطْـرَى لم يترك شَيئاً دون الاستيلاء عليه ونقله إلى الإمَارَات عبر رحلات جوية لا تخضع لأية رقابة، ومن أجل منع أية عوائق أمام هذا الاستعمار أنشأت الإمَارَات سجوناً سرّيةً في الجزيرة على غرار فضيحة شبكة السجون السرية في عدن والمكلا والتي كشفها الإعلامُ الغربي ومنظمات حقوق الإنْسَــان الدولية.
“بريمر الإمَارَاتي” وسجونُ القمع
تفيدُ المعلوماتُ التي سرّبتها مصادرُ إعلامية ومرتزقة الإصلاح، أن ضابطاً إمَارَاتياً رفيع المستوى هو من يحكم الجزيرة ويشرف على عمليات التجريف والنهب والقمع، وبات يطلق عليه اسم “بريمر الإمَارَاتي” على غرار الحاكم العسكري الأمريكي في العراق بعد الغزو، ومعه ضباط إمَارَاتيون بمستوى أقل.
وبحسب المعلومات أشرف ضباط الاحتلال الإمَارَاتي على تجنيد أربعة آلاف مرتزِق، بينهم ضباط تابعون للعدوان، ويمنح كل فرد منهم 500 درهم إمَارَاتي والضابط 1000 درهم كراتب شهري، ويتولون مهمةَ اعتقال المعارضين والمحتجين على أية عمليات نهب واقتحام المنازل التي يُعتقد أنها تضم معارضين للاحتلال، ويتم الزج بهم في سجون تعذيب يحرُسُها المرتزِقةُ ويشرف على التعذيب فيها ضباطٌ إمَارَاتيون يُعرَفون بألقاب (أبو سيف) (أبو مبارك) ( أبو طارق).
تجريفُ التربة والأحجار ونقلها للإمَارَات
تؤكد المعلومات والتسريبات ومنشورات المرتزقة المتضررين من الإمَارَات، أن القوات الإمَارَاتية أغلقت ميناء سُقَطْـرَى ومنعت أية سفن أَوْ بواخر تجارية من الاقتراب، باستثناء السفن والبواخر الإمَارَاتية التي تنقل المنهوبات عبر كونتيرات بأعداد كبيرة، حيث قام الاحتلال بطرد المُدَراء في مختلف القطاعات واستبدلهم بمرتزقة أجانب، ووفقاً لذلك تم طردُ مدير الميناء وتعيين مدير من جنسية عربية، وطرد مدير الكهرباء وتم تعيين مرتزق يحمِلُ الجنسية السورية.
ويروي أحد مرتزقة العدوان الإخوانيين أن حواراً دار بين الحاكم العسكري “بريمر الإمَارَاتي” ومدير الأشغال الذي جرى طرده بعد ذلك، حيث قال الضابط الإمَارَاتي له “روح خلي المحافظ تنفعه الشرعية”، فأجاب مدير الأشغال “لولا الشرعية لما كنتم هنا”، وبالفعل ودون أن يدري هذا المدير أنه أقر بأنه لولا مرتزقة الرياض ما جاء الاستعمار الإمَارَاتي.
وبين الميناء والمطار بسُقَطْـرَى، يؤكد بعض سكان الجزيرة أنهم يلحظون بشكل يومي تحركات وعمليات نقل تتم بظروف غامضة وبحماية أمنية مشددة.
وبحسب المعلومات وما يتم نشره، قام الاحتلال الإمَارَاتي بنقل “شتلات” كاملة تضم أنواعاً مختلفة ونادرة من النباتات وجرى شحنها إلى الإمَارَات.
تدميرُ المحميات الطبيعية
تُعَدُّ سُقَطْـرَى بما تحتويه من نوادر النباتات والثروات البحرية محميةً طبيعيةً وضمن المحميات الطبيعية العالمية، وفقاً لإعلان الأمم المتحدة، إلا أن الاحتلال الإمَارَاتي لم يكتفِ بنقل ما تضمه من نباتات طبيعية، بل يدمّر هذه المحميات ويشيد فوق أرضها مبانيَ وقصوراً تابعة لضباطه الذي يحكمون الجزيرة.
ووفقاً لعدة مصادرَ، بينها الناشط الموالي للعدوان “عاطف السقطري” الذي نشر صورةً في صفحته بموقع الفيسبوك تظهر أعمالَ بناء وسط المحميات الطبيعية وهي “محمية دكسم”، ويمثل هذا البناء قصراً للحاكم الإمَارَاتي المحتل.
