حزب الله يسلب ’اسرائيل’ مفاجأة الحسم الخاطف

 

موقع أنصار الله  || صحافة عربية ودولية || جهاد حيدر / العهد الاخباري :

 

يحرص كل من “اسرائيل” وحزب الله، في كل سنة، على احياء حرب تموز 2006، كلٌّ لخلفياته وأهدافه. من جهة العدو، لا يستطيع صناع القرار في تل أبيب تجاهل هذه المحطة من تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي، بفعل ما ترتب عليها من نتائج غيَّرت من المعادلات، وايضاً، بهدف استخلاص العبَر كي تبقى حاضرة في الوعي العام على أمل عدم الوقوع في خطأ التقدير نفسه. أما بالنسبة لحزب الله فالمسؤولية تجاه مجاهديه وشهدائه وقضيته وشعبه وأمته، تفرض عليه مواصلة احياء هذه الذكرى. ليس فقط عرفاناً للجميل، بل ايضا، جزء من المعركة الدائرة على الوعي، وجزء من معركة الخيارات الكبرى في الصراع مع “اسرائيل”، وفي سياق التأسيس لمعادلات تحمي الوطن والامة.

 

 

على نفس القاعدة، لا تندرج استعادة المحطات التي مرت بها الحرب، ضمن مفهوم التكرار الممل. بل هي مدرسة يمكن لكل من تحلى بقدر من البصيرة أن ينال منها، بقدره، وبقدر ما يملك من وعي وأدوات تمكنه من تجديد وعيه وشحذ هممه وتعزيز ارادته.

في المقابل، من أهم الاخطار التي يمكن أن تترتب على الكف عن مواصلة احياء هذه المحطة – المنعطف، في تاريخ الصراع والمنطقة، وما تخللها من مواقف وأحداث، (بحجة أنه سبق أن تكرر الحديث عنها)، أن هناك أجيالا ستنشأ لا تعرف شيئا عن البطولات والتضحيات والانجازات التي تحققت، وسيحرم هؤلاء من المخزون المعرفي الذي كان يفترض أن يحصنهم في مواجهة حملات التعمية والتشويه، التي تتعرض لها كل الانجازات والمحطات التي مرت بها المقاومة بشكل عام، والمقاومة الاسلامية بشكل خاص.

من أبرز المحطات التي مرت بها الحرب الاسرائيلية، في ايامها الاولى منذ ما  بعد نجاح عملية الاسر، أن “اسرائيل” بادرت في اليومين الاولين الى تغيير الاسم الذي أطلقته على عدوانها من “الجزاء المناسب”، الى “تغيير الاتجاه”. أهمية هذا التغير أنه يؤشر الى أهداف تلك الحرب، ويعكس تحولا في القرار والاستراتيجية.

يشير “الجزاء المناسب”، الى أن الضربات الاولى كانت بمثابة ردة فعل على عملية الاسر، ولذلك ركز الاسم على كون العدوان جزاء مناسبا للعملية، وبهدف امتصاص الصدمة التي تلقاها الواقع الاسرائيلي وتعزيز قدرة الردع. لكن بعد التواصل بين واشنطن وتل ابيب، تبدل هدف العدوان الى محاولة إحداث تغيير جذري في الساحتين اللبنانية والاقليمية. بمعنى أنهم استغلوا ما اعتبروه فرصة وفرتها العملية من أجل تنفيذ هجوم اسرائيلي واسع على حزب الله، كان يفترض أن يتم تنفيذه في وقت آخر. وبات شن هذا الهجوم ملحاً في أعقاب فشل الرهان الاميركي على مفاعيل وتداعيات اخراج الجيش السوري، وعلى الداخل اللبناني، في نزع سلاح حزب الله. وبرزت هذه المفاهيم والاهداف في مواقف رئيس الوزراء الاسرائيلي في حينه، ايهود اولمرت الذي أعلن امام الكنيست في 19 تموز، أن “الشرق الأوسط بعد الحرب لن يكون كما كان قبلها”، وفي الموقف الشهير لوزيرة الخارجية الأميركية، آنذاك، كوندوليزا رايس التي ربطت بين الحرب الإسرائيلية وإنتاج شرق أوسط جديد.

المحطة الابرز والاهم في الايام الاولى للحرب، تمثلت في حرص “اسرائيل” على أن توجه ضربة خاطفة لقدرات حزب الله الصاروخية الاستراتيجية، وهو ما أطلقت عليه في حينه عملية “الوزن النوعي”. وبدا واضحا أن الاسرائيلي استند الى تقدير مفاده أن نجاح هذه العملية الجوية سيسلب حزب الله القدرة على الرد في العمق الاسرائيلي. وفي المقابل، سيطلق يد “اسرائيل” في الضغط العسكري التصاعدي ضد العمق اللبناني. امام هذا الواقع المفترض، بحسب المخطط الاسرائيلي الاميركي، كان ينبغي أن يضطر حزب الله الى التسليم بالشروط الاسرائيلية أو سحقه، وبالتالي نجاح المخطط الاميركي في لبنان والمنطقة، الذي كان يفترض أن يؤدي الى اعادة انتاج واقع سياسي استراتيجي في لبنان والمنطقة.

لكن مكمن فشل العدوان الاسرائيلي، ومن ورائه المخطط الاميركي، هو أن حزب الله أجهض الاندفاعة الاسرائيلية عبر سلب ما كان يفترضه مفاجأة “الوزن النوعي” التي حوَّلها، بحسب ما اعلن أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله لاحقا، الى “وهم نوعي”. وهو ما أثبتته التطورات اللاحقة عندما تواصل استهداف حزب الله بالصواريخ للعمق الصاروخي وصولا الى اليوم الاخير، وكانت المفاجأة والصدمة الاولى بعد “الوهم النوعي”، للقيادة والجمهور في “اسرائيل”، تمثلت بتساقط الصواريخ على مدينة حيفا بدءا من 16 تموز، بعدما كان يفترض أن سلاح الجو الاسرائيلي دمر القدرات الصاروخية لحزب الله.

قد يعجبك ايضا