شِدوا الرِحَال الى مَسجِدكُم!..
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||محمود سلامة سعد الريفي/ وكالة القدس للأنباء
“لا حق للإرهابين العرب والقتلة الفلسطينيين “بأورشليم” وحائط المبكي المقدس وعلينا ان نعيد بناء هيكلنا المقدس هنا من جديد”، هذا ما يؤمن به شلومو وديفيد ونتاشا ممن جاؤوا مستوطنين من بلاد بعيدة تنطلق مفاهيم هؤلاء الغزاة العراة من عنوان الصهيونية وشعار اليهودية المتطرفة التي لا تعترف بالوجود العربي الفلسطيني بمسلميه ومسيحييه على ارض فلسطين وفي المدينة المقدسة الزاخرة بالمقدسات الاسلامية والمسيحية.
وعلي الدوام شكلت القدس والمسجد الأقصى مركزا للصراع الكوني، وتاريخياً لا حق بالمطلق لليهود في القدس ولا في المسجد الأقصى المبارك، هي ارض اسلامية ومسجدها المبارك يدحض خرافاتهم واسفارهم ومعتقداتهم هو الشاهد على رحلة الاسراء والمعراج وموطئ قدم نبي الأمة “محمد بن عبدالله صل الله علية وسلم”، برهان كاف وخير دليل ما أنزله الله في كتابه العزيز وذكر في اكثر من محل المسجد الأقصى واكنافه في اشارة واضحة لا تقبل التأويل لإسلامية القدس ومساجدها والمكانة السامية والمقدسة للمسجد كأولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، الدفاع عنه جزء من عقيدة الاسلام والمسلمين الراسخة مهما كلف الامر من ثمن، سيكون رخيصاً امام طهارة وقداسة المكان بقيمته المادية والمعنوية كمعلم اسلامي مقدس والاكثر طهارة وقداسة بعد بيت الله الحرام اللذان شهدا علي رسالة السماء الي الارض.
على كل المسلمين شد الرحال الية ونصرته وحمايته من الاقتحام والتدنيس ومحاولات تهويده المتواصلة وفك اسره ومنع تقسيمه هذه مسؤولية دينية واخلاقية وروحية لا تقف عند المقدسين والفلسطينيين وحدهم، وان كان لهم شرف الدفاع عنه والموت على اعتابه وانما واجب الامة الاسلامية اليوم ان تنهض من كبوتها وتستجمع قوتها لتدافع عن شرف الأمة وقدسها ومقدساتها امام الهجمة الاحتلالية المستعرة يقودها اليمين المتطرف ويدعمها غلاة المستوطنين والاحزاب الدينية التلمودية المتطرفة.
لم تتجرأ دولة الاحتلال على وضع البوابات الالكترونية حول المسجد الأقصى المبارك الا بسبب حالة الوهن العربي السائدة وانقسام الفلسطينيين الأمر الذي اثر بشكل واضح على مواقفنا وردود افعالنا تجاه ما تقوم به دولة الاحتلال من قتل وتنكيل وتدنيس للمقدسات ونهب للموارد ومصادرة للأرض. استطاعت هبة القدس ان ترمم ردود الفعل وتوجيه البوصلة نحو الاحتلال ومواجهة اجراءاته القمعية وسياساته العنصرية بحق المسجد الأقصى المبارك والمدينة المقدسة ومواطنيها وخلق واقع جديد يمتلك زمامه الفلسطيني ويقف نداً اعزلاً في مواجهة اجراءات فاشية فرضها على المسجد الأقصى بعد تنفيذ ثلاثة من فلسطينيي الداخل المحتل (من مدينة أم الفحم) عملية عسكرية عند اسواره استغلتها دولة الاحتلال لتنفيذ مخططها التهويدي التلمودي والهيمنة عليه وتقييد الدخول الية من خلال اتباع اجراءات صارمة بدأتها بإغلاق المسجد امام رواده ومنع الصلاة فيه من خلال احاطته ببوابات الكترونية لتفتيش المصلين وكشف اي اسلحة تدخل باحات الحرم المقدسي!.. ما دفع بالمدينة المقدسة نحو تفجر الاوضاع وتعاظم كرة اللهب وخروج الاوضاع الامنية عن دائرة السيطرة، وهذا ما لم يكن متوقعا، ومثل فشلا ذريعا لأجهزة الامن الاحتلالية واخفاق في تقدير الموقف!.. على اعتبار ان الامر سيتعاطى معه المقدسيون والفلسطينيون!..