وكتب السقطري معلقاً على الصورة “قصر الحاكم بريمر سُقَطْـرَى أبو مبارك تحت البناء في قلب إحْدَى أشهر المحميات العالمية. هذه محمية دكسم موطن دم الأخوين ممنوع حتى تمشي عليها”.
نهب مساحات شاسعة وتجريف التربة
قبل أسابيع سرّبت قناة فضائية تابعة للإصلاح في اليمن وثائقَ تُثبِتُ أن حكومة الفار هادي باعت أراضيَ للإمَارَات في جزيرة سُقَطْـرَى عبر محافظ الجزيرة الموالي للاحتلال الإمَارَاتي.
ونشر موقع “قناة بلقيس” التي ترأسُها القيادية الاخوانية “توكل كرمان” وثائقَ، منها وثيقة بيع أرضية في أرخبيل سُقَطْـرَى مساحتها 19500 متر مربع والتي بيعت لممثل مُؤَسّسة خليفة، ويدعى خلفان المزروعي بقيمة 3 ملايين درهم إمَارَاتي.
كما نشر موقع القناة مذكرة رفعها وكلاء محافظة سُقَطْـرَى بحكومة المرتزقة موجهة إلى الفار هادي يخلون مسؤوليتهم من التصرفات اللامسؤولة من قبل “المحافظ” التي نتج عنها “العبث بالمصالح العامة من الأراضي والمنافذ والإيرادات”، بحسب تعبيرهم.
شراءُ الأراضي بالنسبة للاحتلال الإمَارَاتي ليس مستغرَباً، بل إن بلادَ الصحراء التي كانت تشتري “التربة” و”الأحجار” من دول أخرى بالملايين، باتت اليوم تجرفُ تربة جزيرة سُقَطْـرَى ويجري نقلها عبر البواخر.
وينشر نشطاء بمواقع التواصل صوراً تُظهِرُ عملياتِ نقل للتربة والأحجار عبر ناقلات كبيرة إلى الميناء ومن هناك عبر البواخر يجري نقل الأحجار والتربة إلى الإمَارَات.
صور أخرى ينشرها “عاطف السقطري” ومواقعُ اخوانية، تظهر أن المستعمر الإمَارَاتي حوّل مساحات شاسعة في شواطئ سُقَطْـرَى إلى أملاك خَاصَّــة بالمحتلين الإمَارَاتيين وتشهد أعمالَ بناء لمنازل وقصور للضباط الإمَارَاتيين، لا تمثّل عملياتِ سطو فحسب بل تدمير للطبيعة النادرة هناك.
ويعلق أحدهم على الصور بالقول “أراضي وشواطئ بعد أن كانت متنفساً عاماً للجميع أَصْبَحت أملاكاً خَاصَّــة للإمَارَاتيين”.
رشاوى وتجنيسٌ مهّدت للاستعمار
بدأ الاحتلالُ الإمَارَاتيُّ قبل فترة طويلة أعقبت احتلاله للجزيرة، بالتمهيد لنهب واستعمار سُقَطْـرَى عبر سلسلة من التحركات السرية.
وفي وقت سابق كشفت تقارير صحفية أن ضباطاً إمَارَاتيين وصلوا في أبريل الماضي إلى الجزيرة للعمل على بناء قاعدة عسكرية وعقد لقاءات مع من مرتزقة الجنوب ومرتزقة الرياض المعيّنين في مناصبَ بالجزيرة.
وأشارت التقارير إلى أن الإمَارَات قامت بفتح المجال لمَن جنّدتهم من سكان سُقَطْـرَى بالسفر إلى الإمَارَات بجوازاتِ سفر إمَارَاتية ورحلات يومية بين أبوظبي والجزيرة، وقامت بتسفير قيادات جنوبية أخرى عبر الجزيرة وبواسطة طيران الإمَارَات لعقد اجتماعات في أبوظبي.
وفي الإمَارَات تلقت بعضُ المجاميع تدريباتٍ خَاصَّــةً، وأُعيدوا بعد ذلك إلى سُقَطْـرَى لاستخدامهم في عمليات الاستعمار الإمَارَاتي في مختلف المجالات، بما فيها عملياتُ القمع والتعذيب والاعتقالات.