“إسرائيل” والهند.. تحالف يضعف القضية الفلسطينية
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||محمد محسن وتد/ وكالة القدس للأنباء
أسست زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى تل أبيب مرحلة جديدة في العلاقات الدبلوماسية بين الهند و”إسرائيل”، لتدشن بذلك حلفا استراتيجيا نحو تدعيم القوة العسكرية والاقتصادية وتعزيز التبادلات التجارية والأمنية.
صادفت الزيارة مرور 25 عاما على تطبيع العلاقات بين تل أبيب ونيودلهي، وقوبل خلالها مودي بحفاوة واحتضان من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي وصف الزيارة بالتاريخية واعتبرها انتصارا للدبلوماسية “الإسرائيلية”.
في هذه الأجواء، غابت القضية الفلسطينية عن أجندة رئيس الوزراء الهندي حين امتنع عن زيارة “السلطة الفلسطينية” ولقاء رئيسها محمود عباس، وذلك خلافا للبروتوكول الدبلوماسي الذي يحرص عليه قادة العالم بزيارة تل أبيب ورام الله.
وبدا موقف نيودلهي في الزيارة والصفقات التجارية والاقتصادية والأمنية والعسكرية التي أبرمت خلالها منحازا ل”إسرائيل” ومهمشا للقضية الفلسطينية، علما أن الهند كانت أول دولة غير عربية تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية وتطبع العلاقات معها في العام 1980.
الاعتراف ب”إسرائيل”
مهد مؤتمر مدريد للسلام الذي عقد في أكتوبر/تشرين الأول 1991 ومن ثم التوقيع على اتفاق أوسلو في سبتمبر/أيلول 1993، لشق الطريق نحو إحداث التغيير بالعلاقات الدبلوماسية ما بين “إسرائيل” والهند، وأعلن رئيس وزراء الهند ناراسيما راو من “حزب المؤتمر” يوم 29 يناير/كانون الثاني 1992 إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين الهند و”إسرائيل”، وتم تبادل السفراء بينهما.
غير أن هذا التاريخ كان نقطة تحول في هذه العلاقات ولم يكن بداية نشأتها، إذ ترجع هذه النشأة إلى اعتراف الهند واقعيا بإسرائيل يوم 17 سبتمبر/أيلول 1950.
ومنذ ذلك الحين دأبت حكومات “إسرائيل” المتعاقبة على تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الهند، ونجحت تل أبيب في توسيع النشاطات والتعاون عسكريا وأمنيا وتكنولوجيا لتتحول الهند إلى أكبر سوق للصناعات الجوية والعسكرية “الإسرائيلية”.
مرحلة جديدة
يرى المحلل السياسي (الصهيوني) عكيفا الدار أن زيارة رئيس الوزراء الهندي لتل أبيب تؤسس
لمرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين جوهرها يكون على حساب القضية الفلسطينية، مبينا أن مودي امتنع حتى عن التطرق للاحتلال وغيّب القضية الفلسطينية عن خطاباته ولقائه بالمسؤولين “الإسرائيليين”.
وأبدى الدار في حديث صحفي استغرابه من قرار رئيس وزراء الهند -الذي كانت بلاده أكبر مناصر وداعم للقضية الفلسطينية- عدم زيارة رام الله ولقاء الرئيس محمود عباس، واصفا ذلك بالسابقة الخطيرة التي من شأنها أن تدفع بقيادات عالمية أخرى للتصرف بالمثل، مما سينعكس سلبا على موازين القوى بالصراع العربي “الإسرائيلي” وإضعاف القضية الفلسطينية.
ويعتقد المحلل السياسي أن الهند ما كانت لتقوم بذلك لولا الحديث عن التقارب والتطبيع السعودي “الإسرائيلي”، مؤكدا أن التقاء المصالح بين البلدين والصفقات التي أبرمت بين نتنياهو ومودي، التي تقدر قيمتها بنحو سبعة مليارات دولار، طوت خمسين عاما من الموقف الهندي الداعم للفلسطينيين والمناهض للاحتلال للضفة الغربية والقدس.
التزام الصمت
من جانبها، اختارت السلطة الفلسطينية التزام الصمت، وامتنعت عن التعقيب على عدم زيارة رئيس الوزراء الهندي لرام الله، حيث وصف أستاذ العلوم السياسية عدنان أبو عامر هذا التصرف من نيودلهي بالاختراق للدبلوماسية العالمية للفلسطينيين، لافتا إلى أن الهند انحازت في هذه المرحلة إلى “إسرائيل”.
وحمّل أبو عامر في حديث صحفي السلطة الفلسطينية كامل المسؤولية عن عدم زيارة مودي رام الله، واصفا ما حدث بالانتكاسة للسياسية الفلسطينية وإخفاقها في الحفاظ على الإرث التاريخي للعلاقات ما بين نيودلهي والشعب الفلسطيني.
وأبدى مخاوفه من أن يكون نهج الهند سابقة تشجع المزيد من قادة العالم ليحذو حذوه في ظل التراجع بالدبلوماسية الفلسطينية، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس سلبا على الصراع العربي “الإسرائيلي”.
وبيّن أن الهند ما عادت ترى في القضية الفلسطينية ارتكازا أساسيا في دبلوماسيتها وعلاقاتها مع دول الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن “إسرائيل” تتطلع لكسب الهند إلى جانبها بالمحافل الدولية والأمم المتحدة وتحييدها عن التصويت لصالح فلسطين في القرارات الدولية