ولد الشيخ يخرُجُ من مكتب بن سلمان ويقدم إحاطة جديدة فاضحة لمجلس الأمن
موقع أنصار الله || صحافة محلية || إبراهيم السراجي/ صدى المسيرة
أدلى المبعوثُ الأُمَـمي، إسماعيل ولد الشيخ، أمس الأربعاء، بإحاطته الجديدة أمام أعضاء مجلس الأمن بمقر الأُمَـم المتحدة في مدينة نيويورك الأمريكية بعد أقل من شهر على إحاطته السابقة، التي تختلف عن إحاطة الأمس من حيثُ تقديمه لجُملة من المعلومات الخاطئة والمضللة للمجتمع الدولي، غير أنه زاد عليها بعضَ المغالطات وتمسك مُجدّداً بالمساومة على تسليم الحديدة لدول العدوان مقابل صرف المرتبات، وهذه المرة أيضاً أضاف للمساومة تهديداً مبطناً عندما وضع قضية الحديدة شرطاً للنظر في وقف الحرب.
إحاطةُ ولد الشيخ لم تكن الوحيدة في جلسة مجلس الأمن التي خصصت لليمن، حيث شهدت إحاطات أدلى بها كُلٌّ من وكيل الأمين العام للأُمَـم المتحدة للشؤون الإنْسَانية ومنسق الشؤون الإنْسَانية التابع للأُمَـم المتحدة في اليمن ومدير منظمة الصحة العالمية الأُمَـمية أيضاً، لكن إحاطة المبعوث عادة ما تحظى بالاهتمام الإعلامي لبُعدها السياسي.
بخصوص إحاطة ولد الشيخ، فإن المعطيات تقول إنه كتبها في مكتب ولي العهد السعوديّ بمدينة جدة، فالمبعوثُ الأُمَـمي قضى أربعة أيام متواصلة في المدينة السعوديّة والتقى رئيسَ ما يسمى بمنظمة التعاون الإسْلَامي الخاضعة للنظام السعوديّ، ووفقاً لوكالة الأنباء السعوديّة، التقى ولد الشيخ مساء الثلاثاء، أي عشية تقديمه للإحاطة، بولي العهد السعوديّ في مكتب الأخير بمدينة جدة بحضور رئيس المخابرات السعوديّة، ووفقاً لنص الإحاطة، يؤكد ولد الشيخ أنه كان إلى صباح الأربعاء في السعوديّة، وإذا كانت الرحلة تستغرق بين المدينة السعوديّة ونيويورك الأمريكية حيث مقر الأُمَـم المتحدة 13 ساعة، أي أنه وصل من المطار إلى قاعة الجلسة ومعه الإحاطة المكتوبة سلَفاً.
ولد الشيخ حوّل الجلسة إلى “مسرحية”، فكل فقرة وردت في إحاطته كانت تعبّر عن مبعوث سعوديّ لا أُمَـمي، وأهم من ذلك تتناقَضُ مع فقرات إحاطات مسؤولي الأُمَـم المتحدة في الجلسة ذاتها، خصوصاً ما يتعلق بالوضع الإنْسَاني في اليمن وتفشّي الكوليرا.
وضمن فصول المسرحية، قال ولد الشيخ في إحاطته “إنني أثني على التبرع السخي بمبلغ 67 مليون دولار من السعوديّة, مما ساعد على إبطاء انتشار الوباء”، بالمقابل عبّر “ستيفن أوبراين” وكيل الأمين العام للشؤون الإنْسَانية، عن “خجله” بأنه وبعد أقل من شهر على إحاطته السابقة في يونيو الماضي وتحذيره للمجتمع الدولي، لم يتغير أي شَيء بخصوص انتشار الكوليرا، بل زاد الأمر سوءاً وقال “لا تزال الكوليرا وخطر المجاعة ينتشران بشكل حاد في جميع محافظات اليمن، باستثناء محافظة واحدة. وفي خضم ذلك، يكافح ملايين الناس الصراع والفقر والصعوبات الاقتصَادية اليومية يوميًّا من أجل البقاء على قيد الحياة”.
المقارنة الفاضحة بين حديث ولد الشيخ وستيفن أوبراين فيما يخص الكوليرا وانتشارها امتدت في أكثر من فقرة، ففيما أسهب ولد الشيخ بالثناء على السعوديّة و”مكرمتها” المزعومة فإن أوبراين اتهم مجلس الأمن بالفشل وقال إن “فضيحة تفشّي الكوليرا من صنع الإنْسَان تتحمل مسؤوليتها أطراف النزاع والجهات التي تقومُ من خارج حدود اليمن بإبقاء حالة الرعب والمعارك”.