لكن تطور الاحداث بشكل دراماتيكي الى صدام برهن على حقيقة ان الوضع في القدس وحول المسجد قابل للاشتعال السريع وقد تمتد النيران الى ابعد من ذلك حينها لا يمكن السيطرة على الحريق وانتشاره في كل الاتجاهاتّ.. ولا يمكن المرور على ما يحدث في الاراضي الفلسطينية المحتلة وتحديداً مركز الاحداث في المدينة المقدسة وحول مسجدها الأقصى دون تسليط الضوء على قراءة ما يحدث حيث
– فشلت دولة الاحتلال وعلى رأسها اليمين المتطرف وغلاة المستوطنين في تمرير مخطط السيطرة على المسجد وتقسيمه زمانيا ومكانيا كما حدث سابقاً مع المسجد الابراهيمي في مدينة الخليل الفلسطينية المحتلة على اثر مذبحة الحرم منتصف شهر رمضان من العام 1993م.
– اثبتت الهبة الجماهيرية ان الشعب الفلسطيني شعب حي وعوامل ومقومات وحدته تفوق كثيرا بقاء انقسامه الى الابد وان الهم واحد والمصاب واحد وواجب الدفاع عن الارض والمسجد يجتمع حوله كل فرقاء السياسة والمتخاصمين والخصوم. وانه بالإمكان انهاء الانقسام الفلسطيني وطي صفحة سوداء من تاريخ الشعب الفلسطيني جاءت وبالاً عليه واثرت على قضيته العادلة ومعركته العادلة مع الاحتلال المغتصب استفاد من استمراره ويسعي جاهداً لبقائه!.. ان الاوان لينتهي الانقسام البغيض وتوحيد الجهد والادوات والطاقات والامكانات المتعددة والمتنوعة بما يخدم نضال الشعب الفلسطيني وتحقيق حريته وانهاء الاحتلال.
– جماهير القدس المحتلة يقفون في الصف الاول دفاعا عن المسجد الأقصى المبارك. وفشلت رهانات واجراءات دولة الاحتلال العنصرية التي تتبعها منذ 5 عقود بحق المدينة المقدسة ومواطنيها من نزع الارتباط الفطري والعضوي بالمدينة ومسجدها ويحسب لصمودهم الف حساب امام اجراءات قاسية ومجحفة يتحداها المقدسيون طالت كل مناحي حياتهم وحقوقهم واثبتت فشلها من النيل منهم!..
– الهبة الجماهيرية في القدس وفي الاراضي الفلسطينية ارسلت رسائل عديدة لم تتوقف عند دولة الاحتلال بل تعدتها الى اطراف عدة نال الادارة الامريكية قسطاً منها التي وعدت الكيان المحتل بنقل سفارتها الى مدينة القدس على اعتبار انها عاصمة دولته وان امر النقل مسألة وقت وغالباً ما اكدت علية الخارجية الامريكية وحتى وقت قريب!..
لكن على ما يبدو مع الوضع القائم وحجم الاستنهاض والزخم الشعبي الرافض لإجراءات الاحتلال تجاه المسجد سيكون على امريكا ان اقدمت علي ارتكاب حماقة بنقل سفارتها الى القدس تحمل تداعيات النقل!.. الامر ان حدث سيصب مزيداً من الزيت على النار المشتعلة، على اعتبار ان القدس عاصمة الفلسطينيين الابدية ولا دولة بدونها لم يعد مجرد شعار فقط!.. والاعتراف الدولي بها جاء واضحاً وصريحاً ولا يقبل التأويل وفق ما صدر عن الامم المتحدة وهيئات ومؤسسات دولية اخرى، تتبع لها، تعتبر القدس ومقدساتها اراضٍ احتلت عام 1967م، ومنها اليونيسكو، التي اقرت بحق الشعب الفلسطيني بالمسجد الأقصى المبارك وان لا حق لليهود فيه او بأي من معالمه ما يدحض الرواية الاحتلالية بحق اليهود بالمسجد وحائط البراق يطلقون علية “حائط المبكي”.
