الجاسوس الأمريكي “سكوت دارن” اعتنق الإسْلَامَ ودرس اللغة العربية في السعوديّة وعمل باليمن بالتزامن مع وجود 125 عميلاً أمريكياً صحيفة انفوسبيربر: تفاصيلُ اختراق المخابرات الأمريكية لبعثات الأمم المتحدة في اليمن
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||
صحيفة “انفوسبيربر” السويسرية-
ترجمة/ هاشم المطري: صدى المسيرة
تستغلًّ الولاياتً المتحدة مشاريعَ الإغاثة الإنْسَانية كغطاءٍ لمشاريع عسكرية. تقرير عن حادثة تم كشفها للرأي العام.
يتكرر بصورة مستمرة اختطاف رعايا غربيين ظاهرُهُ تعسفي في المناطق التي تشهد مواجهات عسكرية. السيد “سكوت دارن” كان ممن حالفهم الحظ. فقبل عامَين تم إطلاق سراح السيد دارن من السجون اليمنية بعد أن قضى فيها ستة أشهر. السيد دارن مواطن أمريكي الجنسية عمل لصالح منظمتَي إغاثة بناءً على تكليف من شركة دعم لوجستي متخصصة بالأعمال الاستخباراتية. اليوم كُشف على الملأ أن دارن كانت لديه وظيفة أخرى بجانب عمله لصالح منظمة اليونسيف ومنظمة الصليب الأحمر الدولية، الوظيفة التي كشف عنها اليوم تمثلت في نشاطه لصالح الجيش الأمريكي. حيث ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن منظمات الإغاثة تلك لم تكن على علم بذلك أبداً.
تجاهل كُلّ التحذيرات:
كان يعمل السيد دارن في شركة “ترانساوشن للتنمية “وقد سافر إلى اليمن في شهر مارس 2015 – بعدها بأيام قليلة تم اختطافه. لقد تجاهل كُلّ التحذيرات من الوضع غير الآمن في ذلك البلد وكان التوقيت غير مناسب. فمع انطلاق عملية عاصفة الحزم في تأريخ 26 مار س 2015 نشبت الحرب اليمنية المستمرة إلى يومنا هذا ويحظى التدخل العسكري للتحالف الذي تقوده السعوديّة بدعم الولايات المتحدة الأمريكية. في 27 مارس 2015، تواصل دارن مع سام فارن، الخبير الأمني في شركة ترانساوشن للتنمية والموظف السابق في السفارة الأمريكية التي أغلقت في شهر فبراير 2015. عندها عمل سام فارن على وَضْع دارن في بيت آمن وبعد ساعات قليلة تم اختطاف كلا الرجلين أَوْ- إن صح القول- تم القاء القبض عليهما. وفي تأريخ 20 سبتمبر تم الإفراج عن كليهما. أما شركة ترانساوشن للتنمية، رب العمل التي يعمل فيها دارن، فقد ذكرت أنه جزء من عمل دارن في التنسيق الدولي في اليمن تمثل في تخزين ونقل المواد الإغاثية في اليمن. الأمر الذي لم تذكره الشركة هي العقود السرية لها مع الجيش الأمريكي في نقل المواد العينية لصالح قوات النخبة الأمريكية في اليمن، وهذا كانت مهمة دارن.
يجبُ أن تكونَ هناك جهة ما للقيام بذلك:
إن شركة الخدمات اللوجستية “ترانساوشن للتنمية” ومقرها في ولاية نيو اورليانز الأمريكية هي واحدة من الشركات القليلة التي تنشط في الأماكن الأَكْثَر خطورةً في العالم، وتعمل على تقديم الدعم اللوجستي هناك. تنشط هذه الشركة في الإمداد الإغاثي لصالح السكان المنكوبين في مناطق النزاع وتشكل في نفس الوقت حلقةً في شبكة لإدَارَة العمليات العسكرية السرية ضمن أسلوب “أقتل أَوْ اعتقل”. تحدث السفير السابق في اليمن جيرالد فايرستاين لصحيفة نيويورك تايمز “إن مثل هذا الدور المزدوج لا يعتبر بأي حال من الأحوال أمراً غير مألوف”. فليس هناك شركات عدة يمكن أن توفر هكذا خدمة في تلك الأماكن مثل اليمن. بعبارة أخرى يجب أن تكون هناك جهة أَوْ شخص ما للقيام بهذه المهمة.