ولأن العُرف أن يتحدَّثَ المسؤولُ عن الأهم وبعد ذلك الأقل أهمية، ووفقاً لأولويات ولد الشيخ في إحاطته لمجلس الأمن حول استمرار ما وصفه العنف، فإنه وضع تعرض منطقة “جيزان” لقصف بالصواريخ ولم يتحدث عن حدوث خسائرَ بشرية ناتجة عنها، وبعد ذلك تطرق لجريمتين فقط مما ارتكبه طيران العدوان وتجاهل بقية الجرائم، ناهيك عن وضعها في مرتبة تالية لتعرض جيزان لقصف صاروخي. ونصت إحاطته في هذا السياق على قوله “هبطت الصواريخ في منطقة جازان السعوديّة. – وما زالت الهجمات الجوية تضرب العديد من المواقع في محافظات صعدة, تعز, وَمارب, وصنعاء”.
فيما يتعلق بالحصار جدّد أوبراين مطالبتَه بضرورة رفع الحصار ورفع الحظر عن الرحلات الجوية من وإلى مطار صنعاء بشكل كلي وفي اليمن عموماً ومنع أي هجوم للعدوان على ميناء الحديدة ورفع الحظر عنه، أما ولد الشيخ كمبعوث سعوديّ فقد أقر بأن أوبراين كرّر مراراً وتكراراً المطالبة برفع الحظر، أما بالنسبة له فقد طالب برفع مشروط للحصار بخصوص إعَادَة الطلاب العالقين والسماح بتسفير المرضى للخارج وليس رفع الحظر الجوي بالكامل عندما قال “إنني أناشد التحالف والأطراف في الصراع دعم اقترابنا لاستئناف الرحلات الجوية المنتظمة على وجه التحديد للأفراد الذين يحتاجون إلى رعاية طبية, والطلاب الذين يدرسون في الخارج”.
سياسياً، كرر ولد الشيخ تبنِّيَه لمقترح العدوان بتسليم ميناء الحديدة مقابل صرف المرتبات لأربع مرات في فقرات مختلفة في إحاطته، وهذه المرة أضاف إليها تلميحاً خطيراً من حيث المبدأ عندما جعل المساومةَ على الحديدة مقرونةً أيضاً بوقف الحرب، وهي بمعنى آخر مساومة تتلخص في “إما تسليم الحديدة أَوْ الحرب”.
وفي واحدة من المرّات التي كرر فيها ولد الشيخ طرح مقترح العدوان قال إنه سيذهب إلى القاهرة ويأمل أن يلتقيَ بممثلي أَنْصَار الله والمؤتمر لمناقشة “الاتفاقات المحتملة بشأن الحديدة والمرتبات كخطوة أولية إلى الوقف الوطني للأعمال القتالية, وإلى حل شامل للصرع الذي يُعيدُ السلام إلى اليمن”، وأضاف “من الضروري أن يشارك أَنْصَار الله والمؤتمر معي بشكل بنّاء وحُسن نية بشأن هذه المقترحات إذَا كانوا يريدون حقاً إنهاء الحرب”.
لم ينسَ ولد الشيخ أن يذكّر المجتمع الدولي أن السعوديّة موافقة على مقترح الحديدة الذي هو بالأساس مقترحها، وموافقة حكومة المرتزقة أيضاً التي هي أداة سعوديّة لا قرارَ لها في الحرب وفقاً لكلمة مندوب دولة الأورغواي بمجلس الأمن.
ورغم تضليل ولد الشيخ المستمر للمجتمع الدولي، إلا أن الواقع في اليمن بات يتسرّب بطرق أخرى تؤكد لممثلي المجتمع الدولي أن المبعوثَ الأُمَـمي يضللهم لصالح دول العدوان، وهو ما عبّر عنه مندوب دولة الأورغواي “إلبيو روسلي” في كلمة أثناء جلسة مجلس الأمن، الذي قال “وردتنا معلوماتٌ تؤكد أن الرئيسَ اليمني (الفار هادي) لا يسيطرُ بأي شكل من الأشكال وليس هو من يتخذ القرار بما يتعلق بالغارات الجوية التي تتم في بلاده”.
وعودة للمسرحية التي وضع فصولها الهزلية ولد الشيخ الذي وضع تعرُّض جيزان في مناسبتين لقصف صاروخي في قمة اهتماماته، فإن مندوب الأورغواي كان لديه تفصيلٌ آخر يتعلق بجريمة العدوان في صعدة عندما قال “في 17 يونيو كان هناك قرابة 22 مدنياً بينهم 6 أطفال قُتلوا بهجمة جوية استهدفت سوقاً في صعدة قُرب حدود السعوديّة ولم يسبق عملية القصف أي انذار”، وأضاف “لا ندري ما هي القيمة الاستراتيجية لقصف سوق من الأسواق تسوّغ هذه الهجمات”.
وطالب مندوبُ أورغواي من رئيس مجلس الأمن بمحاسبة مَن يقومون بالهجمات الهمَجية ومَن يقدمون التصريحَ لهذه الهجمات ومن يزوّد الدول التي تقصف بالأسلحة.