“عملية حلميش”.. مقاومة تتخطى “البوابات”
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||محمود عمر/ الاستقلال/
جاءت “عملية حلميش” البطولية التي أدت إلى مقتل ثلاثة مستوطنين الجمعة الماضية، لوضع النقاط على الحروف ولإفشال مخطط حكومة الاحتلال الإسرائيلي بوضع بوابات إلكترونية أمام المسجد الأقصى المبارك في شكل من أشكال تغيير الوضع القائم وفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة.
وكان الشاب عمر العبد (19 عاما) نفذ مساء الجمعة الماضية، عملية طعن في مستوطنة حلميش الواقعة شمالي رام الله، ما أدى إلى مقتل 3 مستوطنين وإصابة منفذ العملية برصاص الاحتلال.
وأشادت فصائل المقاومة الفلسطينية بعملية الطعن التي نفذها الشاب العبد، فيما كشفت وصيته أنه قام بعمليته نصرة للمسجد الأقصى.
وقال العبد في وصيته إنه شاب لديه أحلامه التي قال إن الاحتلال يقضي عليها، لكنه حسم أمره وانطلق في عمليته نصرة للمسجد الأقصى، واحتجاجا على ما يتعرض له على يد الاحتلال الإسرائيلي.
وتأتي هذه العملية في اليوم الذي قتلت فيه قوات الاحتلال ثلاثة فلسطينيين خلال تظاهرات رافضة لإغلاق المسجد الأقصى المبارك، ووضع بوابات إلكترونية أمام أبوابه، في أعقاب تنفيذ ثلاثة فلسطينيين عملية إطلاق نار في محيط الأقصى أسفرت عن استشهادهم ومقتل شرطيين إسرائيليين.
مخطط لن يمر
الشيخ عمر الكسواني مدير المسجد الأقصى المبارك، رأى أن عملية حلميش رد فعل طبيعي إزاء ما تقوم به سلطات الاحتلال في المسجد الأقصى الذي يعد أقدس المقدسات الإسلامية في فلسطين.
وقال الكسواني لـ”الاستقلال”: “من الطبيعي أن تثير إجراءات الاحتلال ثورة داخل الشباب الفلسطيني، ومن الطبيعي جداً أن يكون مقابل هذه الإجراءات، عمليات مقاومة وثأر فلسطينية، فطيلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، نجح الفلسطينيون في الثأر لأنفسهم من جرائم التنكيل التي تمارسها سلطات الاحتلال بحقهم”.
وبيّن أن مسألة تركيب بوابات إلكترونية حول المسجد الأقصى ومنع الناس من دخوله إلا من خلالها، “مسألة في غاية الألم وفي غاية الخطورة، حيث كانت حكومة الاحتلال قد ناقشت وضع هذه البوابات أمام الأقصى خلال الأعوام السابقة ولم يكن لديهم الجرأة على فعل ذلك وكان قادة الاحتلال يبحثون عن مبرر بشكل متواصل من أجل وضع هذه البوابات وكانوا ينتظرون الفرصة المناسبة”.
وأوضح الكسواني أن سلطات الاحتلال تريد من خلال وضع هذه البوابات فرض السيطرة الكاملة على المسجد الأقصى، وتقليل حجم الوجود الإسلامي في باحاته لصالح الوجود اليهودي، بما يصب في إطار مخططات الاستيلاء على الأقصى.
وأضاف “هذه البوابات هي تغيير للوضع القائم في المسجد الأقصى، وهي مرفوضة وتتعارض مع حرية العبادة «مشيراً إلى أن ردة الفعل الفلسطينية بشكل عام والمقدسية بشكل خاص، جاءت لوقف الاحتلال عند حده ولردعه عن القفز خطوة أخرى لتحقيق غايته الكبرى بطرد المقدسيين من القدس وتهويد مقدساتهم».
وأكمل الكسواني: “إن معركتنا مع الاحتلال هي معركة وجود وعقيدة، معركة تدار بأدوات إسرائيلية خبيثة هدفها تفريغ الأرض من أصحابها الأصليين، ولكن بوعي شبابنا وحكمة شيوخنا وصلابة رجالنا ونسائنا لن يتمكن الاحتلال من تحقيق غايته “.
صب الزيت على النار
من جهته، يرى المحلل السياسي المتخصص في الشأن الإسرائيلي، وديع أبو نصار، أن عملية حلميش أربكت حسابات الاحتلال الإسرائيلي حيال وضع البوابات الإلكترونية أمام المسجد الأقصى، معتبراً أن وضع هذه البوابات بمثابة “صب الزيت على النار”.
واستبعد أبو نصار خلال حديثه مع “الاستقلال”، أن يستمر العمل بهذه البوابات التي رفضها المقدسيون، خاصة وأنها وفرت سبباً إضافياً أمام الفلسطينيين لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية.
وقال أبو نصار: “العملية حملت أبعاداً عديدة، أولها أنها انطلقت من مدينة رام الله مقر مقاطعة السلطة الفلسطينية التي تسعى للسلام مع الإسرائيليين، ثم أنها نُفذت داخل مستوطنة مقامة على أراضٍ فلسطينية خاصة، كما أن هذه العملية جاءت عقب استشهاد 3 فلسطينيين في القدس خلال مواجهات دارت الجمعة الماضية”.
وأضاف: “كل هذه النقاط منحت العملية غطاء الحق والقوة، وخففت من حدة استغلالها من قبل الإعلام الإسرائيلي، كما أن هذه النقاط لم تمنح الحكومة الإسرائيلية ذريعة لتسويق هذه العملية دولياً، وهذا يجعلنا نقول إن إسرائيل فشلت سواء في تمرير مخطط وضع البوابات الإلكترونية أمام الأقصى، أو في التعامل مع هذه العملية”.
وبيّن أبو نصار أن السلطة الفلسطينية فشلت أيضاً في إحراز النقاط وتسجيل الأهداف من خلال هذه العملية، “فبدلاً من أن تطبق إعلانها بوقف التنسيق الأمني نتيجةً لقمع الاحتلال المقدسيين، وجدت ثغرات وأبواباً أخرى لممارسة هذا التنسيق مع الاحتلال، الأمر الذي أفقدها القدرة على أن يكون لها موقف سياسي يحقق أهدافاً على الصعيد الوطني”.
وإزاء فشل “إسرائيل” باستغلال عملية حلميش دولياً، دعا المحلل السياسي السلطة الفلسطينية لاستغلال المخطط الإسرائيلي بوضع البوابات على المسجد الأقصى وتدويله عالمياً، نظراً لحساسية هذا الفعل وانتهاكه للحقوق الدينية والإنسانية والأعراف الدولية.