حرب 2006: انكسار الاندفاعة الابتدائية لجيش العدو

 

موقع أنصار الله  || صحافة عربية ودولية ||جهاد حيدر/ العهد الاخباري

 

لم يقتصر الفشل والهزيمة التي تلقاها جيش العدو خلال حرب تموز 2006، على محطة دون أخرى. بل كان مسارا تراكميا تمخض عنه فشل الحرب على المستوى الاستراتيجي أقرت به لجان التحقيق العسكرية، ومعها لجنة فينوغراد. وتبلورت بفعل هذا الفشل، وفي ظله هزائم استراتيجية للمعسكر الاقليمي – الدولي الذي تنتمي اليه “اسرائيل”. ويمكن تلمس خطورة وحساسية المشهد الميداني خلال الحرب من خلال ادراك أن نجاح العدو في العديد من المحطات الأساسية فيه كان يمكن أن يغير مجرى الحرب.

 

لا تقلّ مفاعيل ودلالات فشل العدو في استهداف مقرات القيادة والسيطرة لحزب الله، عن فشل عملية “الوزن النوعي”. وهو ما برز لدى استهداف مقرات مجلس الشورى والعديد من الاستهدافات الاخرى التي كان يفترض أن تؤدي الى تغيير المعادلة في الحرب. خلفية هذا النوع من الاستهدافات وأهدافه تبرز في استحضار تجارب الحروب السابقة التي شنها العدو نفسه، وغيره من الجيوش والدول الاخرى، التي أدى فيها استهداف مقرات القيادة والسيطرة الى هزيمة العدو، أو اخضاعه. ويكفي أن نقوم بتمرين ذهني نفترض فيه نجاح العدو في استهداف هذه المقرات، وما كان يمكن أن تؤدي اليه من تداعيات على مجرى الحرب.

ضمن الاطار نفسه، يندرج فشل العدو ايضا في تحقيق ما كان يأمله من استهداف “بنك الأهداف” العسكرية الذي تم استنفاده في الايام الاربعة الاولى من الحرب. مع الاشارة الى أن هذا البنك عكفت على جمعه الاجهزة الاستخبارية الاسرائيلية طوال السنوات التي خلت. وفي حينه بلغ الصلف برئيس اركان الجيش دان حالوتس، ومن ورائه القيادة السياسية أن رفضوا اقتراح وقف الحرب، بعدما تم ابلاغه من قبل ضباط كبار في هيئة الاركان، من ضمنهم رئيس شعبة العمليات في حينه اللواء غادي ايزنكوت (رئيس الاركان الحالي)، أن بنك الاهداف العسكرية قد تم استنفاده.

 

بعد سلسلة من المحطات التي شكلت ذروة الاندفاعة الابتدائية لجيش العدو، توالت المفاجآت التي كان يحتفظ بها حزب الله. في الواقع، كانت المفاجأة الاولى فشل عملية الوزن النوعي، لكن في حينه لم يدرك العدو فشله، بل كان يظن بأن ضربته الجوية حققت اهدافها. لذلك، فإن المفاجأة الاستراتيجية الاولى، التي حضرت بقوة في الرأي العام، كانت استهداف البارجة الحربية الإسرائيلية “ساعر”، التي رسخت في وعي واذهان الشارعين اللبناني والعربي، ومعهما الشارع الاسرائيلي ايضا. وأقل ما يمكن وصف نتائج هذه الضربة غير المسبوقة في تاريخ الصراع به، أنها شكلت مفاجأة مفاهيمية وعملانية بالنسبة للمؤسسة الاسرائيلية، بكافة عناوينها السياسية والعسكرية والاستخبارية.

ومردّ ذلك أن القيادة الإسرائيلية استبعدت في حينه إمكانية أن يملك حزب الله قدرة تكنولوجية وعسكرية، بهذا المستوى المتطور، وأن يتمتع كوادره بكفاءات تمكنهم من استخدام ناجع لهذه التكنولوجيا.

وكدلالة على حجم المفاجأة لدى قادة العدو أن سيناريو كهذا كان خارج تصورات قيادة البحرية آنذاك. وهو ما اعترف به قائد سلاح البحرية في حينه، اللواء ديفيد بن بعشط، الذي رأى “أننا كنا أسرى المفهوم الخاطئ”.

 

وترتفع وتيرة الصدمة عندما ندرك ايضا أن البارجة “ساعر”، كانت من ضمن ثلاث قطع شكلت في حينه العمود الفقري للقوة البحرية الإسرائيلية. وبالنتيجة، نجح حزب الله منذ الايام الاولى من الحرب في تحييد سلاح البحرية، بالمعنى الاستراتيجي.

ايضا، بدأت الشكوك تراود الجهات المهنية والسياسية وحتى الجمهور الاسرائيلي، بمدى نجاح الضربة الجوية الخاطفة الاولى، عندما أخذ رد حزب الله بالتصاعد ضد العمق الاسرائيلي، وتمثل ذلك في المحطة الاولى بصدمة استهداف مدينة حيفا بصليات من الصواريخ التي تواصلت لاحقا حتى نهاية الحرب.

قد يعجبك ايضا