– ما اقدمت علية سلطات الاحتلال من اجراءات تعسفية وعنصرية بحق مسرى نبي الأمة صل الله علية وسلم استفز واستنفر الشعوب العربية وهذا ما لم تتوقعه على اعتبار ان الدول العربية منشغلة بأوضاعها الداخلية وتتسابق حكوماتها للتطبيع مع دولة الاحتلال!.. لكن الوقائع على الارض اثبتت عكس ذلك!.. ظهر ذلك من حجم التفاعل والاستنكار لما اقدم علية الكيان المحتل ودللت تظاهرات الغضب ورد الفعل غير المتوقع على ان الشعوب العربية لازالت بخير ويمكن استنهاضها والتعويل عليها وان حب فلسطين حاضر والقدس ومسجدها حاضرين في وعي ووجدان وقلوب الشعوب العربية، وان الرهان عليها لا يخسر بالمطلق، على عكس حكوماتها، ما يضع التطبيع مع دولة الاحتلال في مهب الريح، وما يؤكد ذلك البرهان بالدليل القاطع الذي يعكسه التطبيع غير المكتمل والمنقوص رغم مرور عقود على اتفاقيتي “السلام” بين مصر والاردن من ناحية، ودولة الاحتلال من ناحية اخرى، رغم محاولات الاخيرة تحقيق تطبيع شامل وارساء علاقات بمجملها تقتصر على الحكومات الرسمية دون امكانية التطبيع مع الشعوب التي تناصب دولة الاحتلال العداء ولا تستسيغ وجودها واعتبارها جسم غريب عن الدول العربية كانت ولازالت سبباً في معاناة شعب عربي احتلت ارضه وطردته واقامت كيانها على انقاضه وهذا ما لا يمكن اغفاله او نسيانه بالتقادم.
– الرهان الراسخ والحقيقي والمتين والقوي والعميق يكون على وحدة الشعب الفلسطيني بكافة اطيافه السياسية وانتماءاته الحزبية اولاً!.. وأي رهانات أخرى على تحالفات اقليمية لن تخدمنا كفلسطينيين! والان الكل الفلسطيني مطالب بموقف وطني جمعي يرتقي الى مستوي الحدث ومواجهة ما تتعرض لها المدينة المقدسة ومقدساتها من هجمة شرسة تستدعي توحيد الصف الوطني ونبذ أي خلافات وتوجيه البوصلة من جديد نحو من يحتل الارض وينكل ويقتل ويستبيح الحرمات والمحرمات ويدنس المقدسات ويفرض قيودا عنصرية على مقدساتنا ومساجدنا، مستفيدين من الزخم الجماهيري وحجم الحراك الشعبي المعبر عن عروبة القدس والرافض لأي اجراءات احتلالية تهدف الى تغير الواقع القائم في المسجد ومحيطه، سواء كان بتركيب البوابات الالكترونية التي تسببت بتفجر الاوضاع الامنية او استبدالها بأي وسائل تقنية اخرى، مهما كانت يرفضها الفلسطينيون ولا يمكن تمريرها!..
هذا ما تحاول سلطات الاحتلال القيام به للتخفيف من حالة الاحتقان السائدة ولكن الامر عبثاً لن يهدأ ويتجه نحو مزيد من التصعيد وانفجار الوضع الميداني الى نقطة يصعب الرجوع عنها امام تعنت وصلف قادة الاحتلال وهنا الاختبار الابرز للقوى والفصائل والفعاليات الشعبية والرسمية الفلسطينية وامام ذلك فرصة تاريخية سانحة لتطبيق عاجل وفوري للدعوات بتحقيق الوحدة وترجمة التصريحات والاقوال الى فعل لو تم من المؤكد سيحدث تغييرا ويخلق حالة من التوازن والقوة والزخم في التصدي لسياسات الاحتلال وغطرسته واجراءاته ليس في القدس المحتلة وما يتعرض له المسجد الأقصى المبارك فقط… وانما تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وتبني مواقف ثابتة وموحدة وراسخة ستؤثر ايجاباً علي الحالة الفلسطينية وتدعم المشروع الوطني التحرري وانتزاع الحقوق الوطنية الثابتة