المتعاونون مع الجيش الأمريكي
إنه ليس من غير المألوف أَيْضًا أن يعتمد البنتاغون أَوْ وحدات التجسس الأميركية على مواطنين أمريكيين، مثل دارن؛ لنقل الأموال أَوْ المواد. السيد دارن من مواليد ولاية فلوريدا اعتنق الديانة الإسْلَامية ودرس اللغة العربية في المملكة العربية السعوديّة ويتحدث تلك اللغة بطلاقة. عمل دارن في الكويت في مهمة الدعم العسكري من خلال تعاقده مع شركة ميرسك للنقل والخدمات اللوجستية. ناشطو الإغاثة والمستشارين، من أمثال السيد دارن، يعملون مع الآلاف في مناطق لا يسود فيها أي قانون نوعاً ما، مثل الصومال وليبيا، وكما هو الحال أَيْضًا في اليمن، حيث تنشط هناك الولايات المتحدة الأمريكية. لقد كان يعمل في اليمن حتى لحظة اعتقال السيد دارن ما يقارب “125 خبيراً في العمليات الخَاصَّة”. السفير السابق فايرستاين عبّر لصحيفة نيويورك تايمز بقوله “ومع ذلك فإن هذا الوضع تسبّب في قلة رغبة كثير من المتطوعين؛ بسبب هذه المهام”، واستطرد أَيْضًا بقوله ” ليس لي درايةٌ على الإطلاق بعلاقة السيد دارن بالجيش الأمريكي”.
العملياتُ السريّةُ تهدد أعمالَ الإغاثة:
تقوِّضُ الأنشطةُ الاستخباراتية -التي تستغل الإغاثة الإنْسَانية كغطاء- الشعورَ بالثقة بالبعثات الإنْسَانية، ويمكن أن تشكّل خطراً مُميتاً على العاملين في منظمات الإغاثة.
في السابق، كشف جهاز الاستخبارات الأمريكية الـسي. آي. أيه في العام 2011 أنه وظّف طبيباً باكستانيًّا؛ للحصول على الحمض النووي لعائلة أسامة بن لادن، تحت غطاء حملة تلقيح، وقد تعرض الطاقم الصحي في باكستان لهجوم عدواني. بعدها صرّح الـسي. آي. أيه أنه لن يستخدمَ حملات التلقيح كتغطية لأعماله. من غير الواضح ما هي طبيعة الدعم اللوجستي التي كان يوفرها السيد دارن وشركة “ترانساوشن” للجيش الأمريكي، فالعقد بينهم يعتبر سرياً. المتحدث باسم البنتاجون والقيادة العسكرية الأمريكية رفضا الادلاء بأي تصريح لصحيفة نيويورك تايمز حول ذلك، كما رفضا الردَّ على سؤال حول الإجراءات الأمنية التي يخضع لها الناشطون السريون، من أمثال دارن، قبل أن يعملوا مع قيادة القوات الخَاصَّة في مناطق أعالي البحار. الموظفون الحاليون وأيضاً السابقون أدلوا بأقوالهم دون ذكر أسمائهم الحقيقية.
المطالبةُ بسيطرة أفضل على المهام الخَاصَّة:
إن الوضعَ غيرَ الواضح في المعلومات يُثيرُ نسبياً سوءَ الفهم. ولقد اندفع بعض المحامين الأمريكيين؛ بسبب تلك السرية للمطالبة بإعَادَة النظر في نشاط القيادة الخَاصَّة السري.
يقول السيد سيث ماولفون، النائبُ في الكونجرس الأمريكي من ولاية ماساشوستس، والعضو في لجنة الخدمات المسلحة للبرلمان ومن قُدامى المحاربين في حرب العراق “إنه لا توجد هناك رؤية واضحة”. إن منظمات الإغاثة مثل اليونسيف والصليب الأحمر الدولي، بالإضَافَة إلى أن “بعض الجهات الرسمية لم يكن لها علم بذلك”. تقولُ متحدثة باسم الصليب الأحمر الدولي إن “مهمة شركة ترانساوشن محصورة بشدة على انجاز الأعمال الورقية”. لقد عملت الشركة في خدمة الصليب الأحمر كوسيط لدى الحكومة اليمنية؛ بهدف استكمال الوثائق الجمركية.
منظمة اليونسف: لا وجودَ لأيَّة عقود تشكّل خطراً على موظفيها:
تقولُ السيدةُ نجوى مكي، المتحدثة باسم منظمة اليونسف: إن منظمة إغاثة الطفولة كان لديها عقد حتى شهر سبتمبر 2016 مع شركة “ترانساوشن” الأمريكية في اليمن. لم يكنْ للسيدة نجوى أَيْضًا علم أن الشركة تعمل أَيْضًا لصالح الجيش الأمريكي، مضيفةً: “نحن لا نوقع أية عقود تشكّل خطراً على عمالنا أَوْ نشاطنا. أمّا زوجة دارين السابقة فقالت أَيْضًا “إن دارن عاد بكل هدوء إلى منزله ولم يتحدث عن فترة قضائه في السجن واعتقاله من قبل اللجان التابعة للحوثيين إلا القليل فقط. يعيشُ دارن اليوم مع ابنه البالغ 11 عاماً في دُبَي ويسافر كثيراً ويعملُ كمدير للأعمال اللوجستية.