كيف نقيّم تجربةَ أَنْصَار الله السياسية؟ (1)
موقع أنصار الله || مقالات ||بقلم /عبدالملك العجري
في حين يصارِعُ الشعبُ اليمني، وفي طليعتهم أَنْصَار الله، العالَــمَ؛ ليبقى شامخاً, وفي الوقت الذي أنت تسخّر كُلّ طاقتك البشرية والاقتصَادية والسياسية والعسكرية لمواجهة أعنف وأشرس حرب كونية لتركيع اليمن، تنهال عليك سياطُ الجلّادين من كُلّ نوع، جلادي العدوان، وجلادي الثورة المضادّة، المأجورين، الطامحين المحبطين والمناضلين المزيفين… إلخ.
[أَنْصَارُ الله خربوا الدولة المدنية، أَنْصَار الله فشلوا في إدَارَة مُؤَسّسات الدولة، أَنْصَار الله كهنوتيين عنصريين، أَنْصَار الله يمارسون الاقصاء، أصحاب الحوثي فاقوا السابقين في الفساد تملكوا الفلل، سرقوا البنك، فتحوا سوق سوداء، جوّعوا وحاصروا الشعب، رفعوا أسعار البترول، قطعوا المرتّبات، موتوا الشعب بالكوليرا، انتهكوا حريات الاعلام الحقوق المدنية، ما الذي عملتموه يا حوثيين غير أنكم خربتم أم أُمّ الدنيا، وحوّلتم اليمن لنَصَع].. وغير ذلك من إشكال العنف الرمزي والتبخيس والتتفيه والتسفيه لتجربة أَنْصَار الله والقوى الثورية لانتفاضة 21 من سبتمبر.
الأنكى من ذلك سياطُ الثوري الحالم أَوْ المثالي مَن يقف على تكّة الطهر الثوري، يراقبك وأنت تتحَـرّك لتثبيتَ قدميك على أرض، تمور باضطرابات تميد بإرم ذات العماد!!، ثم لا يغفر لك أية عثرة، ويطلبُ منك أن تزنَ كُلّ خطوة تخطوها بالقسطاس المستقيم!، يرهقُك بالماينبغيات, من إصْلَاح شامل إداري وسياسي ومكافحة الفساد وبناء مُؤَسّسات دولة وما يعتقدونه قُصوراً أَوْ تقصيراً في التحقيق الكلي المتزامن لأَهْــدَاف ووعود 21 سبتمبر.
بلاءٌ عظيمٌ امتحن به أَنْصَار الله: فجور العدوان وخذلان بعض الأَصْدقَاء.
* * *
تجربة أَنْصَار الله السياسية بين نارين.. ما يجب وما يمكن
هناك فريقٌ لديه موقفٌ مسبقٌ من أَنْصَار الله، لا يمكنُ أن يتزحزحَ عنه، ومن الأفضل أن ندعَهم للأيام وَنركّزَ على القضية محل الخلاف، وهي كيف يمكن أن نحاكِمَ تجربة أَنْصَار الله؟
في تقييمِ تجربة أَنْصَار الله السياسية هناك مقياسان الأول مثالي على أَسَـاس ما ينبغي، والآخر واقعي على أَسَـاس ما يمكن.
باعتقادي أن كَثيراً ممن الانتقادات التي تُوجَّه لأَنْصَار الله تعودُ للمقاربة المثالية لتجربتهم على أَسَـاس ما ينبغي من دون التفات إلى الواقع المثقل بالتناقضات المحلية والإقْليْمية، وينظُرُ لعملية التغيُّر فعلاً إرادوياً، وللثورة باعتبارها فكرةً أَوْ إرَادَةً سحرية كبرى متفلتة من كُلّ الشروط الاجْتمَاعية والسياسية؛ ولذلك يستعجلون من الثورة أن تُلغيَ الزمان وَتنقل الشعب على بساط الريح من مرحلة لمرحلة ومن نظام لنظام ومن واقع لواقع في غمضة عين، وبمجرد أن ينتهيَ شهرُ العسل الثوري يرتطمُ هؤلاء بصعوبات الواقع وأحياناً مستحيلاته كما يقول هيكل, ومن هنا مشكلةُ البعض مع تجربة سلطات 21 سبتمبر وهي تواجِهُ سلسلةً من المتاعب والصعوبات والتعثرات، ربما لم يكونوا قادرين على تحسُّبها، وسَرعانَ ما يصيبهم اليأس والقنوط ويعلنون الهزيمة ويستعجلون في الحكم على نتائج التغيير الذي حصل في سبتمبر، والثورة المضادّة والقوى الرافضة للتغيُّر المحلية والإقْليْمية، تستغلُّها لتعميق حالة اليأس والإحباط وتحميل تبعاتها لقوى التغيير وعلى رأسها أَنْصَار الله.
المفكرُ الثوريُّ اللبناني، مهدي عامل، يصفُ الثورة أي ثورة: “بأنها طمي الأرض لا يعرفها من يخاف على يديه من وَحْل الأرض. وكيف تكون الثورة نظيفة، وهي التي تخرُجُ من أحشاء الحاضر متُسّخةً به، وتهدمه وتغتسل بوعد أن الإنْسَان جميلٌ حُر”.
وعلى هذا الأَسَـاس فَإن التقييمَ الصحيحَ والمنصفَ لتجربة أَنْصَار الله هو بالموازنة بينَ ما يجبُ وما يمكنُ ومقاربتُها في سياق ظروفِ الواقع المحلي ومحيطها الإقْليْمي والدولي.. سنتناوله -إن شاء الله- بالتفصيل في الحلقة الثانية.